العلاقة بين «المردة» و«القوات اللبنانية» نحو أفق مسدود.. ومصالحتهما أضحت مستحيلة

زهرا لـ «الشرق الأوسط»: لن نمكّن فرنجية من جعلنا مكسر عصا بعد اليوم

TT

يبدو أن العلاقة بين تيار المردة وكتلة القوات اللبنانية آخذة إلى مزيد من التصعيد وربما إلى أفق مسدود، خصوصا بعد الهجوم الذي شنّه رئيس «المردة» النائب سليمان فرنجية على رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع الأسبوع الماضي، على خلفية مقتل شخصين من تياره على يد عنصر قواتي في بلدة ضهر العين في شمال لبنان، ووصفه بـ«المجرم والقاتل»، وردّ الأخير عليه عبر تأكيده أنه لن يسكت على تهجماته بعد اليوم.

وكان جعجع ردّ مؤخرا في مقابلة تلفزيونية على فرنجية قائلا: «منذ 4 سنوات وأنا آخذ سليمان فرنجية على (الهواء اللطيف)، ولم أعلّق على أي شيء قاله، والطريقة التي تصرفنا بها معه انتهت، فإذا احترم فرنجية نفسه سنحترمه، وإذا لم يفعل ذلك لن نحترمه، وإذا تكلم عنا بالشخصي سنتناوله شخصيا، وإذا تهجم علينا سنتهجم عليه كثيرا».

وفسّر عضو كتلة القوات اللبنانية، النائب أنطوان زهرا، موقف جعجع فقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الآن فصاعدا لن يكون بمقدور سليمان فرنجية أن يجعل من (القوات اللبنانية) وسمير جعجع مكسر عصا، أو فشّة خلق كلّما أراد ذلك، وأي تهجم من قبله لن يقابل بالسكوت، إنما سيواجه بالرد السياسي. أما التهديدات التي أطلقها فرنجية فإننا نترك للدولة الرد عليها، وأن تتحمّل مسؤولية حماية الجميع». وعمّا إذا كان هجوم رئيس (القوات) المضاد يعقّد الأزمة بين الطرفين وينسف أي محاولة تلاقٍ بين فرنجية وجعجع في المستقبل، أوضح زهرا أن «خطوط الاتصال بين (القوات) و(المردة) لم تنقطع قط، أما على صعيد اللقاء بين الدكتور جعجع والوزير فرنجية فإن الأخير لم يصل إلى مرحلة قبول التواصل الشخصي رغم كل الإيجابيات التي أبديناها»، وتوقّع «وجود عامل خارجي يحول دون هذا اللقاء والمصالحة، لم يستطع فرنجية حتى الآن تجاوزه»، وردا على سؤال عمّا إذا كان يقصد أن سورية هي التي تعطّل المصالحة بينهما قال زهرا: «أعتقد ذلك، والدليل أن الحملات من حلفاء دمشق ضدّ (القوات اللبنانية) لم تتوقف، وهذا ما يعقّد الأمور ويجعل التلاقي صعبا للغاية». مذكرا بأن «كل المساعي التي بذلتها الرابطة المارونية والبطريرك صفير والأساقفة، ومحاولات رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) لاستقبال الاثنين معا، لم تفلح في إقناع فرنجية بلقاء جعجع».

من جهتها أكدت عضو المكتب السياسي في تيار المردة، فيرا يمين، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تصريح الوزير سليمان فرنجية الذي أعقب جريمة ضهر العين لا يتضمن أي تهديد، وكل ما فعله أنه طلب من الدولة أن تحمي الجميع»، واعتبرت أن «كلام جعجع ينطوي على تهديد واضح»، وسألت: «ماذا يقصد السيد جعجع عندما يقول: (منذ أربع سنوات كنا نعامل فرنجية على الهواء اللطيف وهذه الطريقة انتهت)؟ ألا يعني ذلك تهديدا؟ هذا ليس كلاما في السياسة، نحن لا يمكن أن نفسّره إلا تهديدا، خصوصا وأن هذا الرجل أحدث عبر تاريخه إعصارات في الجسم المسيحي منذ أن تسلّم قيادة (القوات اللبنانية)»، وقالت: «لا يستطيع أحد أن يستشرف المستقبل إلا إذا نظرنا إلى الماضي بموضوعية، وما دام ماضي جعجع مثقلا فلا يمكنه أن يلمّع صورته إلا إذا تخلّص من عبء ماضيه وصارح الناس».

ووصفت يمين تفسير البعض موقف فرنجية الذي قاله إثر جريمة ضهر العين بأنه تهديد، بـ«الساذج، خصوصا أن أصحاب هذا التفسير هم أصحاب مشاريع قديمة»، وذكّرت أن «شهيدين سقطا على يد مسؤول قواتي، وكل ما قاله الوزير فرنجية يومها: (لن أكون بديلا عن الدولة، وعلى الدولة أن تتحمل العبء الأساسي وأن تحمي الجميع)».

وردا على سؤال عن مصير المصالحة بين «المردة» و«القوات اللبنانية» بعد كل هذا التصعيد، قالت يمين: «بعد جريمة قتل الشابين لم تعد المصالحة صعبة، إنما مستحيلة؛ لأننا لن نستعمل الشهادة جسر عبور كما يرغب (منسق قوى «14 آذار» النائب السابق) فارس سعيد، الذي قال إثر الجريمة: (كنا نتمنى على سليمان فرنجية أن يطوق الحادث ويلتقي سمير جعجع لإنهاء ذيول ما حصل)، وكأنه يُفهم من هذا الكلام أن الجريمة تمت لكي تحصل المصالحة». وأوضحت أن «الوزير فرنجية هو من سعى للمصالحة منذ زمن عندما منح العفو (في جريمة قتل والديه وشقيقته)، وعندما خرج جعجع من السجن سارع إلى مد اليد، أما الأخير فلم يقابل هذه المبادرة بالمثل، لكن عندما اقتربت الانتخابات النيابية الماضية طرح جعجع المصالحة علّها تعطيه براءة ذمة في الشارع المسيحي، إلا أننا لم نكن نريدها صورة فلكلورية، بل تضحية تقدم على مذبح لَمّ شمل المسيحيين». مذكرة بأن «الوزير فرنجية أبدى رغبة في المصالحة في ما بعد، غير أن جعجع رفض أن ينضم إليها العماد ميشال عون وكل المكونات المسيحية الأخرى في مشهد مسيحي جامع»، وأعلنت أن «جعجع كان ولا يزال عاجزا عن المصارحة والمصالحة واتخاذ القرار بشكل مستقل، كما أن سيدنا البطريرك (صفير)، ولأسباب رآها موجبة، لم يؤدِّ دوره كراعٍ للمصالحة من منطلق أن الكنيسة هي الجامعة لكل أبنائها».