انقسامات واسعة داخل حزب عون بعد قراره إقالة منسقين حزبيين

أبو جمرا لـ «الشرق الأوسط»: قرارات عون الأحادية باتت أشبه بحكم العشائر

TT

لم يمر القرار الذي اتخذه رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون بإقالة منسقي التيار في المناطق مرور الكرام، إنما أحدث ضجة وأثار أسئلة لم تجد حتى الآن أجوبة شافية عما سيكون عليه الوضع التنظيمي والشعبي لهذا التنظيم السياسي الأقوى نفوذا على الساحة المسيحية، خصوصا بعدما أثبت أنه رقم صعب في المعادلة الداخلية من خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، وفي وقت يجزم فيه قياديو هذا التنظيم أن «إجراءات الإقالة أو طلب الاستقالة يأتي من ضمن الورشة التنظيمية الجديدة»، تتحدث أوساط متابعة بنقمة عارمة نتيجة هذا القرار، في حين حمل الرجل الثاني في التيار اللواء عصام أبو جمرا العماد عون مسؤولية «الخسائر التي تلحق بهذا التيار نتيجة أحاديته في اتخاذ القرارات».

وأكد نائب رئيس الحكومة السابق اللواء عصام أبو جمرا لـ«الشرق الأوسط» أن «القرارات الأحادية التي يتخذها العماد ميشال عون وآخرها الطلب إلى المنسقين تقديم استقالاتهم، تفقد التيار الوطني الحر شعبيته ولا تعود عليه بالربح»، معتبرا أن «حكم الفرد والتفرد بالقرارات بات أشبه بالعشائرية». وإذ نفى أن يكون أسس حركة تصحيحية داخل التيار، قال «ما زلنا حتى الآن نحاول تصحيح المسار والأخطاء التي تعدت المنطق السليم، مثل قرار (عون) الذي طلب فيه من مسؤولين في التيار أن يقدموا استقالاتهم ويستمروا في مهامهم وهذا أمر مستغرب، لأنه يكفي أن يعين أشخاصا مكان آخرين من ضمن تشكيلات أو تغييرات»، وذكر بأن «المنسقين ينتخبون أما أعضاء الهيئة التنفيذية فيجري تعيينهم، وبالتالي لا داعي لتقديم الاستقالات، وهذا دليل على وجود ضغط معنوي على هؤلاء المسؤولين». كاشفا عن «تواصل وتنسيق مع عدد من الذين شملهم قرار الإقالة الأخير».

وأوضح أبو جمرا أن «التواصل والاتصال بيني وبين العماد عون انقطع منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي منذ أكثر من 6 أشهر في آخر زيارة قمت بها إلى الرابية»، مؤكدا أن سبب ابتعاده عن عون «هو عدم الصراحة في اتخاذ القرارات مع الشخص رقم 2 في التيار وعدم الوضوح في المعاملة الناجمة عن حكم الفرد الواحد والتفرد». وأضاف «أنا ما زلت في التيار وأحد أعضاء الهيئة المؤسسة بحكم النظام، وعضوا في مجلس التحكيم ونائب رئيس حكومة سابقا، وما زلت مع آخرين غيري نسعى إلى تصحيح الأخطاء للحد من خسائر التيار الوطني الحر وحتى لا تضيع تضحياته».

وردا على سؤال عن موقعه في الهيكلية الجديدة التي هي قيد الإعداد، قال «هناك نظام للحزب يجب أن يتقيدوا به أولا، ويجب ألا يتغير هذا النظام، واللجنة التنظيمية التي يدعون أنها هي من أعدت الهيكلية الجديدة لا يمكنها أن تتخذ قرارات تنفيذية، هذا مخالف للنظام وللأصول، وإلا أصبحنا في حكم العشائرية إن لم نقل الديكتاتورية».

من جهته، شدد قيادي في التيار الوطني الحر لـ«الشرق الأوسط» على «تماسك الوضع التنظيمي والإداري داخل التيار، ولا خوف على وضعه إطلاقا، ونتائج الانتخابات البلدية الأخيرة تثبت ذلك»، وأوضح القيادي، الذي رفض ذكر اسمه، أن «ما يقوله اللواء عصام أبو جمرا، مع احترامنا لنضاله وتضحياته، ناجم عن مشكلة شخصية بينه وبين العماد عون ولا يعبر عن حقيقة الواقع الشعبي والتنظيمي، ومن لديه مشكلة أو ملاحظات عليه أن يطرحها ويناقشها داخل التيار وليس في الإعلام»، مؤكدا أن القرار الذي اتخذه عون «يأتي استجابة لطلب المسؤولين ومنسقي الأقضية والمناطق ومنسقي الهيئات التنفيذية الذين بات للكثير منهم انشغالات أخرى». نافيا «أن يكون قرار استقالة المنسقين أحدث بلبلة أو تضعضعا داخل التيار بخلاف ما أوحى به بيان من سموا أنفسهم حكماء التيار الوطني الحر (اللواءين عصام أبو جمرا ونديم لطيف، والقاضيين السابقين يوسف سعد الله الخوري وسليم عازار) مع احترامنا لتاريخهم وتضحياتهم»، ولفت إلى أن «الورشة التي تحضر داخل التيار هي أعمق وأكبر مما يتحدثون عنه، وهذا يثبت أنه الحزب الأكثر ديمقراطية من كل الأحزاب اللبنانية».

وكان حكماء التيار الوطني الحر (أبو جمرا ولطيف والخوري وعازار) ردوا التعميم الصادر عن عون، الذي يطلب فيه من منسقي الأقضية والمدن والبلدات والكور وأعضاء الهيئة التنفيذية ومسؤولي الطلاب ونقابات المهن الحرة والنقابات العامة، وضع استقالاتهم بتصرف رئيس الحزب على أن يتابعوا مهامهم إلى حين إنجاز الترتيبات اللازمة. ورأى «الحكماء» أن هذا التعميم «بمثابة قرار يثبت المأزق الذي يعيشه التيار ويتخبط فيه، ولا يؤدي إلى الخروج منه». وحذروا من «الخطورة المتأتية منه على المستقبل التنظيمي والوطني للتيار، ورأوا فيه خطوة ارتجالية ساقطة قانونا لما فيها من ضغط معنوي غير مشروع على قياديي التيار، لأن الاستقالات في الأنظمة الديمقراطية تقدم طوعا ولا تُفرض، وتجاوزا لكافة مؤسسات التيار ونظامه الداخلي الشرعي الذي يحكم عملها باعتبار أن هذا التعميم يرقى إلى مرتبة حل الحزب من القمة إلى القاعدة، مما يستتبع وجوب إعادة تكوينه حسب الأصول ووفقا للنظام». وجددوا التأكيد على «وجوب استكمال تكوين قيادات التيار وفقا لنظامه والعمل على تحقيق المبادئ والأهداف التي نشأ على أساسها هذا الحزب».