الصومال: استقالة 4 وزراء من مناصبهم.. ليرتفع عددهم إلى 8

المراقبون يعتبرونها خطوة نحو أزمة سياسية خطيرة تهدد استمرار الحكومة وبقاء شارمارك

صورة عرضها موقع إلكتروني لأسير فرنسي لدى مسلحي تنظيم «الشباب» الصومالي وهو يوجه رسالة الى الشعب الفرنسي لإطلاق سراحه (أ ف ب)
TT

أعلن 4 وزراء في الحكومة الانتقالية الصومالية أمس عن استقالتهم من مناصبهم، ليصبح عدد المستقيلين منذ الأسبوع الماضي، 8 وزراء، وسط تكهنات بأن الأسباب تعود للخلافات المعلنة وغير المعلنة بين الرئيس شريف شيخ أحمد ورئيس الوزراء عمر شارمارك، مما يعني تهديدا لتماسك الحكومة، وتلقي بظلال من الشك حول مستقبل حكومة عمر شارمارك.

وأعلن كل من عبد الرحمن عبد الشكور وزير التخطيط والتعاون الدولي، ومحمد عبد الله أومار وزير التعليم العالي، ويوسف سياد إنطعدي وزير الدولة لشؤون الدفاع، وزعيم الحرب السابق، وحسن معلم وزير الدولة لشؤون الرئاسة، أعلنوا عن استقالتهم من مناصبهم أمس، احتجاجا على ما سموه فشل الحكومة الانتقالية - التي كانوا أعضاء بارزين فيها - في الوفاء بوعودها وإعادة الاستقرار إلى البلاد، فيما كان وزير خامس وهو وزير الشؤون الاجتماعية محمد علي إبراهيم قد قدم استقالته هو الآخر في وقت سابق. والوزراء الخمسة الذين استقالوا من مناصبهم كانوا من الشخصيات المقربة من الرئيس شريف. وكان ثلاثة وزراء آخرون هم وزير المالية شريف حسن، ووزير العمل محمد عبدي حاير، ووزير تنمية الريف خذيحة محمد ديرية قد استقالوا من مناصبهم الأسبوع الماضي لخوض انتخابات رئاسة البرلمان، مما يجعل عدد الوزراء الذين تركوا مناصبهم في الحكومة لأسباب مختلفة حتى الآن 8 وزراء. وعلى الرغم من أن الوزراء الذين استقالوا أمس اتهموا الحكومة بالتقصير عن أداء واجباتها، وأن ذلك هو الذي دفعهم إلى ترك مناصبهم، حتى لا ينظر إليهم على أنهم طرف في ذلك التقصير على حد تعبيرهم؛ لكنه يعتقد على نطاق واسع أن الخلافات السياسية التي نشبت الشهر الماضي - ولا تزال قائمة - بين الرئيس شريف شيخ أحمد ورئيس وزرائه شارمارك إثر إعلان الرئيس شريف إقالة رئيس الوزراء ورفض الأخير قرار الرئيس، وراء هذه الخطوة التي اتخذها الوزراء، مما يعني أن الأزمة السياسية في البلاد دخلت مرحلة جديدة.

وتحدث الوزراء بشكل منفصل عن أسباب استقالتهم، فقد قال كل من محمد عبد الله أومار وزير التعليم العالي، وحسن معلم وزير الدولة لشؤون الرئاسة - الذي يعد من أقرب المقربين للرئيس شريف، وأحد المساعدين البارزين له -: «قررنا أن نستقيل من منصبينا بعد تقييمينا الوضع الحالي في البلاد، قمنا بذلك بسبب تقصير الحكومة عن أداء واجباتها». وأضافا: «بسبب الوضع الراهن في البلاد والخلافات القائمة، لا نريد أن ينظر إلينا على أننا طرف في ذلك التقصير الذي تسير عليه الحكومة».

أما الشيخ يوسف سياد انطعدي وزير الدولة بوزارة الدفاع الذي كان على خلاف مع رئيس الوزراء شارمارك، فقد وجه انتقادات لاذعة للحكومة الانتقالية متهما إياها بإهمال الجيش الصومالي، وسبق أن اتهم رئيس الوزراء بأنه على علاقة مع حركة الشباب المجاهدين المعارضة، وقال في مؤتمر صحافي في مقديشو «لا داعي للبقاء في هذا المنصب، لأنني أدركت أن الحكومة لا تستطيع تحقيق الأمن في البلاد». وكان إنطعدي قد تغيب عن الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء بسبب تلك الخلافات. أما وزير الشؤون الاجتماعية محمد علي إبراهيم فقد امتنع عن الحديث عن أسباب قرار استقالته. وهناك توقعات بأن يستقيل وزراء آخرون ربما من بينهم وزير الداخلية الشيخ عبد القادر علي عمر، ووزير الشؤون الإنسانية محمود علي جارويني خلال الأيام القادمة في سيناريو جديد يشبه ما حدث أيام الحكومة السابقة التي كان يقودها رئيس الوزراء السابق نور حسن حسين عدي، حيث استقال حينها 10 من وزرائه بإيعاز من الرئيس عبد الله يوسف الذي كان على خلاف حاد مع رئيس وزرائه نور عدي آنذاك. واعتبر مراقبون في الشأن الصومالي هذه الاستقالات بأنها تدخل البلاد في أزمة سياسية خطيرة تهدد استمرار الحكومة ومستقبل رئيس الوزراء شارمارك، حيث إن الاستقالة ربما تكون جزءا من سعي الرئيس لإسقاط رئيس وزرائه. وكانت خلافات سياسية ظلت قائمة بين الرئيس شريف ورئيس الوزراء من جهة، وبين مجلس الوزراء والبرلمان من جهة ثانية، أصابت الحياة السياسية في البلاد بالشلل خلال الفترة الأخيرة. ونشب الخلاف الحاد بين الرئيس شريف ورئيس وزرائه شارمارك الشهر الماضي، عندما أعلن الرئيس عزل رئيس الوزراء وأنه سيعين رئيس وزراء جديدا، إلا أن شارمارك رفض قرار الرئيس واصفا إياه بأنه غير دستوري يتناقض مع الميثاق الانتقالي للبلاد، وبعدها تراجع الرئيس شريف عن قراره، بسبب ضغوط من جهات عدة محلية وخارجية لاحتواء تلك الأزمة السياسية التي نشبت بينه وبين رئيس الوزراء؛ إلا أن الخلافات السياسية بين الرجلين لم تهدأ.

وكان الرئيس شريف يسعى في الفترة الأخيرة لإسقاط رئيس وزرائه بكل الوسائل الممكنة، وعن طريق تصويت البرلمان لصالح حجب الثقة عن حكومته، أو الإيعاز للوزراء المقربين منه بالاستقالة من مناصبهم، وهو ما حدث أمس، مما سيجبر رئيس الوزراء عمر شارمارك على الاستقالة من منصبه.