إسرائيل تعتقل ركاب باخرة «راشيل كوري» من دون معارك.. بعد تسليم أنفسهم سلميا

نتنياهو يتحدث عن ركاب سلام «حقيقيين» مقارنة بالأتراك.. وناطقة باسم «تحرير غزة»: 11 راكبا ونصفهم فوق الـ60

TT

انتهت العملية الإسرائيلية الثانية للاستيلاء على سفينة مساعدات قادمة إلى غزة، من دون معارك دموية، بعد أن سلم ركاب السفينة الأيرلندية «راشيل كوري» أنفسهم للقوات الإسرائيلية من دون مقاومة. وأبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ارتياحه لسير العملية بسلام، وقال إن قواته البحرية تمكنت من السيطرة على سفينة «كوري» خلال خمس دقائق فقط. وقارن نتنياهو بين ركاب «كوري»، وركاب سفينة «مرمرة» التركية التي اشتبك بعض ركابها مع قوات الكوماندوز الإسرائيلية، مما أدى إلى مقتل 9 مدنيين منهم. وقال: «هنا كان الركاب نشطاء سلام حقيقيين فلم يعتدوا على جنودنا، لذلك انتهت العملية بسلام». إلا أن حركة «تحرير غزة» التي نظمت حملة إرسال السفن إلى القطاع، رفضت تصريحات نتنياهو، وقالت أودري بومزي، المنسقة القانونية للحركة، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا مؤسف... الأتراك لم يقوموا بشيء لم يكن غيرهم ليقم به، رد فعلهم كان ضد عمل قرصنة ودافعوا عن أنفسهم... لم يطلبوا المعركة، لم يكونوا هم من لحقوا بالإسرائيليين واستولوا على سفينتهم». وأكدت بومزي أن ركاب «كوري» لم يتعرضوا لأي أذى، وأنهم سلموا أنفسهم للقوات الإسرائيلية، ولكن هذا العمل، الاستيلاء على الباخرة، هو عمل عنيف. وحتى مساء أمس كان الركاب لا يزالون قيد الاعتقال، كما قالت بومزي. وأشارت إلى أن عدد الجنود الذين صعدوا إلى السفينة لاعتقالهم فاق عدد الركاب الذين بلغ عددهم 11 شخصا، نصفهم يزيد عمره عن الـ60 عاما. وقالت: «إن الاتصال انقطع معهم منذ أن تم اعتقالهم، وأن محامي الحركة يحاولون الاتصال بهم، إلا أنهم لم ينجحوا في ذلك بعد». وأضافت أنه تم السماح للمعتقلين الـ11 بالاتصال بالحكومة الأيرلندية، «ولكن ذلك سببه فقط أن الحكومة الأيرلندية طالبت بذلك... كل ما نعرفه الآن هو ما سمعناه عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي من أنهم سيحاولون ترحيلهم بأسرع وقت ممكن». وكانت الحكومة الإسرائيلية قد حاولت التفاهم مع طاقم السفينة طيلة اليومين الماضيين بواسطة وزارتي الخارجية في إسرائيل وأيرلندا. وفي ختام المفاوضات اتفقت الحكومتان على أن تتوجه السفينة إلى ميناء أسدود مباشرة، وهناك تفرغ الحمولة وتنقلها إسرائيل بنفسها إلى قطاع غزة. ولكن طاقم السفينة رفض هذا الاتفاق، وأعلن أنه سيواصل مسيرته إلى ميناء غزة، «لأن توصيل المواد هو ليس الهدف، فنحن لا نخفي حقيقة هدفنا وهو كسر الحصار على قطاع غزة»، كما قالت الحائزة على جائزة نوبل للسلام، مايريد ميجوير، التي كانت قد رفضت كل الطلبات بأن تلغي هذه الرحلة.

وقالت بومزي لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة رفضت الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومتان «لأننا لا نتعاطى مع إسرائيل». وأضافت: «هدفنا لم يكن فقط إرسال المساعدات إلى غزة، ولكن كسر الحصار، لو ذهبنا إلى أسدود، فهذا لا يخدم هدفنا. الغزاويون بحاجة لكل المواد التي نحملها لهم من أوراق وأدوية وإسمنت... ولكن الأهم أنهم بحاجة إلى الحرية».

وكان نتنياهو قد قرر، بعد التشاور مع وزير دفاعه إيهود باراك من جهة، والإدارة الأميركية من جهة ثانية، منع السفينة من الوصول إلى غزة، ولكن بشكل مختلف عن طريقة السيطرة على «مرمرة». فأدار قائد العملية الإسرائيلي حوارا مع قبطان السفينة، مؤكدا أنه يريد إنهاء القضية بسلام، ومن دون سفك دماء. وانتظر حتى اقتربت السفينة من المياه الإقليمية الفلسطينية (على بعد 23 ميلا من الشاطئ)، فأبلغها أن الجنود الإسرائيليين سيعتلون السفينة بهدوء ومن دون استخدام العنف، ويرجونه بأن يأمر ركابها بعدم المقاومة، واعدا بنقل الحمولة إلى غزة عن طريق البر. وقال إنه يعرف أن في السفينة يوجد إسمنت، وأن الحكومة الإسرائيلية تنظر بإيجابية لذلك، وتفكر بنقل الإسمنت الموجود على السفينة إلى غزة إذا ضمنت أن تصل إلى مشروع بناء حيوي لأهل غزة، ولن يستخدم لأغراض عسكرية لحكومة حماس. واقترح على الركاب أن يشرفوا بأنفسهم على نقل المواد إلى غزة. إلا أن بومزي قالت: «إن غزة ترفض تسلم المساعدات، إلا بعد إطلاق سراح المعتقلين الإسرائيليين العرب»، وأضافت: «لن يتسلموها أيضا إلا بعد أن يتكلموا معنا». ورفضت اتهام الحركة بأنها تقوي موقف حماس، وقالت: «نحن نتعامل مع الجمعيات المدنية وليس الحكومة... نحن حركة (شعب لشعب)، والمساعدات التي نرسلها هي رمزية، نعرف أنها لا شيء مقارنة باحتياجات الغزاويين.. وفي النهاية حماس هي الحكومة المنتخبة هناك، وليس لنا أن نقرر ما إذا كنا نحبها أم لا».

وأعلن القبطان أن الركاب لن يقاوموا. وهذا ما حصل فعلا. وقد تجمعوا على سطح السفينة، وجلسوا على المقاعد في إشارة إلى أنهم لن يقاوموا، واكتفوا بالهتاف ضد الحصار على غزة، وضد السياسة الإسرائيلية التي تدوس حقوق الإنسان الفلسطيني. وراح الجنود يكلمون الركاب بشكل ودي، وقادوا السفينة نحو ميناء أسدود الإسرائيلي. وقد تمت عملية السيطرة خلال خمس دقائق فعلا، الأمر الذي استُغِل في إسرائيل للادعاء بأن «ركاب سفينة (راشيل خوري) كانوا فعلا نشطاء سلام، على عكس ركاب سفينة (مرمرة) التي قادها أعضاء في منظمة (آي إتش إتش) التركية المدربين عسكريا». وقال ناطق بلسان مكتب نتنياهو: «إن الفارق بين هذه السفينة وتلك، هو أن قادة رحلة (مرمرة) عملوا وفق أوامر من الحكومة التركية، التي قصدت استفزاز إسرائيل، بينما الحكومة الأيرلندية كانت معنية باحتجاج سلمي شرعي».

وحسب الناطق الإسرائيلي العسكري، فإن الجنود الإسرائيليين وصلوا إلى السفينة بثلاث سفن حربية وعدة قوارب صغيرة، واعتلوا السفينة راشيل خوري بالحبال. وبانتهائهم، أعلن قائد سلاح البحرية الإسرائيلي، أليعيزر مروم، أن المرحلة الأولى في المهمة قد أنجزت، وأن السفينة في طريقها إلى أسدود.