الجنرال كلابير مديرا للمخابرات الوطنية الأميركية

مهمة صعبة: التنسيق بين 16 وكالة استخباراتية

TT

بعد مناقشات وجدل بين الكونغرس والبيت الأبيض، استقر رأي الرئيس باراك أوباما على الجنرال المتقاعد جيمس كلابير ليكون مديرا للمخابرات الوطنية (دي إن آي). هذا هو المنصب الذي ينسق بين 16 جهاز استخبارات عسكرية ومدنية، الذي تأسس، بأوامر من الرئيس السابق بوش الابن، بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، بعد انتقادات بأن الأجهزة الاستخباراتية لم تكن تنسق عملياتها، ولهذا لم تكشف مسبقا الهجوم. في الشهر الماضي، أعلن البيت الأبيض استقالة الأدميرال المتقاعد دينيس بلير من المنصب. وقال مراقبون في العاصمة واشنطن إن بلير اضطر لأن يستقيل بعد أن أبلغ بأن الرئيس أوباما ليس راضيا عنه، وأنه حمله مسؤولية عدم الكشف مسبقا عن محاولة الأميركي الباكستاني فيصل شاه زاد تفجير سيارة ملغمة في قلب مدينة نيويورك. وكان بلير بقي في منصبه أقل من سنة ونصف سنة، واشتكى، قبل استقالته، من أن التنسيق بين 16 جهاز ووكالة استخبارات ليس أمرا سهلا. وأيضا، اشتكى بان ليون بانيتا، مدير الاستخبارات المركزية (سي آى إيه)، أكبر الأجهزة الاستخباراتية، يتنافس معه، ويسبقه إلى البيت الأبيض بينما هو، كمدير لكل الاستخبارات الوطنية، اعتبر نفسه المستشار الاستخباراتي الأول لرئيس الجمهورية.

وصباح أمس، قالت وكالة «رويترز» إن أوباما سيعلن اختيار كلابير قبل نهاية يوم أمس. وقال تلفزيون «سي إن إن» إن أوباما سيعلن الخبر خلال حفل يقام في البيت الأبيض.

في الوقت الحالي، يشغل كلابير منصب نائب وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات. وكان تقاعد من سلاح الجو سنة 1995، بعد 32 سنة في الخدمة. خلال تلك الفترة، شغل وظائف استخباراتية خلال حرب الخليج الأولى، وكذلك في كوريا، ومع قيادة القوات الأميركية في المحيط الهادي، ومع القيادة الاستراتيجية لحراسة الأسلحة النووية الأميركية.

ولقب كلابير بـ«عراب العلاقات»، لاستخدامه العلاقات الإنسانية في جمع المعلومات الاستخباراتية، إضافة إلى الأساليب التقنية، مثل صور الأقمار الصناعية، أو اعتراض الاتصالات السلكية واللاسلكية. وقالت مصادر مطلعة إنه كان وراء زيادة دور البنتاغون في موضوع اعتقال ومحاكمة المشتبهين بالإرهاب، بعدما كانت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) تستجوبهم من دون رقابة. وأيضا، عمل كلابير مستشارا في التحقيقات في تفجيرات الخبر في السعودية، سنة 1996. وفي سنة 2001، صار أول مدني يرأس وكالة الاستخبارات الجيو - فضائية (إن جي إي) التي تجمع معلومات وتحليلات عبر أقمار صناعية وطائرات تجارية وحكومية. وهي الوكالة التي أعدت في عهده تقريرا عن حيازة الرئيس العراقي صدام حسين لأسلحة دمار شامل. وأيضا، شارك في أكثر من سبعين مهمة قتالية خلال حرب فيتنام، قبل أربعين سنة تقريبا. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» أمس، إن قادة في الحزب الجمهوري في الكونغرس قالوا إنهم سيصوتون ضد كلابير لأنهم يعارضون تعيين عسكري في منصب استخباراتي كبير يجب أن يشغله مدني. وقال السناتور كريستوفر بوند (جمهوري من ولاية ميسوري): «آسفا، أكد الرئيس أنه بتعيينه الجنرال الجوي المتقاعد كلابير في هذا المنصب الهام أن الرئيس يريد أن يسيطر البيت الأبيض على المنصب. نعم، خدم كلابير الوطن سنوات كثيرة. لكنه لا يملك أهمية سياسية بالنسبة للبيت الأبيض. لقد برهن الرئيس أوباما على أنه لا يريد تقوية منصب مدير الاستخبارات الوطنية، ولا يريد استقلال المنصب، ويريد استمرار السيطرة عليه ليعزل من يشاء ويعين من يشاء».

وأضاف السناتور بوند أن كلابير، عندما كان في البنتاغون، كان تعمد عدم تقوية منصب مدير الاستخبارات الوطنية وذلك لتستمر الاستخبارات العسكرية قوية. وإنه، ربما الآن، سيعمل على تحويل المنصب أكثر نحو البنتاغون. وقالت السناتورة دايان فاينشتاين (ديمقراطية من ولاية كاليفورنيا) إنها قلقة لأن كلابير عسكري ولأن توليه المنصب سيجعل المنصب يميل نحو البنتاغون. وقالت إن العسكريين يسيطرون على وكالات وأجهزة استخباراتية كثيرة، منها وكالة الأمن الوطني. لكن، قال مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم نشر اسمه، دفاعا عن أوباما، إن أوباما كان استدعى كلابير إلى المكتب البيضاوي، وسأله عن تصوراته عن مستقبل مكتب مدير الاستخبارات الوطنية. وأن أوباما أعجب برد كلابير، ولهذا رشحه لشغل المنصب. وأشار المسؤول إلى خبرات كلابير. وقال إن عمر الرجل سبعون سنة تقريبا، وقضى منها 45 سنة في العمل الاستخباراتي. في الوقت نفسه، قال مسؤول سابق في «سي آي إيه» طلب عدم نشر اسمه، إن كلابير سوف يواجه «تحديا حقيقيا» في منصبه الجديد. وقال: «نعم، يتمتع كلابير بمميزات كثيرة. ولكن، يعتمد نجاحه وفشله على علاقته مع البيت الأبيض». وأشار المسؤول السابق إلى أن الوظيفة تحتاج إلى هيبة وقدرة في جو واشنطن، أكثر من حاجتها إلى خبرة فنية.