استقالة عميدة صحافيي البيت الأبيض بسبب تصريحاتها ضد إسرائيل

عملت في المجال الصحافي منذ عام 1943 وتترك عملها قبل أسابيع من عيدها الـ90

TT

شهدت واشنطن انتهاء عهد خاص في تاريخ الصحافة الأميركية مع استقالة عميدة صحافيي البيت الأبيض هيلين توماس من منصبها بعد زوبعة إعلامية ضدها بسبب تصريحات لها ضد إسرائيل. وقبل أشهر من احتفالها بعيد ميلادها الـ90، وهي تشترك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في نفس يوم الميلاد وهو 4 أغسطس (آب)، تترك توماس عملها في مجموعة صحف «هيرست» وتتقاعد من العمل الصحافي مما ينهي عهدها كعميدة لصحافيي البيت الأبيض.

وتأتي استقالة توماس بعد يوم من اعتذارها الرسمي عن تصريحات أدلت بها يوم 27 مايو (أيار) الماضي حول إسرائيل، معتبرة فيها الإسرائيليين محتلين و«عليهم الخروج من فلسطين». وردا على سؤال طرحه عليها صحافي خلال خروجها من حفل في البيت الأبيض للاحتفال بالإرث اليهودي - الأميركي، أشارت توماس إلى الفلسطينيين قائلة: «هذا شعب محتل، وهي أرضهم، ليست ألمانيا أو بولندا». وأضافت أن عليهم (الإسرائيليين) «العودة إلى أوطانهم»، وعندما سألها الصحافي ما هي أوطانهم، أجابت: «بولندا وألمانيا والولايات المتحدة وكل مكان آخر».

وسجل الصحافي تصريحات توماس بكاميرا فيديو بسيطة ونشرها على مواقع إلكترونية عدة وأدت إلى انتقادات من مسؤولين ومعلقين في الولايات المتحدة. وكان الشريط التسجيلي الذي حمل تصريحات توماس قد انتشر على مواقع إخبارية أميركية ومواقع لمؤسسات يهودية وإسرائيلية. ويحمل الشريط التسجيلي من «راباي لايف» رسالة في نهاية التسجيل، تسأل: «هل يمكن لهيلين توماس أن تغطي الأخبار بعدم تحيز؟». ويذكر أنه حتى ظهر أمس، كان أكثر من مليون و100 ألف مشاهد قد اطلعوا على الفيديو المحمل على موقع «يوتيوب» والذي حمل انتقادات وشتائم ضد توماس بالإضافة إلى تصريحات مناصرة لها.

وأعلنت مجموعة «هيرست» أمس أن توماس استقالت بعد ساعات قليلة من انتقاد الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس لها. وقال غيبس في مؤتمر صحافي أمس إن تصريحات توماس: «مسيئة وتستحق التوبيخ»، مضيفا: «بالطبع تصريحاتها لا تعكس رأي غالبية الناس هنا وبالتأكيد (لا تعكس) رأي الإدارة» الأميركية. ويذكر أن توماس لم تحضر المؤتمر الصحافي أمس، وهذه من الحالات النادرة التي لم تحضر توماس فيها المؤتمر الصحافي اليومي للبيت الأبيض إذ إن المقعد الأمامي في القاعة كان دوما محجوزا لها تقديرا لتاريخها الطويل في البيت الأبيض.

واعتبر غيبس أن على توماس أن تعتذر، معترفا في الوقت نفسه بأنها قد اعتذرت. وقالت توماس في بيان على موقعها الإلكتروني يوم الجمعة الماضي: «إنني نادمة بعمق بسبب التصريحات التي أدليت بها الأسبوع الماضي حول الإسرائيليين والفلسطينيين». وأضافت أن تلك التصريحات «لا تعكس إيماني العميق بأن السلام سيأتي إلى الشرق الأوسط فقط عندما تقر كل الأطراف بأهمية الاحترام والتسامح المتبادل».

إلا أن اعتذار توماس لم يكن كافيا لكبح سيل الانتقادات الموجهة لها. وقاد اري فليشر، الناطق السابق باسم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، الحملة ضد توماس مطالبا بفصلها. واتهم فليشر في مقال رأي على موقع «هافينغتون بوست» توماس بأنها «تطالب بالتطهير الديني.. لو كان صحافي أو كاتب مقال قال الأمر نفسه حول السود أو الأميركيين من أصول إسبانية لطرد من عمله». وقال فليشر: «كيهودي وكشخص كان يعمل معها وكان يحبها، أجد هذا الأمر مروعا».

ويذكر أن الشركة التي عملت وكيلة لأعمال توماس، «ناين سبيكرز»، أعلنت أنها لم تمثل توماس بعد، كما أن مدرسة ثانوية في واشنطن كانت قد دعت توماس للحديث خلال حفل تخريجها أعلنت عن رفضها لاستضافة توماس بسبب تصريحاتها.

وكانت تصريحات غيبس أمس أول موقف رسمي من إدارة أوباما حول توماس التي كان أوباما قد احتفل معها خلال عيد ميلادهما العام الماضي. وكان أوباما قد حضر إلى قاعة المؤتمرات الصحافية في البيت الأبيض وقدم كعكة لتوماس احتفالا بعيد ميلادها الـ89 وغنى لها مما لفت إلى قرب علاقة البيت الأبيض بعميدة الصحافيين التي تغطي الأحداث الأميركية منذ عام 1943. وكانت توماس قد غطت البيت الأبيض منذ رئاسة الرئيس الأميركي الراحل جون كيندي واشتهرت كإحدى أولى الإعلاميات الأميركيات في وقت كان الرجال يسيطرون على الإعلام الأميركي.

ويذكر أن أصل توماس لبناني، حيث هاجر والدها نهاية القرن الـ19 إلى الولايات المتحدة من لبنان. وعرفت توماس بمواقفها المناصرة للسلام وجرأتها في طرح أسئلة صعبة.