تصاعد أزمة إلزام الكنيسة القبطية بمنح المطلقين تصريحا بالزواج الثاني

«أقباط المهجر» أيدوا البابا شنودة.. والجماعة الإسلامية اعتبرت موقفه تحديا لحكم قضائي

TT

تصاعدت أمس أزمة إلزام القضاء المصري الكنيسة المصرية بمنح المطلقين بحكم قضائي تصريحا بالزواج الثاني، وبينما أيد «أقباط المهجر» البابا شنودة في موقفه الرافض لمنح مثل هذا التصريح، قالت الجماعة الإسلامية إن موقف البابا يمثل «تحديا لحكم قضائي بات»، وتساءل أحد قيادييها «هل يجرؤ مسلم في بلد مسيحي على رفض قوانين الأغلبية وأحكام قضائها؟».

ونظم مئات من المسيحيين مظاهرة احتجاجية ضد الحكم، الذي أصدرته قبل أيام المحكمة الإدارية العليا بمصر بإلزام الكنيسة الأرثوذكسية بإعطاء المسيحيين المطلقين بحكم قضائي تصريحا بالزواج الثاني. كما تم تنظيم مظاهرة أمس داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (شرق القاهرة)، قبل العظة الأسبوعية للبابا شنودة، احتجاجا على الحكم القضائي.

وشهدت الشوارع المحيطة بالكاتدرائية إجراءات أمنية مشددة، لمنع المتظاهرين من الخروج إلى الشارع، وحمل المتظاهرون، الذين قادهم القس متياس نصر، كاهن كنيسة عزبة النخل، لافتات تعرب عن التأييد لموقف البابا شنودة الرافض لحكم المحكمة الإدارية العليا. من جانبه، كشف المحامي نجيب جبرائيل، المستشار القانوني للبابا شنودة الثالث، عن أنه مُنع أمس من تقديم استشكال من 12 نقطة لوقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «توجهت إلى مكتب رئيس محكمة جنوب القاهرة الذي طلب أوراق الاستشكال للاطلاع عليها، وتحفظ عليها في مكتبه حتى أغلقت خزينة المحكمة في الساعة الثانية ظهرا، وبالتالي لم نتمكن من تسديد الرسوم القانونية للاستشكال». وأضاف أنه سيتوجه اليوم إلى رئيس المحكمة مرة ثانية «وإذا استمر منعنا من تقديم الاستشكال سأذهب إلى مكتب وزير العدل المصري المستشار ممدوح مرعي لتقديمه». وأكد جبرائيل استمراره في تنظيم مظاهرة حاشدة اليوم أمام القصر الرئاسي بحي عابدين بوسط القاهرة، وقال «حتى الآن لم نتلق ما يفيد بإلغاء المظاهرة، كل ما هناك أنهم طلبوا منا عدم حضور الصحافيين والإعلاميين للمظاهرة».

من جانبه، أكد مايكل منير، رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة، مساندته ومنظمته لموقف البابا شنودة الثالث، وقال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «نحن مساندون لموقف البابا شنودة، وقد زرت الكاتدرائية خلال وجودي في القاهرة، والتقيت عددا من القيادات الكنسية للتنسيق معهم، ولكني لن أشارك في المظاهرة». وأضاف «نحن ننتظر رد فعل الدولة على ما يحدث وعلى كلام البابا شنودة في المؤتمر الصحافي الذي عقده (أول من) أمس.. فنحن ضد التدخل الحكومي في الشؤون الكنسية». ورفض منير اعتبار أن أزمة الزواج الثاني أزالت الخلاف بين الكنيسة ومسيحيي المهجر، وقال «لم يكن هناك خلاف من الأساس، كل ما كان يثار في هذا الصدد تضخيم وفرقعات إعلامية، فنحن نحترم البابا شنودة ونقدره ولا نختلف معه».

من جهته، انضم الدكتور القس بطرس فلتاؤوس، رئيس الطائفة المعمدانية الكتابية الأولى، إلى المتضامنين مع البابا شنودة في رفض الحكم بإلزام الكنيسة بإعطاء المطلقين تصريحا بالزواج الثاني، وقال فلتاؤوس في خطاب بعث به إلى البابا شنودة «إن الحكم لا يتماشى مع آيات الكتاب المقدس، والزواج في المسيحية هو سر مقدس وعمل ديني بحت، وليس مجرد عمل إداري، ونحن لا ننفذ غير نص الكتاب المقدس (لا طلاق إلا لعلة الزنى)».

وعلى الجانب الآخر، اعتبر أسامة حافظ، القيادي بالجماعة الإسلامية، موقف البابا شنودة «تحديا لحكم قضائي بات». وقال في مقال نشره الموقع الإلكتروني للجماعة «رغم أننا تعودنا من كثير من الأجهزة والمؤسسات على تجاهل بعض أحكام القضاء لسبب أو لآخر، إلا أننا لم نشهد من أي من تلك المؤسسات مهما علا شأنها مثل هذا الرد المليء بالتحدي لحكم قضائي بات».

وأشار حافظ إلى أن الكنيسة في عهد عدد من الباباوات السابقين على البابا شنودة كانت تعطي تصريحا بالزواج الثاني، إلى أن تولى الأنبا شنودة كرسي الباباوية، وقال «في أوائل السبعينات بعدما جلس على كرس البابوية البابا الحالي تحول الحال، حيث أوقفت الكنيسة إعطاء تصاريح الزواج للمطلقين لأن الكنيسة اكتشفت بعد طول هذه السنين أن القانون الذي وضعوه ووافقوا عليه مخالف لتعاليم الإنجيل».