استئناف مفاوضات الدوحة في غياب أكبر حركتين.. وعبد الواحد لـالشرق الأوسط»: مستعدون لحرب

الأمم المتحدة: مايو أكثر الشهور دموية في دارفور منذ أكثر من عامين.. والاتحاد الأوروبي يخصص مساعدات

TT

استأنفت الوساطة القطرية يوم أمس جولة المفاوضات بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة في غياب أكبر حركتين مسلحتين، وسط تفاؤل كبير بتوقيع اتفاق سلام في وقت قريب. وشددت الخرطوم على أنها تتجه نحو الحل، وليس الحرب، وترغب في بناء مناخ جديد من الثقة، وأنها في كامل الجاهزية لتحقيق السلام، في وقت أكد فيه رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد نور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» استعداد حركته للمواجهات العسكرية، طالما اتخذت الخرطوم هذا الخيار، ووُضِع عدد من الشروط للتفاوض.

وبدأت في الدوحة أمس جولة المفاوضات بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة التي تتضمن عددا من الفصائل المسلحة، في حضور وزير الدولة للخارجية القطري أحمد بن عبد الله آل محمود، والوسيط المشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جبريل باسولي، ورئيسي وفدي الحكومة والحركة، في حين تغيبت حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد نور، والعدل والمساواة بزعامة خليل إبراهيم، أكبر حركتين مسلحتين في إقليم دارفور.

ونفى رئيس الوفد الحكومي أمين حسن عمر، أن يكون غياب حركة العدل والمساواة من المفاوضات ذا تأثير، وقال: «لا أعتقد أن عدم وجود حركة العدل والمساواة في الجولة المقبلة سيشكل عائقا أمام التوصل إلى سلام بدارفور»، وأضاف «الحكومة مصرة على موقفها ببدء التفاوض في موعده» مشددا على أن السلام «أصبح خيار الجميع، وكل أهل دارفور، ولا تستطيع حركة العدل والمساواة احتكار التفاوض وهي في أضعف حالاتها التنظيمية والعسكرية، وتعاني فقدانا للوزن».

وكانت العدل قد وقعت اتفاقا إطاريا مع الخرطوم، لكنها رفضت مواصلة المفاوضات احتجاجا على توقيع اتفاق مواز مع حركة التحرير والعدالة، وأبان عمر «أن الحكومة ستجلس للحوار وفقا للجدول الذي أخرجته الوساطة في وقت سابق، وبناء على أوراق العمل التي أعدت سلفا من قبل الوساطة المشتركة»، وعبر عن تفاؤله بإحراز نجاح كبير في هذه الجولة، من منبر الدوحة نحو التوصل إلى السلام في دارفور، رغم موقف حركة العدل والمساواة من العملية التفاوضية، مشيرا إلى «أن هذا التفاؤل مبعثه تدافع أهل دارفور الكبير في الانتخابات العامة التي جرت في السودان في شهر أبريل (نيسان) الماضي، مما يؤكد رغبتهم في الحل السياسي والتداول السلمي للسلطة، وليس التنازع الحربي عليها».

وقال: «إن جهود الحكومة تتجه نحو الحل، وليس الحرب، وترغب في بناء مناخ جديد من الثقة، وأنها في كامل الجاهزية لتحقيق السلام»، في حين قال الوسيط القطري في كلمته الافتتاحية: «السلام والاستقرار مهمان في هذا البلد، ونراه مهما، ليس في عالمنا العربي فقط، وإنما للعالم العربي والقارة الأفريقية، فهو جسر ترابط بين العالمين العربي والأفريقي». وأكد «أن دولة قطر، كما هي الوساطة المشتركة، ستظل تفتح صدرها وعقلها للجميع». وقال: «فنحن لا نميز بين طرف وطرف، وإنما هدفنا هو إحلال السلام.. هدفنا الوصول إلى الحق وهدفنا الوصول إلى ما نرجوه».

وفي السياق ذاته أعرب جبريل باسولي عن أمله أن تنضم الحركات الأخرى إلى المفاوضات، وقال: «إن الوساطة ستظل منفتحة على جميع أطراف التفاوض على طريق السلام»، لكن رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد نور المقيم في العاصمة الفرنسية باريس، شدد على مواقفه القديمة الرافضة للتفاوض. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لن ندخل في تفاوض ما لم يتحقق الأمن للمدنيين في دارفور، ويعود النازحون إلى مناطقهم، وبعد أن يتم نزع سلاح ميليشيا الجنجويد». وأضاف: «نطالب بتسليم الجناة والمتورطين في جرائم حرب دارفور إلى محكمة الجنايات الدولية»، وحول اعتبار الرئيس البشير جولة التفاوض الحالية هي الأخيرة ومن ثم سيلجأ إلى الحرب، سخر نور وقال: «هم لم يغيروا سلوكهم، ويواصلون حربهم منذ سنوات، ونحن مستعدون أكثر من أي وقت مضى للحرب».

إلى ذلك قال مسؤولون في الأمم المتحدة أمس، إن نحو 600 شخص لاقوا حتفهم في التمرد والمواجهات القبلية في منطقة دارفور في السودان الشهر الماضي، وهو أكثر الشهور دموية في تلك المنطقة منذ أكثر من عامين. وقال مسؤول من قوة حفظ السلام الدولية الأفريقية المشتركة في دارفور، يوناميد، إن «هناك 491 حالة وفاة مؤكدة، و108 حالات وفاة غير مؤكدة». مضيفا أن هذا أكبر حصر لوفيات مسجل منذ تشكيل القوة الدولية الأفريقية في يناير (كانون الثاني) 2008.

من جهته قرر الاتحاد الأوروبي أمس، تخصيص مبلغ يصل إلى 64 مليون يورو كمساعدات إنسانية لسكان إقليم دارفور وجنوب السودان. ويأتي ذلك قبل ساعات من زيارة مقررة اليوم الثلاثاء للمفوضة الأوروبية المكلفة بالتعاون الدولي والمساعدات الإنسانية إلى السودان تستغرق ثلاثة أيام. وحسب ما جاء في بيان صدر عن المفوضية الأوروبية في بروكسل، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، ستصرف هذه المبالغ بالاشتراك مع برنامج الغذاء العالمي، إثر اتفاق تم التوصل إليه بهذا الشأن بين الطرفين في روما. وفي هذا الصدد، عبرت المفوضة الأوروبية المكلفة بشؤون التعاون الدولي والمساعدات الإنسانية كريستالينا جيورجيفا، في تصريحات نقلت عنها من روما، عن «قلق الاتحاد الأوروبي تجاه الوضع الإنساني في السودان، وطالبت المفوضة الأوروبية بضرورة العمل من أجل تأمين مساعدات للمهجَّرين جراء الصراعات المسلحة في مناطق متعددة من البلاد».