بايدن وسلفا كير يناقشان في نيروبي قضايا ساخنة.. وواشنطن تدعم استفتاء سلميا

المتحدث باسم جيش جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط»: قضينا على التمرد بولاية الوحدة

نائب الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير في نيروبي أمس (أ.ب)
TT

طالب رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت من الإدارة الأميركية الضغط على المؤتمر الوطني لحل القضايا العالقة في سبيل إجراء الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان، بعد لقائه أمس في العاصمة الكينية نيروبي، نائب الرئيس الأميركي جو بايدن. ودعت منظمات شبابية في مسيرة كبرى جرت أمس في جوبا، شعب الجنوب بالتصويت للانفصال، في إطار حملة ستتواصل في التاسع من كل شهر إلى حين موعد الاستفتاء مطلع العام المقبل. وقال جيش جنوب السودان أمس إن قواته قضت على التمرد بولاية أعالي النيل، بعد أن فر قائده إلى الشمال.

وأكدت الولايات المتحدة أمس دعمها لخيار شعب جنوب السودان والاعتراف بدولته حال اختيار الجنوبيين للانفصال فيما شددت على إجراء الاستفتاء في موعده المحدد وعلى ضرورة إجراء استفتاء سلمي وذي مصداقية. وكشف الأمين العام للحركة الشعبية فاقان أموم لـ«الشرق الأوسط» أن لقاء بايدن وسلفا كان مثمرا، وأكد أن بايدن أبدى تجاوبا كبيرا مع مواقف الحركة الشعبية وحكومة الجنوب في قضايا الاستفتاء على حق تقرير المصير، وأكد دعم واشنطن لخيار الجنوبيين والاعتراف بدولتهم حال اختيارهم الانفصال عن الشمال.

وأشار أموم إلى أن بايدن متفق مع رؤية الحركة حول عدم التزام المؤتمر الوطني بتعهداته إزاء السلام، وجعل الوحدة خيارا جاذبا، وفي ذات السياق تعهد بايدن بدعم واشنطن للاستفتاء، وتجاوز العقبات التي تواجه ذلك، ومن بينها المهددات الأمنية مثل جيش الرب الأوغندي الذي ينتشر في بعض مناطق الجنوب، وأشار أموم إلى أن سلفا كير التقى أيضا رئيس كينيا مواي كيباكي، وبحث الزعيمان الاستفتاء ودعم نيروبي خطوات الاستفتاء والمشاركة في أعمال المفوضية الخاصة بذلك، وترتيبات ما قبل الاستفتاء، ودعم الجنوب بعد ذلك.

وأعلن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن قبل لقاء رئيس حكومة جنوب السودان أن الاستفتاء حول تقرير المصير يجب أن يكون «سلميا وذا مصداقية». وقال بايدن الذي يزور حاليا أفريقيا في خطاب أمام طلاب وأعضاء في المجتمع المدني الكيني «في يناير سينظم الاستفتاء حول مستقبل جنوب السودان كما نص اتفاق السلام الشامل ويجب أن يكون سلميا وذي مصداقية». وأضاف أن «السودان تتقدم بخطى واسعة نحو قرار تاريخي يتطلب بصورة ملحة اهتماما واستعدادا من الأسرة الدولية».

وكشف وزير شؤون حكومة الجنوب السابق الدكتور لوكا بيونق «الشرق الأوسط» أن كير سيقوم بجولة إلى كل من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لتأكيد التزام المجتمع الدولي بتجاوز المرحلة الخطيرة في تنفيذ الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، وقال إن الغرض من الجولة تعبئة المجتمع الدولي للفترة القادمة باعتبارها حرجة، وتابع: «خصوصا أن هناك بعض الأصوات أصبحت تنادي بضرورة تأجيل الاستفتاء، وتشويه صورة الجنوب بأنه لا يمكنه الاستقرار أمر خطير وغير مقبول».

وتزامن اللقاء بين سلفا كير وبايدن الذي جاء بطلب من الأخير بعد يومين فقط من تلقى رئيس حكومة إقليم الجنوب سلفا كير رسالة من الرئيس الأميركي باراك أوباما، هنأه فيها بالفوز في الانتخابات الأخيرة ونيل ثقة الجنوبيين، كما حض أوباما زعيم جنوب السودان على استثمار تلك الثقة في التركيز على قضايا السلام والوفاء بتعهداته التي أطلقها أثناء الحملة الانتخابية بعدم العودة إلى مربع الحرب، كما شدد أوباما في رسالته التي بعثها إلى سلفا كير على أهمية إجراء الاستفتاء في موعده.

من جهته أعرب نائب الرئيس الكيني موسيوكا أن كينيا ستحترم قرار الشعب في جنوب السودان في الاستفتاء المقبل، لتحديد ما إذا كان الجنوبيون يريدون أن يصبحوا دولة مستقلة أو البقاء كجزء من السودان. وأشار موسيوكا إلى أن كينيا تأمل من جميع اللاعبين أن يظلوا ملتزمين بنتائج استفتاء الجنوب بموجب اتفاق السلام الشامل الذي تم التوقيع عليه في نيروبي في يناير (كانون الثاني) عام 2005. وقال موسيوكا: «باعتبار السودان دولة جارة وصديقة كانت كينيا حريصة على التأكد على أن يسود السلام والرخاء فيها وفي البلدان الأخرى في المنطقة». مؤكدا التزام بلاده العمل مع السودان لإجراء استفتاء الجنوب في موعده.

ومن المقرر أن يتوجه بايدن اليوم إلى جنوب أفريقيا، محطته الأخيرة، لحضور حفل افتتاح مونديال العالم لكرة القدم، الذي ينطلق غدا الجمعة، ويتولى بايدن تمثيل بلاده في حفل الافتتاح، ومن المقرر أيضا أن يلتقي مسؤولين جنوب أفريقيين خلال زيارته هناك، كما سيتابع بايدن المباراة الأولى لفريق بلاده مع إنجلترا يوم السب القادم. يذكر أن مصر كانت المحطة الأولى لجولة بايدن الأفريقية، حيث أجرى مباحثات مع الرئيس حسني مبارك في القاهرة.

في غضون ذلك أعلن الجيش الشعبي عن انتهاء تمرد لقائد منشقّ عنه، وهروبه إلى الشمال بعد مقتل وجرح العشرات من قواته في مواجهات بولاية أعالي النيل. وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي اللواء ديم كوال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أنهت قواتنا المتمرد قلواك قاي بعد معارك بولاية الوحدة، قتلنا خلالها 20 من المتمردين وأسرنا 32 منهم، مما اضطر قاي إلى الهروب من المعركة والدخول إلى منطقة هجليج شمالا ومعه 56 جنديا من جنوده)، وأشار كوال إلى أن القائد المنشق كان يقود أكثر من 200 جندي. ويعد قاي المتمرد الثالث بعد جورج أطور في ولاية جونقلي وآخر ببحر الغزال. وكان المتمردون قد ربطوا تحركاتهم باتهامات لحكومة الجنوب بتزوير الانتخابات في أبريل (نيسان) الماضي، التي انتهت بفوز رئيس الحركة الشعبية سلفا كير ميارديت بنسبة 92% من أصوات الناخبين، وسيطرة حركته على غالبية المجالس التشريعية والولائية والقومية.

من جهة أخرى حمل رئيس جمعية شباب الحركة الشعبية ستيفن سلمون في كلمته أمام المسيرة الضخمة في عاصمة الجنوب جوبا التي حملت شعار «شباب من أجل الاستفتاء»، حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير مسؤولية عدم جعل الوحدة خيارا جاذبا، وقال إن شعب الجنوب أصبح جاهزا للانفصال لأنه لا يريد الوحدة القبيحة مع الشمال. وأضاف أن الانتخابات التي جرت مؤخرا في الجنوب كانت مهمة لكي تستطيع حكومة الجنوب التحضير للاستفتاء، مشيرا إلى المسيرات ستتواصل في التاسع من كل شهر في الولايات الجنوبية العشر لحث مواطنيها على التصويت للانفصال.