بابا الفاتيكان يطلق من قبرص دعوة إلى الحوار بين المسيحيين والمسلمين

دعا للسلام في الجزيرة المقسمة.. والتقى فيها شخصية مسلمة

زعيم الطائفة النقشبندية، الشيخ ناظم، يغادر سيارته قبل لقائه البابا في نيقوسيا، أمس (رويترز)
TT

وجه البابا بندكتوس السادس عشر، بابا الفاتيكان، دعوة إلى الحوار بين المسيحيين والمسلمين، أمس، في اليوم الثاني من زيارته إلى جزيرة قبرص المقسومة بين قبارصة يونانيين مسيحيين في الجنوب وقبارصة أتراك مسلمين في الشمال. وشدد البابا في كلمة ألقاها أمس في مدرسة مارونية في ضواحي قبرص على أهمية الحوار بين الأديان، معتبرا أنه «لا يزال من الضروري القيام بالكثير في العالم». وأضاف أن «العمل الدؤوب وحده هو الذي يبني الثقة المتبادلة ويسهل تجاوز عبء التاريخ ويجعل الفروقات السياسية والثقافية بين الشعوب دافعا للعمل نحو تفاهم أكثر عمقا». وتابع قائلا: «أشجعكم على تسهيل قيام هذه الثقة المتبادلة بين المسيحيين وغير المسيحيين كقاعدة لبناء سلام دائم».

وأعرب البابا في الإطار نفسه، في كلمة ألقاها في مقر رئيس أساقفة قبرص الأرثوذكس خريسوستوموس الثاني عن الأمل «في أن يتحلى جميع سكان قبرص بالحكمة والقوة الكافيتين للعمل معا من أجل قيام حل عادل للمسائل التي لم تجد حلا بعد، توصلا إلى السلام والمصالحة». واعتبر أن هذا الحل سيتيح أيضا «بناء مجتمع للأجيال القادمة يتميز باحترام حقوق الجميع، وبينها الحقوق غير القابلة للتصرف مثل حرية الرأي والمعتقد».

وكانت المحادثات لإعادة توحيد قبرص استؤنفت في سبتمبر (أيلول) 2008 بين الرئيس القبرصي ديمتري خريستوفياس وزعيم القبارصة الأتراك في تلك الفترة محمد علي طلعت. إلا أن فوز القومي درويش أروغلو في الانتخابات الأخيرة التي جرت في شمال قبرص في أبريل (نيسان) الماضي ألقى بظلال من الشك حول فرص تقدم هذه المفاوضات.

وبعد ظهر أمس، التقى البابا في نيقوسيا شخصية مسلمة قبرصية تركية متمثلة في الشيخ ناظم حقاني، في لقاء غير مدرج في جدول زيارته إلى قبرص، كما أعلن المتحدث باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي. وجلس الشيخ حقاني (88 عاما) زعيم الطائفة النقشبندية، على كرسي ينتظر البابا أثناء انتقاله إلى كنيسة تقع على تخوم المنطقة الفاصلة بين المجموعتين القبرصيتين اليونانية والتركية. وتوقف البابا لإلقاء التحية عليه لفترة وجيزة. وكان مرجحا أن يتم لقاء بين البابا ومفتي القبارصة الأتراك في القسم الشمالي من الجزيرة، يوسف سويمز. وفي هذا الشأن، قال الأب فيديريكو لومباردي: «كنا ننتظر المفتي» يوسف سويمز، من دون أي تعليق آخر. وأثارت زيارة البابا إلى قبرص بعض الاعتراضات داخل الكنيسة الأرثوذكسية إلا أن رئيس أساقفة قبرص كان حازما في موقفه وأعلن أن من يخرج على تعليمات الكنيسة «سيجد نفسه خارج الكنيسة الأرثوذكسية». والمظهر الاعتراضي الوحيد على هذه الزيارة تمثل في وقوف خمسة شبان على الطريق السريع لدى مغادرة البابا مدينة بافوس مساء أول من أمس متوجها إلى نيقوسيا وهم يحملون لافتة تندد بالزيارة. إلا أن عناصر من الشرطة هاجموا الشبان واعتقلوهم وانتزعوا منهم اللافتة وداسوها على الأرض قبل مرور موكب البابا. وكان البابا اعتبر خلال رحلة الطائرة بين روما وبافوس (في قبرص) أنه «يجب أن نكون قادرين على الحوار مع إخواننا المسلمين ومواصلة هذا الحوار من أجل تعايش يكون مثمرا أكثر».

وتأتي زيارة البابا إلى جزيرة قبرص تلبية لدعوة من الرئيس القبرصي ديمتري خريستوفياس ورئيس أساقفة قبرص الذي استقبله ظهر أمس في مقر الأسقفية في نيقوسيا. ويسلم البابا اليوم بطاركة الشرق الكاثوليك خلال قداس الأحد وثيقة للمناقشة ستمهد لعقد مجمع في روما حول الشرق الأوسط في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال البابا إن هذا المجمع «سيبحث في الدور الحيوي للمسيحيين في هذه المنطقة وسيسهم في قيام تعاون أكبر بين مسيحيي المنطقة».