تداعيات العقوبات الجديدة على الاقتصاد الإيراني قد تكون محدودة

كثير منها طوعي.. ولا يتوقع أن تؤثر على الأعمال اليومية للإيرانيين

TT

تمثل موافقة مجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات على إيران انتصارا مهما لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، لكن من غير المرجح أن توقف برنامج طهران النووي. وقال ديفيد أولبرايت رئيس معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن لـ«رويترز»: «هذا انتصار كبير لإدارة أوباما». وأضاف: «يظهر هذا أن الولايات المتحدة تستطيع الحفاظ على تماسك مجموعة 5+1»، في إشارة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا. وتابع يقول «ليس نجاحا ضخما، لكنه نجاح».

وفي البداية، كان أوباما وحلفاؤه الأوروبيون يريدون اتخاذ إجراءات أكثر صرامة من بينها استهداف قطاع النفط والغاز الإيراني وإدراج البنك المركزي الإيراني على قائمة سوداء. ورفضت موسكو وبكين دعم هذا. ويقول دبلوماسيون في المجلس إنه على الرغم من أن القرار الذي تم اعتماده مخفف، فإنه أشد بكثير مما كانت تتوقعه واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون الثلاثة حين بدأوا التفاوض مع الروس والصينيين في يناير (كانون الثاني). ويدعو قرار العقوبات إلى اتخاذ إجراءات ضد بنوك إيرانية جديدة في الخارج إذا ثارت شبهة حول صلتها بالبرنامج الصاروخي أو النووي، وإلى الحذر إزاء التعامل مع أي بنك إيراني. كما يوسع القرار نطاق حظر للتسلح تفرضه الأمم المتحدة على طهران ويدرج ثلاث مؤسسات تابعة لشركة خطوط الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشحن و15 مؤسسة تابعة للحرس الثوري الإيراني، على قائمة سوداء. كما يدعو القرار إلى إنشاء نظام للتفتيش على الشحنات مثل ذلك الذي يستعمل مع كوريا الشمالية. وينتقد البعض القرار، مشيرين إلى أن كثيرا من الإجراءات طوعية، كما يقولون إنه لا الإجراءات الواردة في قرارات العقوبات الثلاثة السابقة التي صدرت منذ عام 2006 ولا التلميحات الأميركية والإسرائيلية باحتمال القيام بعمل عسكري، كانت كافية لإجبار إيران على التخلي عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

وقال جيمس لينزي من «مجلس العلاقات الخارجية» لـ«رويترز»: «هذه ليست العقوبات المعوقة التي وعدت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون منذ نحو عام». وأضاف: «النتيجة النهائية هي أن صراع الديكة بشأن برنامج إيران النووي سيستمر».

ويقول دبلوماسيون غربيون ومحللون إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلفاءهم على مستوى العالم لديهم الآن الأساس القانوني لاتخاذ إجراءات من جانبهم أشد من أي عقوبات وافق عليها مجلس الأمن. وقال أولبرايت: «الإجراءات القاسية ستأتي من الاتحاد الأوروبي».

وأكد دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي تقييم أولبرايت الذي قال إن الدول الأوروبية الكبرى تعتزم فرض مزيد من العقوبات على إيران وقد توافق عليها قريبا جدا.

في الوقت نفسه، عبر محللون عن قلقهم من الأصوات المعارضة داخل المجلس. وكانت تركيا والبرازيل الغاضبتان من رفض الغرب لاتفاق توسطتا فيه لتبادل الوقود النووي مع إيران قد اعترضتا على القرار. وقال مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: «من المؤسف أن المجلس منقسم الآن بشأن القضية.. زعماء طهران سيجدون عزاء في هذا، لكنهم سيشعرون في الوقت ذاته بخيبة الأمل من أن مناورتهم الدبلوماسية مع البرازيل وتركيا لم تجنبهم جولة جديدة من العقوبات». ويرى فيتزباتريك أن فعالية العقوبات ستتوقف في نهاية المطاف على تطبيقها. ويقول محللون ودبلوماسيون إن روسيا والصين اللتين تربطهما بإيران علاقات تجارية وثيقة أظهرتا في ما مضى تراخيا في تطبيق العقوبات. وقال لي باو دونغ مندوب الصين لدى الأمم المتحدة إن بكين مصممة على تطبيق العقوبات الجديدة تطبيقا كاملا.

وقال فيتزباتريك: «العقوبات ليست معوقة بأي حال من الأحوال ومن غير المرجح أن تغير آراء أحد في طهران، لكنها لن تمر مرور الكرام أيضا. سيكون حظر استيراد الأسلحة الهجومية مثار قلق شديد للجيش الإيراني».

كما أفاد تحليل نشر أمس على موقع «بيدايجست» المتخصص في المعلومات الاقتصادية والنفطية الإيرانية أن العقوبات الجديدة سيكون تأثيرها محدودا على الاقتصاد الإيراني. واعتبر الموقع أنه باستثناء شركات تقوم بنشاطات عسكرية أو أخرى تتصل بالبرنامج النووي «لا يتوقع أن تؤثر (العقوبات) على الأعمال اليومية» إلا من حيث «تأثيرها النفسي». وفي المجال المصرفي خاصة، فإن «الولايات المتحدة سبق أن وضعت (إجراءات لمراقبة المصارف الإيرانية) وهي تستخدمها للضغط على المصارف الدولية». واعتبر المسؤولون الأميركيون أن العقوبات الجديدة هي «الأشد» التي تواجهها إيران، مؤكدين أن القيود التي تفرضها خاصة على نشاطات المصارف الإيرانية تشكل «تقدما كبيرا».

وأفاد الموقع: «نظرا للضغوط الأميركية، سبق أن ألزمت المصارف الدولية بالحد من تعاملها مع المصارف الإيرانية، لذلك لن تكون للعقوبات الإضافية تأثيرات إضافية على الوضع الحالي». وأشار الموقع إلى أن العقوبات تتجنب بطلب من روسيا والصين التعرض لقطاعي الطاقة والتجارة، وختم أن «الوضع الحالي للنشاطات التجارية والتبادلات المالية لن يتغير». وأتت تصريحات وزير التجارة مهدي غضنفري في الاتجاه نفسه؛ إذ اعتبر أن العقوبات الجديدة «غير فاعلة» مقارنة بسابقاتها ضد إيران، وأن أوساط الأعمال الإيرانية «تنظر إليها بازدراء»، بحسب وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية. وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع المضي على أن القرار لا يتضمن أي عقوبة «تؤدي إلى شل» إيران، وهو يتوخى منع انتشار الأسلحة النووية «عبر أخذ مصالح روسيا والصين الاقتصادية في الاعتبار إلى أقصى الحدود».