عُمان توقف صادراتها من النفط والغاز لسوء الأحوال الجوية

السلطنة تعيش يومها الثاني على وقع الإعصار «فيت»

عمانيون يراقبون السيول التي اجتاحت بعض شوارع العاصمة مسقط إثر هطول أمطار غزيرة رافقت مرور الإعصار فيت في الخليج أمس (أ ف ب)
TT

اشتدت حدة الإعصار «فيت» بعد أن دخل الشواطئ العمانية وهطلت الأمطار بغزارة في مناطق مختلفة من السلطنة، لا سيما عند الشواطئ الشرقية حيث يوجد مركز الإعصار.

وقد أدت الأمطار الغزيرة إلى جريان عدد كبير من الأودية في ولايات صور وولاية قريات بمحافظة مسقط. وترافق ذلك مع تسجيل عدد من الحالات لعائلات أو أشخاص حاصرتهم المياه، وعملت فرق الدفاع المدني على انتشالهم، مع انقطاع للتيار الكهربائي. وترافق هطول الأمطار مع رياح شديدة بدأت تزداد سرعتها تدريجيا خلال النهار. وقد بدأ تساقط الأمطار في العاصمة مسقط منذ ساعات الفجر الأولى، واستمر من دون توقف تقريبا طوال النهار، لكن حدته تضاعفت بحلول الظهيرة. وقد سجلت حالات وفاة في ظروف مختلفة إبان هذا الإعصار، منها لشخص جرفته أحد الأودية في منطقة ينقل، وأخرى نتيجة ماس كهربائي في ولاية قريات. وصرح مصدر مسؤول باللجنة الوطنية للدفاع المدني لوكالة الأنباء المركزية العمانية بأن حدة الإعصار «فيت» قد خفت منذ دخوله اليابسة الليلة قبل الماضية وصباح أمس، وتم تصنيفه من الدرجة الأولى. وأكد المصدر استمرار هطول الأمطار على محافظتي مسقط والبريمي والمنطقة الشرقية والمنطقة الداخلية؛ حيث من المحتمل أن يستمر خلال 48 ساعة القادمة. وعادت الجهات المسؤولة إلى تذكير الناس بضرورة الابتعاد عن الأماكن المنخفضة وخاصة الأودية والالتزام بالتعليمات التي تصدرها.

وقالت شركة «تنمية نفط عمان»، وهي أكبر شركة لاستكشاف النفط وإنتاجه في سلطنة عمان؛ حيث تنتج أكثر من 70 في المائة من النفط الخام العماني، وتقريبا كامل إنتاج السلطنة من الغاز الطبيعي، إنها أوقفت صادراتها من النفط الخام من ميناء الفحل في مسقط نتيجة سوء الأحوال الجوية وعدم قدر السفن على الرسو. وكانت الشركة قد عمدت إلى اتخاذ الإجراء نفسه إبان إعصار «غونو» في العام 2007. وأعلن متحدث باسم شركة «عمان» للغاز الطبيعي المسال ناصر الكندي عن إغلاق خطوط إنتاج الغاز الطبيعي المسال في السلطنة كإجراء وقائي بسبب الإعصار الذي لم يلحق أي أضرار بالمنشآت. وقال إنه جرى إغلاق خط إنتاج أمس، وأن الشركة تقوم بإغلاق باقي الخطوط كإجراء احترازي. وأكد أن الشركة لا تتوقع التخلف عن تسليم أي شحنات.

من جهة ثانية قامت وحدات تابعة للواء المشاة 23 بالجيش السلطاني العماني بالانتشار في ولاية قريات، في إطار توفير الخدمات والمساعدات الضرورية والتسهيلات الأخرى التي سيتم تقديمها في مركز الإيواء بمدرسة زينب بنت أبي سفيان للتعليم الأساسي للمواطنين والمقيمين. كما اتخذت مظلات سلطان عمان بالجيش السلطاني العماني إجراءاتها لتعزيز الوحدات الأخرى في محافظة مسقط، لتنفيذ عمليات الإسناد المختلفة المكلفة بها، بالتزامن مع مهام اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الرئيسية العسكرية لإدارة الكوارث لوزارة الدفاع وقوات السلطان المسلحة. ووضعت بلدية مسقط خطا ساخنا لتلقي الاتصالات على مدار الساعة من المواطنين، في محاولة منها لمعالجة الأمور الطارئة التي قد تنتج عن الإعصار.

ومن الواضح أن الجهات والهيئات الرسمية المعنية في السلطنة باتت أكثر استعدادا لمثل هذه الكوارث الطبيعية وأكثر إدراكا للخطوات التي يتوجب اتخاذها للحد من الخسائر التي يمكن أن تقع، لا سيما في الأرواح البشرية. وتندرج في هذا السياق عملية الإجلاء التي نفذتها لسكان مصيرة قبل وصول الإعصار، وغرف العمليات التي أقامتها مختلف الجهات المعنية لمتابعة تطورات الإعصار.

وتعتبر الأودية التي تنتشر في الكثير من المناطق في عمان من أكثر الأماكن خطورة في السلطنة لما تحمله من أمطار كثيفة تقتلع كل ما يصادفها، وتكون مسببا رئيسيا لحدوث وفيات عند هطول الأمطار في السلطنة بشكل عام.

وخلال جولة ميدانية قامت بها «الشرق الأوسط» في شوارع وأحياء مدينة مسقط يتضح أن معظم الناس فضلوا ملازمة منازلهم واقتصرت التنقلات على الأمور الطارئة، ولتأمين الحاجات الأساسية، لكنه وفي المقابل أيضا تجمع عدد كبير من الناس عند الكورنيش البحري في منطقة الشاطئ في القرم لمشاهدة الأمواج والتقاط الصور، لكن سرعان ما تفرق الجمع مع اشتداد الرياح والأمطار. علما بأن هذا الشارع كان من أشد المناطق التي تضررت جراء الإعصار «غونو» في عام 2007 حيث تعرض لدمار كبير. كما فتح عدد من المقاهي أبوابه أمام الزبائن، وتجمع الكثير من الشبان فيها متتبعين أخبار الإعصار على التلفاز أو جهاز الراديو. وفتحت المخازن الغذائية الكبرى أبوابها لتأمين المواد الغذائية والسلع الأساسية للسكان، وقام بعضها بإرسال رسائل نصية قصيرة تؤكد توافر المواد الغذائية لديها.