القوات الأفغانية تخشى ما بعد انسحاب القوات الأجنبية

مقتل 10 جنود أجانب في حوادث متفرقة بأفغانستان

جنود من كوماندوز البحرية البريطانية يتدربون في مستنقعات ولاية هلمند على اسلحة جديدة اكثر دقة في التصويب امس (رويترز )
TT

وقف جندي أفغاني بجوار مدفعه الآلي في برج مراقبة محاط بأكياس الرمل يفكر في مستقبل البلاد بعد مغادرة القوات الغربية. وقال محمد عظيم في قاعدة بقندهار تتشارك فيها قوات حلف شمال الأطلسي مع قوات الجيش الأفغاني بالقرب من قرى يمتزج فيها المتشددون بسهولة مع السكان: «طالبان ستسيطر علينا خلال 5 دقائق». والاستقرار في أفغانستان معلق بدرجة كبيرة على أداء الجيش، خصوصا بعدما تبدأ القوات الأميركية في خفض عدد قواتها في 2011. والفشل في تهدئة طالبان قد يضر بشدة برئاسة الرئيس الأميركي، باراك أوباما. فهو يأمل أن ينجح نشر قوات إضافية قوامها 30 ألف جندي أميركي وتدريب القوات الأفغانية في تحقيق ذلك. وقد يواجه الجيش الأفغاني أكبر اختبار له في الأشهر القليلة المقبلة. وتكثف القوات الغربية والأفغانية عملياتها الأمنية في قندهار لمنع حركة طالبان من تقويض استراتيجية الحكومة لكسب التأييد الشعبي عن طريق تقديم خدمات وبنية أساسية ووظائف أفضل والقضاء على الفساد. ويقول مسؤولون من حلف شمال الأطلسي إنه لن يمضي وقت طويل قبل أن يتمكن الجيش الأفغاني من هزيمة طالبان على الرغم من أن عشرات الألوف من القوات الغربية فشلت في هزيمتها في حرب مستمرة منذ تسع سنوات. لكن صورة مختلفة تظهر من حديث مع علي حسين اللفتنانت بالجيش الأفغاني الذي يمضي جزءا كبيرا من يومه أمام شاشة الكومبيوتر يدرس صور أحدث قنابل طالبان. فهو يراجع قائمة طويلة في عقله للأشياء التي يتعين على الجيش الأفغاني ضمان أن لا تأخذها طالبان فور مغادرة القوات الأجنبية... طائرات ومروحيات ودبابات وأسلحة ثقيلة ونظارات للرؤية في الظلام. وبصرف النظر عن محاولة رفع معنويات الجنود الذين ينقصهم التجهيز يجد حسين صعوبة في الحصول على معلومات مخابراتية عن مقاتلي طالبان الذين يقول إنهم يتسللون إلى القرى أثناء الليل لترويع السكان حتى لا يساندوا الدولة.

ويقدر حسين أن هناك 25 شخصية قيادية بارزة من طالبان في المنطقة. وعلى الرغم من أنه لديه فكرة عمن يكون القادة فإن تعقب المتشددين صعب دون مساعدة الناس على الأرض.

وقال أحد الجنود الذي عاد لتوه بعد أن أمضى أسابيع على الجبهة يقاتل طالبان يطلقون النار علينا ثم نطلق نحن النيران عليهم. وفي نهاية الأمر يضعون سلاحهم ثم يبدون مثل أي شخص آخر في المكان. ويأمل حسين أن يأتي شيوخ القبائل ورجال الأعمال والقوات الأجنبية بالاستثمارات حتى تكون هناك حوافز ملموسة لدى الناس لمساندة الحكومة.

وشارك حسين في تسع مجالس شورى محلية للمساعدة في تحقيق ذلك. وجرى شق طريق طوله ستة كيلومترات بموجب تعهدات قطعت في هذه الاجتماعات. ولكن هناك الكثير الذي ما زال يتعين القيام به. وعلى عكس القوات الغربية في القاعدة التي تصلها دون انقطاع زجاجات المياه المعدنية المثلجة، فإن حسين لا يشرب سوى من زجاجة مياه ساخنة بسبب عدم وجود براد (ثلاجة) وهو يشاهد التلفزيون لتفقد أوضاع الأمن في أفغانستان. وقد لا تكون هناك أنباء طيبة متوقعة حتى تعلم القوات الغربية القوات الأفغانية أن تحارب بنفسها وحتى تتدفق الأموال على قندهار، معقل طالبان. ولا أحد يعرف متى سيحدث ذلك. وقال الميجور أوستن دوغلاس، قائد سرية، هذا هو السؤال المهم. وأضاف: «ليس من الجيد أن تزيد توقعات الناس وتحدد لهم موعدا».

إلى ذلك قال حلف الأطلسي إن عشرة عسكريين من قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) التي يقودها الحلف قتلوا في حوادث متفرقة أول من أمس. وقال مسؤولون إن مدنيين أجنبيين يعملان في شركة أميركية للأمن تساعد بموجب عقد في تدريب الشرطة الأفغانية قتلا في هجوم انتحاري لطالبان على معسكر تدريبي في قندهار. وكان أول من أمس واحدا من أكثر الأيام دموية منذ شهور بالنسبة للقوات الأجنبية التي تقاتل طالبان. وبلغ تمرد طالبان في الوقت الراهن أشده منذ الإطاحة بالحركة في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001. وقال الحلف إن خمسة عسكريين قتلوا في نفس الهجوم الذي نفذ بعبوة ناسفة في شرق أفغانستان. وقتل اثنان في انفجار عبوة ناسفة وثالث في هجوم آخر بقنبلة في الجنوب. كما قتل عسكريان آخران في إطلاق نار بأسلحة خفيفة في حادثتين منفصلتين في الجنوب والشرق. ولم تكشف قوة «إيساف» عن أسماء وجنسيات القتلى أو أي تفاصيل أخرى عن الضحايا وتركت ذلك لحكومات الجنود المعنيين. وقتل أكثر من 1800 عسكري أجنبي في أفغانستان منذ الإطاحة بطالبان ولكن يوشك أن يزداد عدد القوات الأجنبية إلى نحو 150 ألفا في إطار هجوم ضد معاقل طالبان وحملة للتنمية. وقالت طالبان إنها لن توافق على السلام حتى تغادر كل القوات الأجنبية البلاد وشجعها على ذلك خطط أميركية لبدء الانسحاب من العام المقبل لتترك وراءها حكومة وأجهزة أمنية مثل الشرطة والجيش اللذين لم يختبرا من قبل دون الدعم الأجنبي.