عباس يؤكد استعداده لمرابطة قوة أطلسية بفلسطين في المرحلة الأولى من قيام الدولة

قال إن فرصة إحلال السلام من خلال الدولتين أخذت تتضاءل

محمود عباس (أ.ب)
TT

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) التزامه السلام وتحقيق حل الدولتين، رغم تحذيره من أن فرصة إحلال السلام من خلال الدولتين أخذت تتضاءل مع إحباط الكثير من الفلسطينيين. وإيمانا بالحل السلمي، قال أبو مازن إنه مستعد لتقديم التطمينات للإسرائيليين، بما في ذلك وجود قوات دولية في فلسطين خلال الفترة الأولى من قيامها. وأضاف أنه كان قد أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بذلك قبل استقالته. وتحدث عباس في معهد «بروكينغز»، صباح أمس، بواشنطن حيث يواصل زيارته التي شملت لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما وقيادات من المنظمات اليهودية في واشنطن. والتقى أيضا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس جون كيري، بالإضافة إلى وزيرة الخارجية الأميركي هيلاري كلينتون اليوم، بعد أن التقى المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيف فيلتمان. وبدأ أبو مازن بالحديث أولا عن الضفة الغربية، قائلا: «مرت علينا أيام صعبة خلال الانتفاضة التي دمرت كل ما لدينا ثم قررنا اتباع سياسة جديدة في إعادة بناء أنفسنا وخاصة في الأجهزة الأمنية... التي استطاعت في فترة قصيرة من الزمن أن تفرض الأمن والنظام والقانون على الضفة الغربية، فكنا قد خسرنا غزة خلال الانقلاب». وأضاف: «سنستمر في المستقبل في الحفاظ على الأمن والنظام وهناك بندقية واحدة وقانون واحد». واستعرض أبو مازن تفاصيل المحادثات بينه وبين أولمرت، مطالبا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعودة إلى المفاوضات من النقطة التي توصل إليها مع أولمرت. وأوضح أنهما توصلا إلى اتفاقات حول «قضيتين أساسيتان، الحدود والأمن في اليوم التالي، أي عندما تنشأ الدولة الفلسطينية كيف يكون وضع الأمن في فلسطين». وأضاف: «اتفقنا على أن الأرض المحتلة هي قطاع غزة والضفة الغربية، وهو كله كلام مسجل، والقدس الشرقية والبحر الميت ونهر الأردن والأرض الحرام»، موضحا: «وعلى ضوء على هذا التعريف المحدد للأراضي المحتلة، بدأنا نقاشا طويلا بيني وبين السيد أولمرت وتبادلنا النسب والخرائط وأصبح كل طرف يعرف ماذا لدى الطرف الآخر». وفي ما يخص الأمن وإمكانية وجود قوات أجنبية على أراضي دولة فلسطينية مستقبلية، أوضح عباس أنه عمل حينها مع الجنرال جيم جونز، الذي تولى الملف الأمني الفلسطيني قبل أن يصبح مستشار الأمن القومي الأميركي في إدارة أوباما. وقال: «لم نمانع أن يكون هناك طرف ثالث لغايات معينة، أول هذه الغايات تدريب القوة الفلسطينية التي وردت في (اتفاق) أوسلو ويعطي الطمأنينة للطرف الإسرائيلي بأن الأمور تسير كما هي الآن، فمنذ 2007 لم يكن هناك أي هجوم على أي طرف». وتابع أنه من أجل «إعطاء الطمأنينة للإسرائيليين، لا اعتراض لنا على أي جهة تأتي، واقترح وقتها أن تكون قوات من الناتو (حلف الشمال الأطلسي)، ولا اعتراض، أو تشكيلة مثل جنوب لبنان». وأوضح أن تفاصيل شكل المهمة ومدى طولها ما زال مطروحا ولكنه تم الحصول على موافقة مصر والأردن حينها على هذه الفكرة لأنهما «الدولتان اللذان يمكن أن يتأثرا سلبا أو إيجابا» من هذه القضية. وأكد عباس أن حينها «الملف الأمني أقفل على أساس موافقة فلسطين وإسرائيل ومصر والأردن» على هذه الفكرة. وأوضح أن «التطمينات الأمنية» قد تكون لمدة عشرة أعوام أو عشرين عاما بعد قيام الدولة الفلسطينية. وأوضح عباس خلال اجتماعه مع قادة منظمات يهودية مثل «إيباك»، مساء أول من أمس، النقاط نفسها ليكررها في «بروكينغز» صباح أمس. وأوضح أنه خلال المحادثات غير المباشرة التي يشرف عليها ميتشل لا بد أن «تنتهي المناقشة على هذين الملفين خلال 4 أشهر، ثم بعد ذلك قضايا المرحلة النهائية، وهي المستوطنات واللاجئين والقدس والمياه والأسرى في السجون الإسرائيلية، هذه الملفات الأخرى تم مناقشتها مع السيد أولمرت، لا أقول إننا وصلنا إلى اتفاق، إلا أن الطرفين تعرفا على موقف كل طرف منها».

وأوضح عباس موقفه من المحادثات غير المباشرة وإمكانية الانتقال إلى المفاوضات المباشرة لأوباما، موضحا الموافقة الفلسطينية على الانتقال إلى المحادثات المباشرة ولكن مع الحاجة لموافقة نتنياهو على نقاط النقاش التي التزمها أولمرت حول الحدود والأمن. وعبر عباس عن استعداده للعمل مع نتنياهو، قائلا: «أحببناه أم لا نحبه، هو رئيس وزراء المنتخب من قبل الشعب الإسرائيلي، ونحن لا نختار شريكنا كما أنه لا يختارنا شريكه». وقال عباس: «سنواصل الحوار عندما يأتي السيد ميتشل مجددا للمنطقة. نأمل أن يحمل معه أخبارا إيجابية لمواصلة الحوار». وعبر عباس عن أهمية إحراز تقدم في المفاوضات، «خشية من أن الوضع أصبح صعبا للغاية، ومسألة حل الدولتين الدولتين، أخشى أن يتآكل هذا المفهوم، فالعالم لا يصدق أنه يمكن أن نصل إلى هذا الحل». وقال إن هناك أصواتا في الضفة الغربية بدأت تطالب بحل الدولة الواحدة، مضيفا: «لا يمكن أن نكمم أفواه الناس، ولكن نحن لا نقبل حل الدولة الواحدة وإسرائيل لا تقبله». وتابع: «بل نحن نعرض على إسرائيل حل 57 دولة، وليس فقط الدولتين، بمعنى 57 دولة جاهزة إذا انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، أي الأراضي الفلسطينية والجولان وشبعة والمناطق المحيطة بها». وتحدث عباس مطولا عن المبادرة العربية، نافيا وجود أي لبس أو إبهام حولها، ومطالبا إسرائيل بالاهتمام بها. واعتبر عباس أن المصالحة الفلسطينية ضرورية لرفع الحصار عن غزة والتقدم في إحلال السلام، مؤكدا أن «البند الأول من المصالحة سيكون إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية». وقال عباس إنه بحث مع أوباما «ما حدث مع قافلة الحرية الذي حاول مساعدة شعب غزة ورفع الحصار الظالم على شعبنا»، لافتا إلى أن «هناك حصارات أخرى علينا في الضفة الغربية، ولكن كان التركيز أساسا على الحصار على غزة من أكثر من 3 سنوات ونصف السنة». وكانت هناك نقطتان أساسيتان في نقاش عباس مع أوباما حول غزة، الأولى: أهمية تأسيس لجنة تحقيق دولية حول ما حدث، موضحا أنه «لا يجوز أن يترك التحقيق بيد إسرائيل، يجب ألا تحقق بنفسها». أما النقطة الثانية، فكانت حول إنهاء «الحصار الإسرائيلي على المعابر الفلسطينية، والسماح بإدخال كل المواد بكل النسب التي يحتاجها الشعب، أي عندما يحتاج 100 في المائة من الدواء، ويعطى 20 في المائة، فهذا لا يجوز». وأوضح عباس أن «مطلبنا الأساسي كيف يرفع الحصار عن قطاع غزة، والعالم يقف معنا، فأكثر من 32 دولة شاركت في القافلة والعالم تعاطف مع ما حصل»، موضحا أن «إسرائيل هاجمت القافلة في المياه الدولية، هاجمت أبرياء ليس لهم غايات عنيفة ولم يحملوا سلاحا». وكان عباس قد أجرى حوارا مع المذيع «تشارلي روز» الذي سأله عن رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وعلاقة حماس مع إيران. وقال عباس: «مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس وأنا الآن رئيس السلطة، علينا الحديث معه». وأضاف: «نحن نعرف علاقاته مع إيران ولكن على الرغم من ذلك علينا محاولة إقناعه بالمصالحة». وردا على سؤال حول «القوة الإيرانية» ونفوذها على حماس، قال «نعم، هذا شيء موجود»، ولكنه رفض الخوض في التفاصيل، قائلا: «هناك من يتهمني بأنني أحاول خلق الخلافات بين صفوف حماس». ولفت إلى أن هناك قادة لحماس خارج غزة قد لا يتفهمون المعاناة الفلسطينية داخل غزة، قائلا: «بعض قادة حماس يريدون الخروج من المأزق لأنهم يعانون أوضاعا صعبة جدا في غزة، وبعضهم في الخارج وقد لا يشعرون بنفس حياة أهالي غزة».

نفى عباس تصريحات خلال لقائه مع القادة اليهود في واشنطن نقلتها عنه صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، تزعم أنه يعترف بحق اليهود في أرض إسرائيل. وقال عباس: «اليهود موجودون في الشرق الأوسط، ونحن عندما نقرأ القرآن فثلثه عن بني إسرائيل، هم موجودون ولا ننكر ذلك، هذا ما قلته».

وشدد عباس على أمله السلام، قائلا: «إنني ما زلت أحمل الأمل، ولكن لا أعلم إلى متى». وأضاف: «أريد لحفيدي أن يعيش حياة عادية، لا أريد له أن يعيش الحياة التي عشتها أنا». ويعلق أبو مازن آمالا على الرئيس الأميركي، قائلا: «هذا الرجل جاد حول السلام، وبنهاية هذا العام يجب أن نحقق شيئا». وأضاف: «السلام شيء ثمين وأغلى من كل شيء».