استراتيجية أفغانستان تتحول إلى التركيز على جهود الإعمار المدني

عملية قندهار الكبرى لن تبدأ قبل الشتاء

TT

تحولت احتمالات القيام بعملية عسكرية ضخمة في إقليم قندهار، والتي أعتقد على نطاق واسع أن تبدأ الشهر الحالي، إلى استراتيجية تضع جهود الإعمار المدني أولوية أولى وتقصر الدور العسكري على تقديم الدعم.

وقال مسؤولون أميركيون وأفغان ومسؤولون في الناتو ومدنيون في مقابلات إن التحول في الاستراتيجية جاء نتيجة المعارضة التي يواجهها العمل العسكري من المواطنين والمسؤولين الأفغان في كابل.

إلى جانب ذلك سادت مخاوف أيضا من أن لا تؤدي المواجهة العسكرية دورها المرجو منها كما حدث في منطقة أصغر حجما مثل مارجا في إقليم هلمند المجاور.

كان المخططون العسكريون الأميركيون قد أكدوا في البداية أهمية المواجهة العسكرية في إخضاع كل المناطق المأهولة في الجنوب التي تسيطر عليها طالبان تحت سيطرة قوية بنهاية فصل الصيف الحالي. وهو ما سيترك عاما آخر لتعزيز المكاسب قبل الموعد النهائي، يوليو (تموز) 2011، الذي حدده الرئيس لبدء سحب القوات القتالية من أفغانستان.

تشير الوقائع إلى وقوع بعض المعارك البسيطة الجديدة في قندهار، وأن كلمة عملية عسكرية لم تكن أمرا مستبعدا تماما.

وقال الجنرال شير محمد زازي، مسؤول الجيش الوطني الأفغاني: «لا يمكننا إطلاق مصطلح عملية عسكرية على المعارك البسيطة في قندهار بأنها عملية مشتركة فعليا».

وأصر الجنرال نيك كارتر، قائد قوات الناتو في الجنوب الأفغاني، على أنه لم يكن هناك عملية عسكرية مخطط لها على الإطلاق وأن وسائل الإعلام اختارت استخدام مصطلح عملية عسكرية، وقال «نحن تحدثنا بالتأكيد عن عملية تعزيز عسكري لكننا لم نستخدم مصطلح عملية عسكرية».

ومهما كانت التسمية، فإن أيا من ذلك لن يبدأ الشهر الحالي. كما تختلف وجهات النظر بصورة كبيرة حول توقيت بدء العمليات العسكرية. ويقول الجنرال زازي إنها ستبدأ في يوليو لكنها ستتوقف في منتصف أغسطس (آب) في شهر رمضان ثم تستأنف في منتصف سبتمبر (أيلول). وقال شخص مقرب من توريالاي ويزا، حاكم إقليم قندهار، والذي طلب عدم ذكر اسمه، إنها لن تبدأ قبل الشتاء أو على الأقل قبل وقت الحصاد بنهاية أكتوبر (تشرين الأول).

من ناحية أخرى، قال مسؤولون أميركيون إن العمليات بدأت بالفعل، دون قتال، عبر زيادة الخبراء من سفارة الولايات المتحدة والناتو وعمال الإغاثة - زيادة مدنية - مصحوبين بزيادة بسيطة من القوات الأميركية لتوفير الحماية الأمنية لهم. ونفى المسؤولون الأميركيون التصريحات بأنهم خططوا لشن عملية عسكرية تراجعوا عنها الآن.

كانت خطة مارجا تقضي بتنفيذ عملية عسكرية لطرد قوات طالبان يعقبها الشروع في تقديم الخدمات المدنية، أما في قندهار فستعمد القوات إلى العكس، حيث سيحاول عمال الإغاثة الذين تحميهم القوات العسكرية تقديم هذه الخدمات في البداية، قبل الشروع في بدء عملية عسكرية كبرى.

وقال أحد المسؤولين المدنيين الأميركيين، طلب عدم ذكر اسمه: «لن تكون هناك عملية عسكرية، فستتواجد قوات الشرطة الأفغانية على نقاط التفتيش، لكن لن تكون هذه عملية عسكرية قتالية، فقد درس المسؤولون الأمر ووجدوا أنها لن تجدي نفعا في المرحلة الحالية». وصلت القوات الأميركية إلى أفغانستان حسب الجدول الزمني الموضوع لها، وللمرة الأولى يكون عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان أكبر منه في العراق، إذ يتواجد في أفغانستان في الوقت الحالي ما يقرب من 94 ألف جندي أميركي مقارنة بـ92 ألفا في العراق، نصفهم في هلمند وقندهار على الرغم من أن مستوى القوات لن يكتمل حتى أغسطس.

العملية العسكرية التي قامت بها قوات المارينز الأميركية في مارجا والتي بدأت في 13 فبراير (شباط) حملت اسم «مشترك المرحلة الثانية» وأطلق المخططون في البداية على عملية قندهار «مشترك المرحلة الثالثة»، لكن التسمية تغيرت إلى «عملية التعاون».

وقال أحد مسؤولي الناتو في قندهار، الذي تتطلب سياسة حكومته عدم ذكر اسمه: «لست متأكدا كلية مما يحدث على الصعيد السياسي، لكن اسم العملية تغير».

لم تحقق عملية مارجا الأهداف المرجوة منها، ولا تزال المنطقة غير خاضعة بصورة كاملة لسيطرة الحكومة المحلية.

مارجا التي يبلغ عدد سكانها 60 ألفا أصغر بصورة كبيرة من قندهار التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة يقطنون المدينة والمناطق المحيطة بها. وما يقلق القادة هو أنه إذا كانت عملية مارجا لم تنجح بالصورة المطلوبة فكيف سيكون الحال بالنسبة لقندهار؟».

وفي محاولة لطمأنة سكان الإقليم عقد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي مجلس الشورى في الرابع من أبريل (نيسان) بحضور 1500 من وجهاء قندهار. وقال الجنرال كارتر: «أؤكد لكم أن المدينة لن تكون مثل الرمادي أو الفلوجة وأعتقد أننا جميعا نؤكد على كلامه».

وقد وعد الرئيس كرزاي القادة المحليين بأنه لن تكون هناك عملية عسكرية في قندهار، وسأل الحضور: «أنتم لا ترغبون في عملية عسكرية. أليس كذلك؟ لن تكون هناك عملية عسكرية حتى توافقوا أنتم على ذلك».

وقال عبد الرحيم وردك، وزير الدفاع الأفغاني، إن الطريقة الجديدة تم تبنيها بعد دراستهم للأخطاء التي وقعت في مارجا وضخامة حجم قندهار مقارنة بمارجا.

وقال وردك: «تعلمنا دروسا، سيتم تطبيقها في المستقبل، وستكون عملية قندهار نوعا آخر من العمليات. لن تكون مثل مارجا بل ستكون عملية عسكرية قوية».

وبدلا من التركيز على العملية العسكرية تم الاهتمام بتعزيز فرق إعادة الإعمار في الأقاليم التي كانت تدار من قبل الكنديين يساعدهم موظفون أميركيون - من السفارة الأميركية ووكالة التنمية الدولية ووزارة الزراعة - في ست مناطق رئيسية حول قندهار.

ويقول المسؤولون الأميركيون إن عدد فريق العمليات المدنية الأميركيين زاد من 8 العام الماضي إلى 110 العام الحالي إضافة إلى 50 سيصلون إلى أفغانستان بحلول الصيف. سيعملون على تقديم البذور والأدوات واستئجار موظفين للعمل في مكاتب الحكومة المحلية. وقد تم تخصيص ربع مليار دولار للبرامج الزراعية في جنوب أفغانستان، 90 مليونا منها لقندهار. وقال مسؤول أميركي قمنا باستخدام 40 ألف أفغاني في مشاريع حكومية.

ويبرر فرانك روغيرو، مسؤول بارز في السفارة الأميركية في الجنوب هذا العدد الضخم بضرورة التأكد من قدرة الحكومة على تقديم الخدمات على المستوى المحلي حتى تتأكد مصداقيتها لدى السكان».

* خدمة «نيويورك تايمز»