الحريري يسعى في جولته العربية إلى الخروج بموقف موحد من العقوبات الدولية على إيران

نائب في كتلة «المستقبل»: لبنان لا يمثل نفسه فقط في مجلس الأمن

TT

حظيت جولة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري العربية المفاجئة، التي شملت المملكة العربية السعودية والأردن ومصر، بمتابعة القوى السياسية في لبنان وخضعت لقراءات متعددة، باعتبار أن مستجدات إقليمية ودولية فرضتها، ولكونها أتت قبل ساعات قليلة من تصويت مجلس الأمن الدولي على عقوبات ضد إيران، ونتيجة تأزم الوضع في المنطقة الناجم عن المجزرة الإسرائيلية بحق نشطاء السلام الذين كانوا على متن «أسطول الحرية» الذي كان متوجها إلى غزة قبل أيام، والخشية من تداعيات أكبر لهذا الحادث على لبنان والمنطقة. وقد التقى الحريري فور عودته إلى بيروت رئيس مجلس النواب نبيه بري في مبنى البرلمان، ودام اللقاء أربعين دقيقة غادر بعدها من دون الإدلاء بأي تصريح، وعلم أنه أطلع بري على نتائج لقاءاته مع الزعماء العرب.

وفي هذا الإطار أكد عضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من جولة الرئيس الحريري ولقاءاته مع عدد من القادة العرب هو التشاور لاتخاذ قرار عربي موحد بشأن التصويت على العقوبات الدولية على إيران في مجلس الأمن، لأن لبنان لا يمثل نفسه فقط وإنما يمثل كل المجموعة العربية في مجلس الأمن، ومن الطبيعي أن يستشير رئيس حكومة لبنان القادة العرب في قضية بهذه الأهمية». وأضاف: «من الطبيعي أن يكون الرئيس الحريري إثر عودته إلى بيروت أبلغ كبار المسؤولين اللبنانيين بمضمون محادثاته العربية، وعلى هذا الأساس بني الموقف اللبناني في الأمم المتحدة». وردا على سؤال عما إذا كان امتناع لبنان عن التصويت، بدل رفضه للعقوبات على إيران، سيؤزم الوضع السياسي في لبنان، رأى أنه «لا ضرورة للتأزيم. صحيح أن ثمة قوى تريد أن تحافظ على مبدئها في رفض العقوبات، ولكنْ هناك فرق بين المبدأ والواقع». واستبعد المشنوق أن تكون جولة الحريري وليدة معلومات عن حرب إسرائيلية محتملة، وقال: «في رأيي لا تتوفر أجواء حرب، وهناك مبالغة كبيرة في الكلام عن هذه الحرب، كما أن هناك مبالغة أكبر في الحديث عن حماية لبنان من الحرب، لأنه لا مؤشرات على الحرب لكي نحمي لبنان منها»، معتبرا أن «المجزرة الإسرائيلية على سفن المساعدات المتوجهة إلى غزة فوتت على إسرائيل ذريعة الحرب وأدخلتها في مأزق لن تستطيع الخروج منه في المدى المنظور».

واعتبر عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب هاني قبيسي لـ«الشرق الأوسط» أن «جولة الرئيس العربية لها هدفان: الأول ترتيب علاقات لبنان مع محيطه العربي، والثاني موقف لبنان في مجلس الأمن بوصفه ممثلا للدول العربية في هذا المجلس»، مشددا على ضرورة «أن يكون موقف لبنان موحدا بشأن العقوبات على إيران، وهذا موقف مبدئي، لأنه الأجدى بمجلس الأمن الدولي أن يعاقب إسرائيل على جرائمها بدل أن يعاقب إيران على دعمها للحقوق العربية»، مذكرا أن «إسرائيل التي تعتدي على فلسطين والقدس وغزة وعلى المدنيين في (أسطول الحرية)، لم تمتثل لمجلس الأمن الدولي ورئيسه الذي دعاها لرفع الحصار عن غزة، ومع ذلك لم يحرّك المجتمع الدولي ساكنا حيال جرائمها المتمادية».

وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري بحث موضوع العقوبات على إيران مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، فاعتبر أن «من يملك 200 رأس نووي بشكل واضح وثابت لا يؤتى على ذكره أبدا. أما من يحتمل بالشك أنه يسعى رغم إنكاره دائما ورغم الاتفاق عبر تركيا والبرازيل بشأن تبادل الوقود النووي لإثبات حسن النية، عنيت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يصدر عليه الحكم اليوم». وقال: «التصويت بأقل من الموقف التركي يعني بشكل أو بآخر فعلا وكأننا نقف إلى جانب الدعم الإسرائيلي وليس فقط الانتقام ممن يقف معنا ضد إسرائيل»، لافتا إلى أنه «علينا أن نكون على أعلى مستوى من التنسيق مع تركيا، وفي جميع الحالات فإني شخصيا ضد القرار في وضع المحظورات الآن».

بدوره أوضح وزير السياحة فادي عبود أنه «سيكون هناك موقفان في مجلس الوزراء بشأن مسألة فرض عقوبات على إيران»، معتبرا أنه «لن تكون هناك أجواء صدامية». وتمنّى أن «تأتي المواقف متّسمة بالعدالة»، مؤكدا أن «موقف لبنان من هذه المسألة لن يغيّر المعادلة الدولية».

وأعلن ممثل «القوات اللبنانية» في الحكومة، وزير الثقافة سليم وردة، عدم موافقته «على فرض عقوبات ضدّ إيران ولا على موقف عدائي مع المجتمع الدولي»، معتبرا أن «الموقف الأفضل هو الامتناع عن التصويت». وقال: «أنا لست الشخص الذي يقرر موقف لبنان من هذه المسألة، والموقف الرسمي تقرره الحكومة، ولكن رأيي الشخصي في هذا الموضوع أنه يجب أن لا نوافق على وضع جزاءات على إيران ولا أن نضع أنفسنا ولبنان في عداوة مع المجتمع الدولي، وهذا هو موقفي وموقف القوات اللبنانية في الحكومة بالنسبة إلى هذا الموضوع».