أمانو ردا على معارضيه: المخاوف من إنتاج قنبلة تجعل إيران «حالة خاصة»

سلطانية: إسرائيل هي الأخطر * نجاد في تركيا والصين لبحث النووي * كلينتون: طهران ستحاول «التحايل».. لكن لدينا الأصوات اللازمة للعقوبات

مندوب ايران لدى وكالة الطاقة الذرية علي أصغر سلطانية في طريقه لحضور اجتماع للوكالة في فيينا أمس (رويترز)
TT

قال يوكيا أمانو المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسط ضغوط عربية كي يركز اهتمام وكالته على ترسانة السلاح النووي التي يفترض أن إسرائيل تملكها، إن إيران تعتبر «حالة خاصة» بسبب المخاوف من أن تكون تعمل على تطوير قنبلة نووية. إلا أن السفير الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية رد عليه موضحا أن القدرات النووية الإسرائيلية هي الموضوع الأهم والأخطر. ومع توقع أن يصوت مجلس الأمن على مجموعة جديدة من العقوبات على إيران هذا الأسبوع أكد أمانو تصعيد طهران لعمليات تخصيب اليورانيوم متحدية قرارات الأمم المتحدة التي تطالبها بوقفها وعدم منحها مفتشي الوكالة ومحققيها حرية دخول غير مشروطة. وقال في افتتاح اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 عضوا «مما يتعين ذكره كذلك أن إيران تعتبر حالة خاصة ومن بين أسباب ذلك وجود مسائل تتعلق ببعد عسكري محتمل لبرنامجها النووي».

لكن السفير الإيراني قال إن الوكالة يجب أن تركز جهود حظر الانتشار على إسرائيل التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي ويعتقد على نطاق واسع أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط. وثار هذا الجدل في أعقاب مؤتمر للأمم المتحدة استمر شهرا في نيويورك لمراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي مما يضع إسرائيل في دائرة الضوء وفي وقت أصبحت فيه إسرائيل محط تدقيق دولي بعد غارتها في البحر على قافلة مساعدات متجهة إلى قطاع غزة. وقال علي أصغر سلطانية للصحافيين إن إسرائيل «تمثل مخاوف أمنية خطيرة للمنطقة وللعالم بأسره»، منتقدا «جرائم ضد الإنسانية في غزة. مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي بالإضافة إلى قدرة نووية تشكل خطورة على أمن العالم ككل». واتهم سلطانية أمانو بأنه لا يبذل جهدا مماثلا للجهد الذي بذله سلفه المدير السابق الدكتور محمد البرادعي لحلحلة المشكلات وتقريب وجهات النظر، ضاربا مثلا بتقاعس أمانو على إنجاح مقترح تبادل الوقود، مما دفع أمانو للتوضيح للصحافيين أنه يلعب دورا محايدا مستغلا إمكانات مكتبه الهائلة وسلطاته للعمل كوسيط فاعل لتنفيذ اقتراح تبادل اليورانيوم حتى تحصل إيران على الوقود النووي لمواصلة تشغيل مفاعلها للأبحاث الطبية لتوفير ما تحتاجه من علاج إشعاعي.

وقال أمانو إن الوكالة تدرس كل الصعوبات التقنية التي قد يجابهها تنفيذ هذا الاقتراح ومن ذلك إن كان بالإمكان تنفيذه خلال عام كما طلبت إيران بالإضافة للنظر في كمية اليورانيوم المخصب التي أصبحت إيران تمتلكها والتي تقدرها الوكالة بـ2427 كيلوغراما فيما كانت إيران تملك 1733 كيلوغراما يوم طرحت الوكالة اقتراحها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مضيفا أن إيران أصبحت تمتلك كمية من اليورانيوم المخصب تخصيبا عاليا بنسبة 20% ولا تزال تواصل عملية التخصيب.

فيما حث سلطانية الوكالة الدولية على تنحية الملف الإيراني الذي وصفه بأنه أصبح أمرا مملا بعد 7 سنوات من التحقق و4 آلاف عملية تفتيش قامت بها الوكالة دون أن تتوصل لأمر يدين إيران، مشيرا أن ما يمكن أن يفتح صفحة جديدة هو قبول اقتراح تبادل الوقود وفقا للصيغة التي رفعتها إيران.

كما كرر أمانو مناشدته لسورية لزيادة تعاونها مع الوكالة لا سيما السماح للمفتشين الدوليين للقيام بمزيد من الزيارات لموقع دير الزور بمنطقة الكبر الذي دمرته إسرائيل بتهمة أنه مفاعل نووي كان قيد الإنشاء بمساعدة كورية شمالية، كما دعا السماح للمفتشين بالاطلاع على ثلاثة مواقع أخرى ذات صلة بتلك المنطقة للتأكد من حقيقتها.

وستسعى الدول العربية لممارسة ضغوط على إسرائيل في وقت لاحق هذا الأسبوع عندما يناقش المجلس «قدرات إسرائيل النووية». وتريد من أمانو المساعدة في تنفيذ قرار للوكالة يحث إسرائيل على فتح منشآتها النووية أمام المفتشين والانضمام للمعاهدة. وسيكون هذا هو أول اجتماع لمجلس محافظي الوكالة يناقش هذا الأمر منذ عام 1991. وقال أمانو إنه سيورد تقريرا عن القرار في اجتماع الجمعية العمومية للوكالة في سبتمبر (أيلول) وأضاف أنه تلقى 17 ردا إيجابيا فقط على الموضوع حتى الآن من 150 دولة. وقال بعض الدبلوماسيين إن هذا أثار تساؤلا عن سبب ضرورة بحث المسألة الآن.

وقال السفير الأميركي في الوكالة جلين ديفيس «لا نرى أسسا ملائمة لأن تبحث هذه المنظمة برنامج إسرائيل النووي»، وأضاف أن المناقشة يجب أن تنظر لما بعد صدور قرار أمانو. وتابع «وعلى عكس البرامج النووية لدول أخرى تدرس الوكالة حالاتها فنحن لسنا على علم بانتهاك إسرائيل لأي التزامات تعهدت بها أمام الوكالة». وساعدت أصوات الدول النامية في دفع القرار الخاص بإسرائيل قدما في سبتمبر الماضي ليصبح القرار الأول بعد محاولات عربية دامت 18 عاما داخل مجلس الوكالة. وأعرب سلطانية عن رضاه بمناقشة البرنامج الإسرائيلي خلال اجتماعات الوكالة.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن كانت مناقشة الوكالة للبرنامج الإسرائيلي يعني أنه يتوقع أن تفتح إسرائيل منشآتها النووية للمفتشين مما يمكنها من كتابة تقرير وفق ما سيجمعه المفتشون من معلومات، قال أمانو إن التقرير الذي سيقدمه عن القدرات النووية الإسرائيلية سيكون عما سيصله من ردود ينتظرها على خطابه الذي بعث به لوزراء خارجية الدول أعضاء الوكالة يسألهم فيه عن رأيهم ورؤيتهم حول سبل تنفيذه لقرار إضافة بند القدرات النووية لمجلس الأمناء.

وردا على سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط» عن كم سينتظر حتى تصله هذه الردود خاصة أنه لم يتسلم حتى اللحظة غير رد 17 دولة، قال المدير العام إنه سيبعث بخطاب ثان يوضح أنه يتوقع الردود بنهاية هذا الصيف قبل أن يرفع تقريره في سبتمبر، شارحا أن تقريره عن القدرات النووية الإسرائيلية سيكون مختلفا عن التقارير التي يرفعها عن إيران وسورية لكون أنه سيكون تقريرا مرتبطا بقرار من المؤتمر العام للوكالة بينما تلك التقارير مبنية على عمليات تفتيش وتحر تقوم بها الوكالة في هذين البلدين وفقا لاتفاقات الضمانات التي لا تتوفر في حالة إسرائيل (لكونها غير موقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية التي تلزم الدول الموقعة بفتح منشآتها لرقابة وتفتيش الوكالة) وفي حالة إيران بالإضافة لاتفاقات الضمانات هناك قرارات صادرة بحقها من مجلس الأمن.

وردا على سؤال حول الكيفية التي ستحصل بها الوكالة عن معلومات عن القدرات النووية الإسرائيلية، قال أمانو إنهم سيعتمدون على مصادر أميركية واستخباراتية أخرى بالإضافة لمعلوماتهم. وطلبت «الشرق الأوسط» لاحقا تعليقا عن كيف ستثق الوكالة في معلومات أميركية عن إسرائيل بسبب العلاقات الخاصة بينهما، قالت الناطقة باسم الوكالة، جيل ثيودور، إن الوكالة لا تعتمد في معلوماتها على دولة منفردة بل عدة مصادر متنوعة بجانب معلوماتها الخاصة.

وكان السفير ميخائيل وهبي، سفير الجامعة العربية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أكد لـ«الشرق الأوسط» أهمية إجازة بند القدرات النووية الإسرائيلية، واصفا إياه بأنه تطور ملحوظ ومقدر لكون أن القرار، رغم التحفظ من بعض الدول، أجيز دون أن يكسر التوافق داخل مجلس الأمناء مما يرسل رسالة إيجابية المضمون تشير لاستمرار البحث وعدم التصدي للمجموعة العربية التي بذلت جهدا مقدرا وتنسيقا رائعا بالتعاون فيما بينها وبين مجموعات أخرى كمجموعة عدم الانحياز والمجموعة الأفريقية.

وأكد أن هذا البند لا يعتبر مجرد إجراء إداري وإنما مضموني وجوهري، مضيفا أن مجرد الحديث عن القدرات النووية الإسرائيلية في مؤتمر عام الوكالة والآن في مجلس أمنائها يعتبر أمرا مهما آخذا طريقه للتنفيذ. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن محاولة دول بتمييع الأمر متخذين تكتيك تأخير الرد على رسالة المدير العام، قال السفير ميخائيل وهبي: «قد يكون ذلك التأجيل تكتيكا وقد يكون لانتظارهم لمعرفة نتائج مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي الذي عقد أخيرا بنيويورك، وفي كل الحالات فإن مؤتمر نيويورك خرج بنتائج جيدة»، مشددا أن المدير العام ملزم بأن يرفع تقريرا سبتمبر القادم.

إلى ذلك وعلى صعيد متصل بدأ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد زيارة تقوده إلى تركيا والصين قبل أيام من تصويت مجلس الأمن الدولي على تشديد العقوبات المرتبطة ببرنامج طهران لتخصيب اليورانيوم. وأعلن التلفزيون الرسمي الإيراني أن أحمدي نجاد «سيبحث مع المسؤولين الصينيين المسألة النووية الإيرانية وتبادل الوقود ومشروع قرار العقوبات».

وقبل أن يتوجه إلى الصين الحليفة الأساسية والشريكة الاقتصادية لإيران، أجرى أحمدي نجاد محادثات حول الملف النووي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على هامش المؤتمر الإقليمي حول الأمن في آسيا الذي افتتح أمس في إسطنبول، ومع الرئيس التركي عبد الله غل.

وقال التلفزيون الإيراني إن أحمدي نجاد سيبحث الملف النووي مع أردوغان ولا سيما «مسألة تبادل الوقود». وأردوغان هو أحد موقعي النص الإيراني الذي أكدت أنقرة بعد إعلانه معارضتها لفرض عقوبات جديدة على طهران. وسيحضر المؤتمر في تركيا أيضا رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما أعلنت الخارجية التركية.

وعبرت الصين عن الأمل في أن لا تضر عقوبات جديدة محتملة يتخذها مجلس الأمن ضد إيران بسبب برنامجها النووي بحياة الشعب الإيراني. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو: «نعتقد أنه من الضروري أن يؤدي كل إجراء يتخذه مجلس الأمن إلى تسوية المشكلة النووية الإيرانية عبر الحوار والتفاوض»، مشددة على أنه من «الضروري أن لا يعاقب هذا الإجراء الشعب الإيراني ولا أن يؤثر في حياته اليومية». من جهته، أكد أحمدي نجاد أن إيران ستواصل «الدفاع عن حقوقها» في تطوير التكنولوجيا النووية المدنية حتى لو فرضت عليها عقوبات جديدة.

من ناحيتها حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ليل أول من أمس من «حيل» إيران قبل جولة تقوم بها في أميركا اللاتينية حيث تعارض البرازيل التي تمثل قوة إقليمية حملة الولايات المتحدة لفرض الأمم المتحدة عقوبات جديدة على إيران. وقالت كلينتون إنها تتوقع بشكل كامل أن تقوم إيران «ببعض الحيل» خلال الأيام المقبلة في محاولة لتشتيت الضغوط الرامية إلى فرض عقوبات ولكنها توقعت فشل ذلك. وأردفت قائلة للصحافيين على متن طائرتها قبل المغادرة «أعتقد أننا سنرى شيئا ما يحدث خلال ما بين الأربع والعشرين والثماني والأربعين ساعة المقبلة. أعتقد أنه يجب أن لا يصاب أحد بالدهشة إذا حاولوا تشتيت الانتباه من جديد عن الوحدة داخل مجلس الأمن.. ولكن لدينا الأصوات».