السعودية: «هيلة» عباءة «القاعدة» المتفجرة.. ومحفظتها المانحة

جهزت انتحاريين وكانت تنتظر الأحزمة الناسفة التي ضبطت مع الشهري والحربي لاغتيال شخصية عامة

صوماليات ينتظرن مع أولادهن المرضى في مستشفى بنادير بمقديشو أمس حيث حذرت المنظمة الدولية للصحة من ارتفاع حالات الكوليرا في الصومال (أ.ب)
TT

لم تتوقف التقارير والأخبار والتعليقات في الصحف السعودية عن تناول شخصية «سيدة القاعدة» كما سميت، هيلة القصير، وهي التي أثار اعتقالها غضب القائد السعودي لـ«القاعدة» في اليمن سعيد الشهري فأصدر بيانا صوتيا صاخبا هدد فيه بخطف واغتيال أمراء وضباط أمن ووزراء حتى يتم الإفراج عن هيلة القصير.

المعلومات التي توفرت عن هذه المرأة، اتفقت في أشياء وافترقت في أخرى، اتفقت على أنها كانت مصدر تمويل مهما لـ«القاعدة» وتراوحت المبالغ التي ذكرت في الأخبار والتقارير الإعلامية من 600 ألف ريال إلى مليوني ريال سعودي ذهبت لـ«القاعدة» السعودية في اليمن. كما اتفقت المعلومات على أنها طليقة المتشدد السعودي عبد الكريم الحميد الذي يخضع للإقامة الجبرية في محافظة الطائف غرب البلاد، بسبب آرائه الدينية الشاذة، وارتباطه بشباب «القاعدة»، وأنها أرملة أحد أعضاء القاعدة، محمد الوكيل الذي قتل في مواجهة أمنية في العاصمة الرياض (قتل في مواجهة أمنية بحي التعاون شمال الرياض، بعد استهداف مبنى وزارة الداخلية في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2004).

واختلفت المعلومات في سنها، وعلاقتها باليمن، وطبيعة مهامها.

هيلة القصير امرأة في أواخر العقد الثالث من عمرها، تسكن مدينة بريدة عاصمة منطقة القصيم شمال العاصمة الرياض (تبعد نحو 350 كيلومترا) وهي معروفة بنشاطها الوعظي من أيام دراستها في جامعة القصيم، وقد كانت وصلت إلى مرحلة الإعداد للماجستير.

مصدر مطلع ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن هيلة القصير امرأة خطيرة وشخصيتها قوية، وتعتبر أكثر إنسان نشط وفاعل لصالح «القاعدة» في السعودية. احتضنت مجموعة من نساء وأقارب وصبيان المرتبطين بتنظيم القاعدة.

ووصلت الفاعلية والاندماج في أجواء «القاعدة» ومشاعرها لدى هيلة إلى الدرجة التي أقامت فيها احتفالا منزليا ببريدة، تمجيدا لعبد الله طالع عسيري (مطلوب في قائمة الـ85 السعودية) الشاب الذي فجر نفسه في منزل الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، بهدف اغتيال الأمير في مدينة جدة، غرب السعودية أغسطس (آب) 2009، وهي تلك العملية الفاشلة التي هزت البلد، وكانت هيلة تطلق على عسيري مسمى الشهيد، وعلقت صوره في الاحتفال وقدمت الحلويات للحضور.

وتضيف المعلومات الموثوقة لـ«الشرق الأوسط» أن الحزامين الناسفين اللذين وجدا مع يوسف الشهري ورائد الحربي (وهما أيضا من قائمة المطلوبين الـ85) في مواجهة (الدرب) بمنطقة جيزان، أقصى الجنوب السعودي، على حدود اليمن، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كانا متجهين لسيدة القاعدة هيلة في القصيم، حيث كانت المرأة القيادية في «القاعدة» قد جهزت شخصين انتحاريين ينتظران فقط وصول الأحزمة الناسفة. وكانت المفاجأة التي تكشف عنها هذه المعلومات والمصادر أن الشخص المستهدف من هذه العملية ذات الأحزمة الأربعة الناسفة كانت شخصية عامة بالغة الأهمية لدرجة قصوى في البلد! ويبقى السؤال: هل تعتبر السلطات الأمنية السعودية تهديدات سعيد الشهري الكاسحة جدية وعملية أم هي من قبيل التهويش الإعلامي؟ اختلفت الإجابات لدى المراقبين حول ذلك، لكن حسب شخص وثيق الاطلاع قال لـ«الشرق الأوسط»: نحن نأخذ تهديدات القاعدة باستهداف شخصيات سياسية وأمنية واعتبارية في البلد على محمل الجد، وبنسبة مائة في المائة، ولا يمكن أن نقول إن ذلك مجرد تهويش إعلامي، هذا هو مقتضى الإحساس بالمسؤولية والجدية.

يشار إلى أنه سبق لتنظيم القاعدة أن قام بعمليات استهداف لشخصيات أمنية، بعضها نجح مثل اغتيال اللواء (العميد لحظة مقتله) ناصر العثمان بمزرعته في مدينة بريدة أبريل (نيسان) 2007، وتم التمثيل بجثمانه، والمقدم مبارك السواط بمكة يونيو (حزيران) 2005 بمنزله، وتم التمثيل بجثمانه أيضا، لكن كثيرا من هذه العمليات لم تنجح في قتل المستهدفين ونجوا منها.

وكان تنظيم القاعدة هو الذي يقف خلف هذه العمليات، فمثلا عملية اغتيال اللواء العثمان ببريدة كانت بتحريض مباشر من قائد «القاعدة» في العراق أبو مصعب الزرقاوي، بسبب الإيقاع بأحد الأشخاص الوثيقي الصلة به في منطقة القصيم.

وكما ذكرت المعلومات المتداولة في شبكة الإنترنت فإن أحد قتلة العثمان كان من أقرب أقاربه، ويعمل في السلك القضائي.

ويرى خبير أمني أنه من الملاحظ في كل عمليات الاستهداف الشخصي للاغتيال في السعودية تتم بطريقة اختراق الدائرة المقربة للهدف، مثل أقاربه أو أصدقائه، ومن ثم الوصول للهدف النهائي: الاغتيال.

وتشير معلومات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك كثيرا من المحاولات التي أحبطت في السعودية لاغتيال ضباط أمن أو قضاة، من قبل «القاعدة»، وكثير من هذه العمليات بلغت مراحل متقدمة من الرصد والتخطيط ورسم الخرائط وطبيعة مواعيد وحركة الشخص المستهدف، ولكن تم إحباط هذه المحاولات، وهي تبلغ عشرات المحاولات.

وكان الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية والنائب الثاني، قد ذكر في تصريحات له أواخر 2007 أن الأجهزة الأمنية في بلاده نجحت حتى حينه في إحباط ما يزيد عن (180) عملية إرهابية لو نجح 30% منها لشكل ذلك «مأساة كبيرة للوطن ومقدراته». حسب وصف الأمير.

كما ذكر الأمير نايف في تصريحات أخرى في يوليو (تموز) 2003 بعد هجمات «القاعدة» الشهيرة في مايو (أيار) 2003 أن «من بين الـ124 شخصا المعتقلين الذين يستجوبون الآن خمس نساء في مكة».