أفغانستان: مجلس السلام القبلي يقر مقترحات كرزاي للتفاوض مع طالبان

تشكيل لجنة وطنية تتمتع بـ«قاعدة شعبية» تتولى جهود السلام

متظاهرون أفغان في مسيرة بمدينة هراة أمس ضد جمعيات غربية تم إيقافها عن العمل (أ.ف. ب)
TT

أقر مجلس زعماء القبائل والعشائر في أفغانستان مبادرة الرئيس حميد كرزاي الرامية لإجراء محادثات مع طالبان بغرض التوصل إلى تسوية سلمية مع الحركة عبر استمالة عناصرها الذين ينبذون العنف وضمان انخراطهم في العملية السلمية. فخلال اليوم الأخير من المحادثات التي أجراها المؤتمر الوطني للسلام (جيركا السلام) في العاصمة كابل، اتفق المشاركون على تأييد خطة إصدار عفو عام عن المسلحين وعلى تقديم حوافز لهم على هيئة وظائف بغرض استمالتهم وإغرائهم لكي يلقوا السلاح ويشاركوا في صنع السلام. وقد وافق المشاركون على حزمة من القرارات التي تدعم خطط كرزاي لإصدار العفو وتقديم الحوافز لمسلحي طالبان، الهدف الذي وعد كرزاي بالتحرك سريعا لتحقيقه. وحث الرئيس حميد كرزاي مقاتلي طالبان الذي أدى بالفعل قتالهم ضد عشرات الآلاف من قوات حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة وقوات الجيش الأفغاني للوصول إلى مأزق دموي، على وقف القتال. ولكن ليست هناك إشارات تذكر على أن طالبان التي وصفت مؤتمر «جيركا» بأنه عرض زائف أوعزت إليه أميركا لإطالة أمد وجودها في البلاد مستعدة للاستجابة إلى عرض السلام. من جهته قال قيام الدين كشاف، نائب رئيس مجلس علماء أفغانستان نائب رئيس الجيركا: «نحن المشاركون في (جيركا السلام) ندعو كل الأطراف المتورطة في الحرب إلى وضع حد لحمام الدم». وشارك نحو 1600 شخص يمثلون مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية والمناطق في أفغانستان في اجتماع مجلس «جيركا السلام» الذي أقيم في خيمة عملاقة في الضاحية الجنوبية الشرقية من كابل. وأضاف كشاف أن المشاركين ممثلي القبائل والمجتمع المدني طلبوا من الحكومة تأليف لجنة تتمتع بـ«قاعدة واسعة» وتمثل كل الاتجاهات في البلاد وتكلف بتولي جهود السلام والتفاوض مع طالبان والإفراج عن أسراها. وأضاف «لتطبيق عملية السلام ولتطبيق قرارات الجيركا، ينبغي تشكيل لجنة تتمتع بسلطة قوية، كنوع من مجلس شورى للسلام»، وينبغي أن يتألف هذا المجلس أو هذه اللجنة «من شخصيات ذات صدقية»، زعماء قبائل ونواب وأعضاء في حركة التمرد تخلوا عن العنف. وأوضح المتحدث أن هذه الشورى يجب أن تهتم بمشكلات الأسرى والإفراج عنهم وإعادة دمجهم في الحياة المدنية. وتحدث مولوي سيدي والله، أحد ممثلي الجيركا، صباح أول من أمس، عن «محادثات سلام تجري في بلد مسلم مثل السعودية» برعاية هذه اللجنة. يذكر أن جيركا السلام لا تتمتع إلا بدور استشاري وقراراتها غير ملزمة للحكومة. ورحب الرئيس الأفغاني كرزاي بالإعلان الصادر عن الاجتماع واصفا إياه بأنه «شامل وكامل وغير متحيز». وقال كرزاي للمندوبين الذين اختتموا 3 أيام من المداولات التي تهدف إلى إيجاد طرق لتشجيع مسلحي طالبان على الجلوس إلى مائدة التفاوض: «تلقى الشعب الأفغاني اليوم رسالة سلام منكم». وقال الإعلان: «ندعو الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية كبادرة لحسن النية إلى أن تفرج فورا عن الذين يقبعون حاليا في مختلف السجون بسبب معلومات مغلوطة وادعاءات لا أساس لها». وأضاف كرزاي: «سنعمل على وجه السرعة». لكن حركة طالبان التي شنت هجوما فاشلا على افتتاح اجتماع الجيركا الأربعاء الماضي بعدما قاطعت أشغاله، اعتبرت أن الاجتماع «أداة دعائية لقوات الاحتلال». وكررت عناصر طالبان رفضها للحوار قبل انسحاب تام للقوات الدولية، في حين طالب الإعلان المذكور من الحكومة وطالبان بعدم فرض شروط مسبقة لإجراء مفاوضات سلام، على أن تُبدي القوات الدولية بادرة حسن النية بالإفراج عن الأفغان المعتقلين «على أساس معلومات خاطئة» مع سحب اسم طالبان من اللوائح السوداء للأمم المتحدة.

إلى ذلك قالت مصادر أفغانية مطلعة إن ثمة إشارات قليلة فقط على أن طالبان مستعدة للموافقة على الصفقة المقترحة. وقد تخللت المباحثات، التي قاطعتها كل من المعارضة وحركة طالبان، نقاشات حامية الوطيس حول خطة الرئيس كرزاي لإنهاء أعمال العنف في البلاد. يذكر أن مسلحين كانوا قد استهدفوا بالصواريخ مدينة كابل في الوقت الذي كان كرزاي يلقي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر السلام «جيركا السلام» يوم الأربعاء الماضي. من جانبه، وصف الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في السابق ويحارب حاليا إلى جانب طالبان، اجتماع المجلس القبلي بأنه «عمل لا طائل منه».

ويأمل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يخطط لزيادة عدد قواته إلى 150 ألف جندي بحلول شهر أغسطس (آب) المقبل، أن يؤدي التعامل مع المظالم المحلية إلى دفع الكثير من عناصر طالبان، الذين يحاربون بالقرب من منازلهم، إلى تغيير ولاءاتهم والتخلي عن العنف. وتريد طالبان انسحاب كل القوات الأجنبية من أفغانستان قبل بدء أي مفاوضات. وبلغ تمرد طالبان ذروته في الوقت الراهن منذ الإطاحة بالحركة عام 2001 ويقول المحللون إنه ليس هناك ما يجعلهم يقتنعون بالسلام. وهاجمت الحركة يوم الأربعاء افتتاح «الجيركا» بالصواريخ وإطلاق النيران أثناء كلمة كرزاي في السرادق الذي أقيم إلى الغرب من العاصمة. واستقل الرئيس الجمعة الماضي طائرة هليكوبتر إلى موقع المؤتمر لإلقاء كلمة في الجلسة الختامية. وكانت نتائج المؤتمر معروفة سلفا إلى حد كبير حيث انتقت الحكومة المندوبين وحددت بصورة عامة ملامح النقاش.

ولم توجه الدعوة لطالبان أو الفصائل المسلحة الأخرى للمشاركة في المؤتمر في حين قاطعته المعارضة قائلة إنه لا يمثل أطياف السياسة الأفغانية بالكامل. ويقول المنتقدون إن نتائج مؤتمر «جيركا» رمزية أكثر منها عملية بالنظر إلى أسلوب الازدراء الذي تعاملت به حركة طالبان، التي تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد مع مجلس القبائل. ووصف البعض المؤتمر بأنه بمثابة استعراض للوحدة الوطنية للحصول على مزيد من الأموال من المانحين الدوليين قبل مؤتمر يعقد في يوليو (تموز) في كابل.