الاتفاقية الأمنية مع واشنطن والصرف من خارج الموازنة يوتران العلاقات السياسية في لبنان

نواب «14 آذار» يذكرون بري بأنه كان شريكا في الحكم خلال «التجاوزات»

الحريري لدى استقباله وفدا من الكونغرس الأميركي في بيروت أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

تستكمل فصول السجال اللبناني - اللبناني حول موضوعي الموازنة المتوقع إقرارها الأسبوع المقبل والاتفاقية الأمنية الموقعة بين السفارة الأميركية وقوى الأمن الداخلي بعد نشر «الشرق الأوسط» نص التوصية التي بعث بها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري التي أوصى فيها بـ«عدم دستورية» هذه الاتفاقية وضرورة إعادة بحثها في مجلس الوزراء.

وفي محاولة لمعالجة هذه الملفات خاصة بعدما تفاعلت التصريحات والتصريحات المضادة بين رئيس المجلس ونواب ووزراء تيار المستقبل الذي يرأسه رئيس الحكومة، زار الأخير عين التينة وخرج دون الإدلاء بأي تصريح وسط إيحاءات بأن الأمور لن تسلك منحى الحل في نهاية هذا الأسبوع.

وفيما اكتفت دوائر رئاسة البرلمان ببيان مقتضب يشير إلى أن بري والحريري بحثا «المواضيع المطروحة على الساحة بالإضافة إلى التطورات في ضوء الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية»، قالت مصادر نيابية من «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إن من حق بري أن يطرح من يشاء كنائب ورئيس لمجلس النواب وأن يحظى بالأجوبة عليها»، لكنها أوردت «مجموعة ملاحظات» على أداء بري في موضوعي الساعة، ففي موضوع الاتفاقية رأت المصادر أن «ما قام به بري هو أنه تبنى رأي نائب واحد من لجنة الاتصالات هو النائب حسن فضل الله وحوله إلى توصية شخصية، لا توصية نيابية صادرة عن مجلس النواب»، معتبرة أن هذا الموضوع «لا أفق له»، ومقللة من قيمته القانونية والدستورية.

أما في موضوع الموازنة والصرف من خارج القاعدة الاثني عشرية (المعتمدة في غياب الموازنات الرسمية)، تقول المصادر إن «من حق بري أن يطرح تساؤلات، وهو سيحظى بالتأكيد بإجابات عليها»، مشيرة إلى أن بري نفسه اعترف بالاعتماد على أرقام من موقع وزارة المال الإلكتروني ما يعني أن الأمور تسير بشفافية مطلقة في هذا المجال، مشيرة إلى أنه «إذا كان (بري) لا يريد أن يتكفل عناء جمع الأرقام، فسيكون ثمة من يجمع الأرقام له ويفندها في بنود، لتحديد نوعية البنود والجهات التي ذهبت إليها المصاريف الإضافية وهي تتمحور حول معالجة آثار حرب يوليو (تموز) 2006 وعجز مؤسسة الكهرباء وفروقات الرواتب لموظفي القطاع العام، وهي بنود مستجدة واستثنائية عادة لم ترد في الموازنات السابقة». مذكرة بري بأنه كان شريكا في سنتين على الأقل من السنوات الأربع التي جرى فيها الإنفاق في الحكومة، وكان شريكا أساسيا في الحكومة.

وتساءل النائب عقاب صقر عضو تكتل لبنان أولا، الذي يرأسه الحريري «ماذا يريد الرئيس بري بالتحديد؟».. قائلا: «نحن نعرف أن علاقة جيدة تربطه بالرئيس الحريري، وأن هناك عملا لسحب الموضوع من التداول الإعلامي، ولكن أنا لا أقبل أن يَسأل رئيس المجلس النيابي سؤالا ولا يكون لدينا متابعة له، لذلك أضع برسم الرئيس بري عدة أسئلة.. هل كان المطلوب أن لا نُنفق على الكهرباء؟ هل كان المطلوب أن نُطبق قوانين الضرائب؟ هل كان المطلوب أن لا نضع سندات خزينة لأضرار حرب يوليو؟ هل كان المطلوب أن لا ندعم هيئات الإغاثة؟ وهل المطلوب أن لا نعطي الفروقات وغيره الكثير؟». وتابع: «ما فعله السنيورة يجب أن يُحيا عليه، وإذا كان المطلوب غير ما فعله السنيورة فليفتح النقاش حول كل نقطة».

وبشأن الاتفاقية الأمنية الموقعة بين السفارة الأميركية وقوى الأمن الداخلي، أكد صقر أنه «بعد هذه المستجدات على هذا الملف، سأحول مجددا السؤال والاستجواب إلى مجلس النواب هذا الأسبوع، وبعد ذلك سأطرح الثقة في وزير الاتصالات». وأضاف: «لا يمكن الاعتماد على تقرير تم تمريره بخلاف وخرق للنظام الداخلي للمجلس النيابي». وأردف: «سنتابع هذه القضية، فالذي فيها خلل بتعاطي الوزير مع القضية وبالتعاطي مع النظام الداخلي لمجلس النواب».

واعتبر وزير السياحة فادي عبود، المقرب من رئيس تكتل التغيير والإصلاح، ميشال عون، أن «هناك نوعا من الحروب الوقائية عند أي محاولة للخوض بعمق في موضوع الموازنة، ولا سيما عبر الادعاء بأن هذا الموضوع سيؤدي إلى أشهر من النقاش غير الفعال، وهذا الكلام غير صحيح». وأضاف: «هناك بعض النقاش التقني وفي رأيي أنه في محله، لقد قطعنا مرحلة كبيرة وأنهينا 20 بندا، والمواضيع هي تقنية وليست مواضيع لرسم سياسة جديدة، ولا أرى أن هذا الموضوع يؤدي إلى عشرات جلسات من النقاش، وأعتقد أن هذا النقاش بسيط، ويمكن الخروج منه مساء الاثنين». وشدد عبود على أن «ليس هناك أحد » يتمترس «على أحد وليس هناك فريق ضد فريق والنقاش لا يأخذ جو (المتراس)، فالمواضيع تُبحث بإيجابية وليس هناك من أحد يقصد التصعيد».

من جهته وضع وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ (حزب الكتائب) مواقف عون من مشروع الموازنة ضمن إطار المواقف السياسية التي تتلاقى مع ممارسة الضغوط على شخص رئيس الحكومة سعد الحريري، لكنه رأى أن «لا نية لديه في إسقاط الحكومة، فهي لا تسقط من الداخل».