الصين تجدد تأكيدها لمصر بعدم إقامة مشاريع في دول منابع النيل

القاهرة تكثف تحركاتها الدبلوماسية للحفاظ على حصتها من مياهه

TT

فيما تكثف القاهرة من تحركاتها الدبلوماسية للحفاظ على حصتها من النيل، وهي تعد خطة لتوفير 10 مليارات متر مكعب من المياه سنويا، جددت الصين أمس تأكيدها لمصر، التي تعاني شحا في المياه، بأنها لن تقوم بالمساعدة في إقامة أي مشاريع في دول منابع النيل التي وقعت غالبيتها على اتفاقية الشهر الماضي ترفضها كل من القاهرة والخرطوم. وتقول مصر إن الاتفاقية الخاصة بإعادة النظر في حصص المياه للدول المطلة على حوض النيل، من شأنها أن تؤثر على حصتها من المياه مستقبلا. يأتي ذلك في إطار مساع مصرية للضغط على مؤسسات مالية دولية بغرض منع توفير المنح والقروض لإقامة مشاريع في منابع النيل. وتعتبر الصين الممول الرئيسي لأحد السدود الكهرومائية على منابع النيل في دولة إثيوبيا، حيث تقود الأخيرة دول منابع النيل لنقض اتفاقات ترفض مصر المساس بمضمونها، وكانت من أوائل دول المنبع التي وقعت منتصف الشهر الماضي على الاتفاقية الإطارية الجديدة حول حصص المياه التي رفضتها كل من مصر والسودان، وأثارت لغطا عن خلافات بين دول حوض النيل، ومستقبل النزاع حول المياه في المنطقة. وقال مصدر في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بمصر لـ«الشرق الأوسط» عقب الاجتماع الذي ضم قيادات من الحزب مع وفد رفيع المستوى من الحزب الشيوعي الصيني في العاصمة المصرية، إن رئيس الوفد الصيني، وانغ قانغ، أكد في الاجتماع مع قيادات الحزب الحاكم على موقف بلاده «الذي عبر عنه رئيس مجلس الوزراء الصيني على هامش قمة الصين أفريقيا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعدم مساعدة الصين في أي مشاريع تؤثر على حصة مصر المائية»، مضيفا أن رئيس الوفد الصيني قال أيضا إن «هذا الموقف ثابت دون تغيير».

وقال مصدر الحزب الوطني الذي يرأسه الرئيس مبارك، إن قانغ قال لقيادات الحزب المصري في الاجتماع الذي ترأسه أمينه العام صفوت الشريف، إن الصين تعتبر مصر الشريك الاستراتيجي الأهم في العالم العربي وأفريقيا والدول النامية، وأنه أكد على رغبة بلاده في تدعيم التعاون مع القاهرة في كافة المجالات، وأنه عبر أيضا عن تقديره للدعم المصري القيم للصين بشأن القضايا المتعلقة بتايوان ومنطقة التبت. وتعاني مصر شحا في المياه، وبدأت مؤخرا برنامجا صارما لترشيد استهلاك المياه، بالتزامن مع إصرارها على عدم تغيير الاتفاق الذي وقعته بريطانيا عام 1929 (خلال الحقبة الاستعمارية)، وينص على حقوق ثابتة لمصر في مياه النيل، واتفاق آخر وقعته مصر والسودان عام 1959 ينص على حصول مصر على 55.5 مليار متر مكعب من أصل 84 مليار من مياه النيل، وحصول السودان على النسبة المتبقية. لكن مصر ترى أن الخلافات مع دول حوض النيل يمكن حلها بالحوار والتفاهم والتعاون، بما في ذلك دولة إثيوبيا التي تأتي منها معظم مياه النيل. واستقبل الرئيس المصري عددا من كبار المسؤولين في ثلاث دول على الأقل من دول منابع النيل خلال الأسبوعين الماضيين، في القاهرة ومدينة نيس الفرنسية على هامش قمة فرنسا أفريقيا. كما كشف أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري أمس أنه سبق والتقى في مدينة نيس مع رئيس وزراء إثيوبيا ميليس زيناوي، وبحث معه «موضوع مياه النيل»، وأعرب عن أمله في أن تتحرك الأمور باتجاه محاولة إعادة الجسور مرة أخرى بين البلدين. كما كشف أبو الغيط أمس عن لقاءات أخرى بعدد من الأطراف المانحة في مقدمتهم روبرت زوليك رئيس البنك الدولي، مشيرا لاحتمالات إيفاد البنك الدولي أحد المتخصصين أو مجموعة عمل إلى القاهرة للاجتماع مع المعنيين في وزارات الخارجية والري والتعاون الدولي للبحث في كيفية العودة مرة أخرى لبناء الجسور بين مصر والدول الخمس التي وقعت على اتفاق عنتيبي بأوغندا. وبحسب أبو الغيط «هناك تحركات مصرية نشطة تجاه ملف مياه النيل غير معلنة حتى الآن».

وتشهد مصر بين حين وآخر احتجاجات لمزارعين يعانون من نقص في كميات مياه الري لمزروعاتهم، وبالأمس نظم فلاحون في منطقة بلقاس بمحافظة الدقهلية بالدلتا وقفة احتجاجية أمام المبنى الإداري للمحافظة، احتجاجا على انقطاع مياه الري منذ نحو أربعة أسابيع. ووعد المسؤولون أمس بإنهاء مشاكل الري هناك بافتتاح 3 مشاريع لخدمة مليوني فدان بتكلفة 120 مليون جنيه. وناشد الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري بمصر المزارعين بعدم كسر القانون الخاص بري المزروعات «لأن مصر تمر بمرحلة حرجة فيما يتعلق بالمياه في ظل تضاؤل نصيب الفرد سنويا من 1200 متر مكعب إلى 700 سنويا. وفي مؤتمر بمدينة العريش شمال شرقي القاهرة أعلن الدكتور عادل البلتاجي، مستشار وزير الزراعة المصري، أمس أنه تم وضع خطة لرفع كفاءة الري الحقلي من 50% إلى 75% في مساحة 3.5 مليون فدان في أراضى الدلتا (شمال) والوادي (جنوب)، وتحسين ورفع كفاءة نظم الري الحقلي في مساحة 2.1 مليون فدان في الأراضي الجديدة، لتوفير 10 مليارات متر مكعب من المياه تستثمر في استصلاح واستزراع أراض جديدة.