فتح «مطمئنة» للانتخابات البلدية وترى فيها اختبارا لـ «التغيير»

الأحمد: حماس أسقطتنا بالانضباط

TT

عانت حركة فتح طويلا من ترهل تنظيمي أفقدها القدرة على إلزام عناصرها بقرارات الحركة، وهو ما دفعت ثمنه غاليا في الانتخابات البلدية والتشريعية الأخيرة، قبل أكثر من 4 سنوات، التي اكتسحتها حماس بشكل أطاح بهيمنة فتح على السلطة التي أسستها قبل 17 عاما، وأثار شكوكا حول مدى شعبيتها في الشارع الفلسطيني.

ويجاهر كثير من مسؤولي فتح بأن جماهير الحركة «انتقمت» منها ومن بعض رموزها في الانتخابات التشريعية والبلدية، وراحت تعطي حماس، وهذا تنفيه الأخيرة التي تقول إن النتائج عكست حقيقة كل تنظيم في الشارع.

واليوم، لا تريد فتح تكرار المسألة، التي أفقدتها ليس أهم مؤسسات السلطة وحسب، بل أيضا قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، وكما يعتقد البعض، حتى الضفة الغربية التي يحكمها رئيس الوزراء (غير الفتحاوي) سلام فياض. ولهذا بدأت فتح مبكرا التحضير لانتخابات البلديات والمجالس المحلية التي تجرى في 17 يوليو (تموز) المقبل في الضفة الغربية من دون قطاع غزة، بعدما رفضت حركة حماس إجراءها في القطاع قبل الوصول إلى مصالحة.

ورغم أن حماس لن تشارك في هذه الانتخابات، فإن فتح «المطمئنة» إلى النتائج تريد على الأقل إثبات قوتها في الشارع ومدى قدرتها على ضبط عناصرها ودفعهم للالتزام بقوائم الحركة التي ستعلنها اللجنة المركزية والتصويت لها. وفي مرحلة سابقة كان يلجأ بعض من استبعد من قوائم فتح الانتخابية إلى منافسه الحركة في قوائم أخرى أو بشكل مستقل، والبعض لجأ إلى التهديد والعنف أحيانا. أما اليوم فقالت فتح إنها ستتخذ إجراءات عقابية غير مسبوقة بحق من يخالف قوائم الحركة، وقال أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري لفتح، لـ«الشرق الأوسط»: «فتح لن تسمح هذه المرة بذلك (الخروج عن قوائم الحركة) سنتخذ إجراءات عقابية».

وأخذ أعضاء اللجنة المركزية لفتح يجوبون الضفة الغربية طولا وعرضا يجتمعون بكوادر وقادة وأنصار الحركة، وقرر هؤلاء التحرك بعد أن أعادوا ترتيب مفوضية الانتخابات التي كان يشرف عليها عضو اللجنة المركزية محمد المدني، فتوزعت على معظم الأعضاء بدل حصرها في شخص المدني.

وقبل ذلك كان مجرد سحب صلاحيات من أحد أعضاء المركزية يفجر خلافات عبر وسائل الإعلام لا تنتهي، أما اليوم، فلا، وحتى المدني الذي لم يعجبه القرار قال لمقربيه إنه مهتم أولا بوحدة حركة فتح. وستخوض الحركة الانتخابات في 107 بلديات، إضافة إلى 195 مجلسا قرويا، وذلك وفق التمثيل النسبي الكامل، أي نظام القوائم.

ولم يقنع إعلان حماس عدم مشاركتها في الانتخابات في الضفة مسؤولي فتح، ويبدو أنهم لم يركنوا إلى ذلك، وحذر عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد، رئيس كتلة «فتح» البرلمانية في «التشريعي»، من أن حماس ستشارك في هذه الانتخابات بطرق مختلفة. لكن هذا التحذير لم يرق إلى درجة الخوف عند فتح، وقال مقبول «هذا ليس اختبارا لمدى قوتنا، لأنه لا توجد منافسة أصلا.. كأنها انتخابات داخلية.. نحن مطمئنون إلى حد كبير، أعتقد أيضا أن هناك رخاوة». وأمس، اعتبر الأحمد، وهو أيضا مسؤول ملف الانتخابات في جنين، أن انتخابات الهيئات المحلية يجب أن تكون مناسبة لتوحيد حركة فتح من خلال الالتزام بالقرارات التنظيمية للحركة.

وأضاف أن «حركة حماس أسقطتنا سابقا بانضباط عناصرها بالشورى». ويرى الأحمد أنه يجب العمل على إعادة بناء حركة فتح من كل الجوانب من خلال تطبيق النظام الداخلي. وشدد الأحمد على أنه لن يسمح لأحد من أبناء الحركة بالخروج عن قرارات فتح لأن الحركة بحاجة لأبنائها الملتزمين والوطنيين.

وحذر الأحمد من أن حركته لن تسمح بتكرار «البرايمرز» (انتخابات داخلية في الانتخابات السابقة لم يتم الالتزام بنتائجها) «لأننا نريد أناسا يفضلون مصلحة الحركة على مصالحهم الشخصية». وقال الأحمد، خلال لقاء تنظيمي في جنين «إنه يجب علينا جميعا أن نتمحور حول حركة فتح، هذا كاف لنقول للعالم في حال سيطرنا على البلديات وأدرناها بنجاح، إن هذا الشعب قادر على أن يبني مؤسساته ودولته». ومضى الأحمد يقول «يجب تسيير العائلية لصالح التنظيم، نريد تصحيح حالنا وأخطائنا ومسيرتنا، لأنه بنجاحنا ينجح البرنامج الوطني، وإلا فإن العد التنازلي للحركة سيكون في نهايته». وتحدث بصراحة عن أن عدم التغيير في عقلية فتح منذ 16 عاما، بعد قيام السلطة، قادها إلى الهزائم السابقة، وقال «إن حركة فتح لن تقبل بالهزيمة مرة أخرى».

وشدد الأحمد على المعايير التي ستختار وفقها فتح مرشحيها، وقال «إن أساس هذه المعايير هو الكفاءة والمهنية، وأن يكون المرشح ذا اختصاص وخبرة تؤهله للنجاح في مهام المجالس والسمعة الحسنة، وأن يحوز احترام الجمهور وتقديره، وأن يكون وجهه وطنيا، ومعروفا بغيرته على المصلحة الوطنية، وملتزما ببرنامج (م.ت.ف)، وقراراتها، وألا يكون قد سجل عليه خروج عن الإجماع». وأردف «اللجنة المركزية ستقرر المرشحين بعد التشاور مع كل الهيئات التنظيمية، والمركزية لن تسمح لأحد من أبنائها بالخروج على الإجماع والترشح خارج قوائم الحركة، وفي هذه الحالة سيعرض نفسه للفصل من الحركة، وتليه إجراءات أخرى».