أسرة ضابط مغربي معتقل تجدد طلب العفو الملكي للإفراج عنه

قالت إن لجوءها إلى المنظمات الحقوقية الدولية لا يحمل أي طابع سياسي

TT

جددت أسرة ضابط سامٍ مغربي متقاعد حكم عليه بالسجن لمدة 12 سنة بتهمة تهديد الأمن الخارجي للدولة، وإفشاء أسرار عسكرية، طلبها التماس عفو ملكي للإفراج عنه. وقالت الأسرة إن الحملة التي تقوم بها في الصحافة الأجنبية ولدى المنظمات الحقوقية الدولية لا تحمل أي طابع سياسي.

وكانت الحكومة المغربية قد أصدرت بيانا في 13 مايو (أيار) الماضي ردا على الحملة التي تقوم بها أسرة العقيد الركن قدور طرزاز، الذي عمل في سلاح الجو، أوضحت من خلاله أن طرزاز أخل بشكل خطير بواجباته المهنية، وأنه أحيل إلى التقاعد بسبب ارتكابه خطأ مهنيا جسيما، واتهمته بإتلاف أملاك عمومية. ووصفت الحكومة الحملة التي تقوم بها أسرته بـ«الدنيئة»، وتروم «تشويه الحقيقة بشكل متعمد» بحجة توفره على جنسية مزدوجة مغربية – فرنسية.

وقالت سونيا طرزاز، ابنة الضابط المغربي، خلال لقاء صحافي عقد أول من أمس بالرباط خصص للرد على بيان الحكومة، إن الأسرة لم يكن أمامها أي خيار آخر سوى اللجوء إلى الصحافة وطلب دعم المنظمات الحقوقية الدولية (هيومان رايتس ووتش، والعفو الدولية)، وذلك بعد مرور عام كامل على سجنه. مشيرة إلى أن الهدف لم يكن إثارة ضجة حول القضية بقدر ما كان المطالبة بالإفراج عن أبيها الذي يبلغ من العمر 73 عاما، لأنه «لم يتمتع بمحاكمة عادلة»، من وجهة نظرها.

وأضافت سونيا أن الحملة التي تقوم بها الأسرة لا تقف وراءها أي جهة لا في فرنسا ولا في أميركا، كما أنها ممولة بالإمكانيات الذاتية للعائلة، لأنها ليس لها أي هدف سياسي «فنحن عائلة ولسنا مناضلين ولا معارضين»، حسب تعبيرها.

ونفت سونيا ارتباط والدها بعلاقات مع جهات استخباراتية في فرنسا وأميركا وإسرائيل، وقالت إن ذلك «مجرد إشاعات غرضها تحوير الحقيقية». وزادت قائلة ‘ن والدها عرف باستقامته، وعمل بتفان لصالح بلده وملكه، مشيرة إلى أن الأسرة لن تتوقف عن طلب العفو الملكي من أجل الإفراج عنه. وتحدثت أسرة الضابط المغربي عن ظروف اعتقاله بالسجن المدني بمدينة سلا المجاورة للرباط، وقالت إنه لا يعامل بشكل جيد رغم سنه وظروفه الصحية، وإنه وضع في زنزانة انفرادية و«كأنه مجرم خطير»، كما لا يسمح له بلقاء محاميه.

ووزعت أسرة الضابط طرزاز ملفا يحتوي على مجموعة من الوثائق المرتبطة بالقضية، إلى جانب بيان طويل ومفصل ترد من خلاله على بيان الحكومة، بالإضافة إلى دحض التهم التي استندت إليها المحكمة العسكرية لإدانته.

وكانت السلطات المغربية قد ألقت القبض على طرزاز، الذي تقاعد من الجيش عام 1995 في 9 نوفمبر (تشرين الثاني)عام 2008، وحكمت عليه المحكمة العسكرية بالرباط في 28 من الشهر نفسه بالسجن لمدة 12 سنة، بتهمة «المس بأمن الدولة الخارجي، وإفشاء سر من أسرار الدفاع الوطني»، وذلك على إثر إرساله خطابا عام 2005 إلى الملك محمد السادس باعتباره القائد العام للقوات المسلحة الملكية، يلتمس من خلاله من الملك معاملة أفضل للطيارين المغاربة السابقين في سلاح الجو الذين أسقطت طائراتهم خلال حرب المغرب مع جبهة البوليساريو أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي، وأسروا بعد ذلك لمدة تزيد على 25 عاما في مخيمات البوليساريو في الصحراء الجزائرية، ثم أفرج عنهم وعادوا إلى المغرب.

وفي رسالته الموجهة إلى الملك، التي كتبها طرزاز بإيعاز من النقيب علي نجاب، أحد الطيارين المغاربة في القوات الجوية، الذي سجن مدة 25 عاما من قبل جبهة البوليساريو بعد أن أسقطت طائرته عام 1978، وكان يطالب الدولة منذ 2005 بتقديم معاملة أفضل لزملائه السجناء السابقين، ذكر طرزاز أن الطيارين المغاربة واجهوا أخطارا في مهماتهم، وأنهم كانوا يقودون طائرات لم تكن مجهزة بأنظمة مضادة للصواريخ.

وفي عام 2007 سلم طرزاز نسخة من الرسالة إلى نجاب، الأمر الذي اعتبرته المحكمة «إفشاء لسر من أسرار الدفاع الوطني إلى جهة غير مؤهلة للاطلاع عليه»، في وقت يوجد فيه المغرب في حالة حرب. وتم تأكيد الحكم بالإدانة من طرف المجلس الأعلى الذي قرر رفض الطعن في 13 مايو 2009.

وترى أسرة طرزاز، إلى جانب هيئة الدفاع، أن اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو الساري منذ 1991 يعني أن البلاد لم تعد في حالة حرب.

وينص القانون الجنائي المغربي على معاقبة الأشخاص الذين أفشوا أسرارا عسكرية بأداء غرامة مالية، والسجن مدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات في زمن السلم، وترتفع العقوبة من 5 إلى 30 سنة سجنا نافذا في زمن الحرب.

من جهته، قال عبد الرحيم الجامعي، المحامي بهيئة الدفاع عن طرزاز، إن من يريد إلباس هذه القضية لباسا سياسيا فهو مخطئ لأن القضية لا تخرج عن كونها قضية «عدل وإنصاف»، وإن طرزاز ليس «عميلا ولا خائنا ولا ثائرا»، حسب تعبيره.

وأضاف أن بيان الحكومة فيه وشاية وتزييف للحقيقة، وأشار إلى أن لجوء الأسرة إلى المنظمات الحقوقية الدولية للتظلم «ليس عيبا ولا حراما»، من وجهة نظره.

وكان الطيار نجاب قد أدلى بتصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية في 2 يونيو (حزيران) الحالي اعتبرتها أسرة طرزاز «مفاجئة ومزعجة»، خصوصا أنه كان دائما يساند العائلة، حيث أكد أن طرزاز «ارتكب خطأ عندما أفشى أسرارا عسكرية في الوقت الذي يوجد المغرب في حالة حرب بالصحراء، وأن الجندي مدعو إلى الالتزام بواجب التحفظ إزاء أي سر عسكري سواء كان أثناء فترة عمله أو تقاعده».