عضو في لجنة المناصحة السعودية يروي لـ «الشرق الأوسط» تفاصيل 90 دقيقة مع سيدة «القاعدة»

الشيخ السويلم عن هيلة القصير: ظلت أيامها الأخيرة متخفية.. وآوت شابين في بيت خرب بلا كهرباء لـ20 يوما

الشيخ عبد الله السويلم عضو لجنة المناصحة خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: أحمد فتحي)
TT

روى الشيخ عبد الله السويلم، عضو في برنامج المناصحة الخاص بتصحيح أفكار عناصر تنظيم القاعدة المعتقلين في السجون السعودية، لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل الدقائق الـ90 التي قضاها في مناصحة هيلة القصير، التي باتت تعرف بـ«سيدة القاعدة» المعتقلة لدى سلطات الرياض. وكان مصدر مطلع ذكر لـ«الشرق الأوسط» اول من أمس أن هيلة القصير امرأة خطيرة وشخصيتها قوية، وتعتبر أكثر إنسان نشط وفاعل لصالح «القاعدة» في السعودية. احتضنت مجموعة من نساء وأقارب وصبيان المرتبطين بتنظيم القاعدة.

وأفصح الشيخ عبد الله السويلم عن أن هيلة القصير ظلت في آخر أيامها قبل الاعتقال «متخفية عن الأجهزة الأمنية»، كونها علمت أنها «ملاحقة»، فظلت تتنقل بين بيوت العائلات التي تعرفهم وبيوت خربة، قبل أن يلقى القبض عليها.

ويشرح عضو لجنة برنامج المناصحة، قليلا، عما استشفه من خلال الدقائق الـ90 التي قضاها في إطار مناصحة معتقلة «القاعدة»، إذا يقول «الذي يظهر بأن هيلة القصير كان لديها حب الظهور والبروز، وهذا يتضح لارتباطها في أول زواج لها برجل مشهور، وهو الشيخ عبد الكريم الحميد، الذي انطلقت شهرته من مخالفته للواقع، ومنعه للكهرباء وركوب السيارة». وكانت المعلومات التي توفرت تشير الى أنها طليقة المتشدد السعودي عبد الكريم الحميد الذي يخضع للإقامة الجبرية في محافظة الطائف غرب البلاد، بسبب آرائه الدينية الشاذة، وارتباطه بشباب «القاعدة»، وأنها أرملة أحد أعضاء القاعدة، محمد الوكيل الذي قتل في مواجهة أمنية في العاصمة الرياض (قتل في مواجهة أمنية بحي التعاون شمال الرياض، بعد استهداف مبنى وزارة الداخلية في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2004).

وقال السويلم «لقد جلست مع الأخت هيلة قبل 40 يوما لقرابة الساعة ونصف، لغرض المناصحة ومعرفة الشبه، فوجدت أنها امرأة كغيرها من نساء هذه البلاد، تحمل ديانة قوية وعندها الغيرة على هذا الدين، وحب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقوة في إقناع الآخرين بالدعوة إلى الله والإنفاق والبذل والعطاء». غير أن عضو برنامج المناصحة أشار إلى أن الإشكالية التي وقعت فيها هيلة القصير، التي تتهمها السلطات السعودية بأنها تقف وراء دعم «القاعدة» في اليمن، بأنها تقوم بـ«أسلمة» إجرامها وهوى نفسها، حيث كان الشيخ السويلم يشير بذلك إلى اقتناعها بنظرية أن كل رجال الأمن هم «أعداء» لها، لتسببهم في مقتل زوجها محمد الوكيل في مواجهة أمنية بالرياض عام 2004.لكن المعلومات عنها والتي توصلت اليها الشرق الاوسط تفيد بأنها كانت شديدة الفاعلية والاندماج في أجواء «القاعدة» ومشاعرها إلى الدرجة التي أقامت فيها احتفالا منزليا ببريدة، تمجيدا لعبد الله طالع عسيري (مطلوب في قائمة الـ85 السعودية) الشاب الذي فجر نفسه في منزل الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، بهدف اغتيال الأمير في مدينة جدة، غرب السعودية أغسطس (آب) 2009، وهي تلك العملية الفاشلة التي هزت البلد، وكانت هيلة تطلق على عسيري مسمى الشهيد، وعلقت صوره في الاحتفال وقدمت الحلويات للحضور.

وكانت هيلة القصير تحاول خلال مناصحتها من قبل السويلم أن توحي إليه بأن كل ما قامت به من أجل «القاعدة» جاء من منطلق الجهاد والدفاع عن الدين، وأشار إلى أن هيلة كانت تستدل في حديثها معه بحادثة أسماء بنت أبي بكر لما قامت مع النبي وأبي بكر، وتستدل بخروج عائشة، وتستدل بالجهاد المكي والمدني والفرق بينهما». وأعرب السويلم عن اعتقاده بأن ما قامت به هيلة القصير لناحية دعم «القاعدة» هو «تشف وانتقام» لمقتل زوجها على يد القوات السعودية.

وكانت المعلومات الموثوقة لـ«الشرق الأوسط» عنها افادت بأن الحزامين الناسفين اللذين وجدا مع يوسف الشهري ورائد الحربي (وهما أيضا من قائمة المطلوبين الـ85) في مواجهة (الدرب) بمنطقة جيزان، أقصى الجنوب السعودي، على حدود اليمن، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كانا متجهين لسيدة القاعدة هيلة في القصيم، حيث كانت المرأة القيادية في «القاعدة» قد جهزت شخصين انتحاريين ينتظران فقط وصول الأحزمة الناسفة. وكانت المفاجأة التي تكشف عنها هذه المعلومات والمصادر أن الشخص المستهدف من هذه العملية ذات الأحزمة الأربعة الناسفة كانت شخصية عامة بالغة الأهمية لدرجة قصوى في البلد! وأشار عضو برنامج المناصحة خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هيلة القصير آوت قبل أن يتم إلقاء القبض عليها شابين، يبلغ أحدهما من العمر 18، والآخر 19 عاما، في بيت خرب بلا كهرباء لمدة 20 يوما أو أكثر من ذلك. وقال السويلم إنه عاتب معتقلة «القاعدة» على هذا الفعل، وقال لها: «لو بقيت في مكانك تصومين الاثنين والخميس وتدرسين في حلقة تحفيظ القرآن، وتربين بنتك وتدعين لزوجك بالرحمة لكان ذلك أولى من هذا العمل». ولقد كشفت هيلة القصير لعضو المناصحة السعودي عن أن زوجها الوكيل أعطاها أمانة عبارة عن مسدسين، وطلب أن تعاهده بأن «لا تعطي هذا السلاح إلا من يأخذه بحقه»، على حد تعبيرها.

وأوضح السويلم بأن تدين هيلة القصير من دون فهم هو الذي جعلها تقع في أمور إيواء عناصر «القاعدة»، وحشد الدعم المادي لهم.

ويضيف عضو برنامج المناصحة بأن معتقلة «القاعدة» في مكان آمن، ويقوم على خدمتها فريق نسائي متكامل، مؤكدا بأن هيلة القصير في وضع جيد. وأشار الشيخ السويلم إلى أن سلطات السجن استجابت لطلب هيلة القصير بأن تبقي لديها ابنتها «الرباب» ذات الـ5 أعوام في السجن، وبعد أسبوع واحد عهدت هيلة تربيتها لأختها. واعتبر الشيخ السويلم ما طرحه سعيد الشهري نائب تنظيم القاعدة في اليمن من أن هيلة هي من تدير «القاعدة» وما شابه «دليل ضعف لا قوة»، وحالة انهيار كامل.

ولفت عضو برنامج المناصحة إلى أن رموز «القاعدة» ومن ينتمون إليها ليسوا من أهل العلم المعتبرين والمتبحرين في مسائل العلم، وما لديهم من علم لا يعدو كونه معرفة بجزئية محددة في باب الجهاد فقط. ووصف الشيخ السويلم عناصر «القاعدة» بأنهم كـ«جنود بلقيس» أغرتهم قوتهم، ولم يتنبهوا بأن من يعادونه أقوى منهم، معتبرا أنهم تحولوا في بعض الدول المسلمة إلى عصابات ضررهم أكبر من نفعهم، ولم يستبعد أن يكون من يقف خلفهم استخبارات دول إقليمية، وسمى منها إيران، قائلا إنه ليس من المعقول أن يكون هناك قرابة الـ100 عنصر من عناصر «القاعدة» على الأراضي الإيرانية دون أن تعلم عنهم الحكومة هناك شيئا.