واشنطن توسع عملياتها الخاصة ضد «القاعدة»

القوات الخاصة تنتشر في 75 دولة وتلعب دورا أكبر في الحرب السرية الأميركية

TT

صرح مسؤولون بالإدارة والجيش الأميركي أنه على الرغم من التزام الإدارة الأميركية بالدبلوماسية الناعمة والوجود في مناطق القتال في أفغانستان والعراق، فإنها أمرت بتوسيع نطاق حرب الولايات المتحدة السرية ضد «القاعدة» والمجموعات الأصولية الأخرى.

لتحقيق هذا الهدف شهدت أعداد وميزانية القوات الأميركية الخاصة زيادة كبيرة وباتت تنتشر في 75 دولة في العالم مقارنة بـ60 دولة بداية العام الماضي. فبالإضافة إلى الوحدات التي قضت سنوات في الفلبين وكولومبيا تعمل فرق في اليمن ومناطق أخرى من الشرق الأوسط ووسط آسيا وأفريقيا.

ويعمل القادة العسكريون الأميركيون على وضع خطط لزيادة استخدام مثل هذه القوات في الصومال حيث نجحت الهجمة التي قامت بها إحدى الوحدات العام الماضي في تصفية ما يعتقد أنه زعيم «القاعدة» في شرق أفريقيا. وأن هناك خططا لتوجيه ضربات وقائية أو انتقامية في أماكن كثيرة حول العالم، يمكن تنفيذها لدى اكتشاف مؤامرة أو في أعقاب هجمة مرتبطة بمجموعة معينة.

هذه الزيادة الكبيرة في نشر قوات العمليات الخاصة، إلى جانب تكثيف وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لهجمات الطائرات من دون طيار في غرب باكستان، تمثل الجانب الآخر من عقيدة الأمن القومي بالمشاركة العالمية والقيم الوطنية التي أعلن عنها الرئيس أوباما الأسبوع الماضي.

إحدى ميزات استخدام قوات «سرية» لمثل هذه المهام هي أن عملياتها نادرا ما تخضع لنقاشات عامة، فهجمات الطائرات من دون طيار التي تشنها وكالة الاستخبارات المركزية في باكستان، إلى جانب الغارات الأميركية الأحادية في الصومال والعمليات المشتركة في اليمن، وتقديم الأدوات السياسية الناجحة لرئيس ديمقراطي مثل أوباما تعرض لانتقادات من كل من جانبي الطيف السياسي في الولايات المتحدة بالتمادي أو التهاون في التعامل مع الجماعات المتطرفة.

قال مسؤول عسكري بارز إن الرئيس أوباما سمح بالكثير مما لم تسمح به الإدارة السابقة. وقد أصبح مسؤولو العمليات الخاصة أكثر وجودا في البيت الأبيض عما اعتادوا عليه إبان جورج بوش عندما كان التخطيط للعمليات يتم بواسطة البنتاغون ويرأسها وزير الدفاع أو رئيس هيئة الأركان المشتركة. وقال مسؤول أميركي ثان: «هناك الكثير من التواصل، لكنهم قليلو الحديث عن العمليات ويعملون بصورة أكبر».

وأوضح أن البيت الأبيض طلب بعضا من الأفكار والخطط، حيث اجتمع بنا الرئيس: «قولوا لي ما يمكنكم فعله، وكيف يمكنكم تحقيقه؟».

وذكر أن مهام القوات الخاصة التي طلبتها الإدارة الأميركية تتجاوز نطاق العمليات الأحادية لتشمل تدريب قوات مكافحة الإرهاب المحلية وعلميات مشتركة معها. كاليمن على سبيل المثال حيث نقوم بعمليات هناك.

لعل أصدق وصف لملامح عقيدة الحرب السرية هذه ما جاء على لسان جون بيرنان مدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض الأسبوع الماضي من أن الولايات المتحدة لن ترد فقط بعد وقوع هجمة إرهابية بل ستنقل المعركة إلى حيث توجد «القاعدة» والجماعات التابعة لها سواء كانوا يخططون ويتدربون في أفغانستان أو باكستان أو اليمن أو الصومال أو في أي دولة أخرى.

تلك النبرة في الحديث لا تختلف عن تعهد الرئيس بوش «بنقل المعركة إلى حيث يوجد العدو ومواجهة أسوأ التهديدات قبل وقوعها. وتحولت وحدات القوات الخاصة التي تم استقدامها من الأفرع الأربعة لتصبح السلاح الرئيسي للولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر (أيلول). لكن أوباما جعل هذه القوات جزءا رئيسيا في استراتيجية الأمن العالمية التي صاغها، حيث طالب بزيادة تقدر بـ7.5 في المائة في ميزانية العمليات الخاصة للعام المالي 2011 تقدر بـ6.3 مليار دولار، إضافة إلى 3.5 مليار دولار إضافية لتمويل الطوارئ عام 2010.

وقد انتهت جميع المشاحنات بين وزارتي الخارجية والدفاع حول نشر القوات الخاصة، حيث كان ينظر إليها دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأسبق على أنها قوات مستقلة ووافق على مهمات جمع معلومات استخبارية للقوات الخاصة في بعض البلدان لم يطلع عليها السفراء الأميركيون، لكن الروابط الوثيقة بين وزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مهدت الطريق من أجل التكامل بين الجانبين. ويقول الأدميرال إريك أولسون، مدير قيادة العمليات الخاصة في كلمة له: «هناك وجود واضح لنا في بعض المناطق، لكننا لا نعلن عن وجودنا في بعض الدول احتراما لحساسية الدول المضيفة وفي بعض الدول تتم عمليات القوات بالتنسيق مع السفير الأميركي وبإشراف جنرال من القوات الخاصة».

كان الجنرال ديفيد بترايوس بالقيادة المركزية وغيره من قادة هيئة الأركان المشتركة قد طلب منهم في عهد بوش وضع خطط لاستخدام قوات العمليات الخاصة لجمع المعلومات الاستخبارية وغيرها من جهود مكافحة الإرهاب، ومُنحوا سلطة إصدار أوامر مباشرة. ولكن تلك الأوامر أخذت صيغة رسمية العام الماضي فقط، بما في ذلك توجيهات القيادة المركزية الأميركية التي تحدد العمليات في جميع أنحاء جنوب آسيا، ومنطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط. هذا الأمر الذي كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز»، يشمل جمع المعلومات الاستخباراتية في إيران، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت قوات العمليات الخاصة لا تزال نشطة هناك. وقد أبدت قيادة قوات العمليات الخاصة استياءها من خضوعها للقادة الإقليميين في أفغانستان والعراق العاملين في الميدان. وكانت القوات الخاصة في أفغانستان تحظى بسلسلة القيادة الخاصة بها حتى وقت مبكر من هذا العام، حيث كانوا ينقلون بأمر من القائد العام لقوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هناك الجنرال ستانلي ماكريستال، ونائبه التنفيذي الجنرال ديفيد رودريغيز. وقال أحد المسؤولين بالقوات الخاصة إن: «جميع العاملين في القيادة المركزية الأميركية يعملون تحت إمرة الجنرال ديفيد بترايوس، لكننا نعتقد أن قواتنا العاملة في مسرح الأحداث يجب أن تكون تحت قيادة القوات الخاصة بدلا من رودريغيز، الذي لا يعلم ما نفعل وكيف نقوم به». تلقت القوات الخاصة تدريباتها لسنوات في ثقافات ولغات أجنبية وتعتبر نفسها سلالة أخرى مختلفة عما سموه القوات النظامية. وأشار المسؤول إلى أن جنود القوات الخاصة أحيانا ما يصطدمون بسلطات السفراء الذين يتحكمون في عملية الدخول والخروج من البلاد، إضافة إلى أن عمليات القوات الخاصة في باكستان تعرقلت نتيجة لتأخر الحكومة في إصدار التأشيرات.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»