حزب الله مستاء من «امتناع» لبنان عن التصويت على القرار ضد إيران في مجلس الأمن

مصدر مقرب من الحزب لـ الشرق الأوسط» يستبعد تداعيات أكبر بسبب الانقسام على التصويت

TT

أثار تصويت لبنان في مجلس الأمن بـ«الامتناع» عن قرار فرض عقوبات جديدة ضد إيران، استياء حزب الله الذي أصدر بيانا رسميا منتصف ليل أول من أمس أسف فيه على الموقف الذي اتخذه لبنان. وقال حزب الله في البيان إنه كان يأمل أن يعكس موقف لبنان «صورة أكثر بهاء وقوة وتعبيرا عن قدرة اللبنانيين على التوافق، خصوصا إزاء رفض التجني والظلم اللذين ذاق لبنان مرارتهما طويلا».

ووصف الحزب القرار الذي لم يمتنع عن التصويت عليه إلا لبنان، بينما اعترضت كل من تركيا والبرازيل، بأنه «جائر ومجحف ومناف لأبسط قواعد النزاهة والعدل». وحذر من أن «لعبة المصالح الاستكبارية (...) لن تسهم إلا في زيادة الأوضاع تعقيدا في منطقتنا». واعتبر أن التاريخ «سيسجل الموقف المنصف لتركيا والبرازيل الرافض لفرض عقوبات جديدة ضد إيران، ولن تستطيع الدول التي صوتت مع القرار إيجاد التفسير المقنع للبشرية حاضرا ومستقبلا».

وكانت الحكومة اللبنانية قد اجتمعت أول من أمس للبحث في كيفية تصويت لبنان على العقوبات، ولم تتمكن من التوصل إلى الاتفاق. وصوت 14 وزيرا لصالح تصويت لبنان بـ«الامتناع»، بينما صوت 14 وزيرا آخر من قوى «14 آذار» من بينهم وزراء الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي انسحب من التحالف، بالتصويت ضد العقوبات. وتغيب عن الجلسة وزيران، أحدهما من «14 آذار»، والآخر من الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية. وبينما جادل وزراء «14 آذار» بضرورة إبقاء لبنان على الحياد، وخصوصا أنه لا يمثل نفسه فقط بل كل الدول العربية في مجلس الأمن، أصر وزراء حزب الله وحركة أمل على التصويت ضد العقوبات، أسوة بتركيا.

وقال مصدر مقرب من حزب الله لـ«الشرق الأوسط» أمس إن لبنان كان يجب أن يصوت ضد العقوبات، «لأن تركيا، عضو في حلف شمال الأطلسي، ومع ذلك اتخذت موقفا مضادا للعقوبات، ولبنان لا يمكنه أن يأخذ موقفا أقل من ذلك». وأضاف: «انطلاقا من الإنصاف والعدل، الموقف خطأ ولا منطق خلفه إلا منطق القوي، ونحن اخترنا أن نصطف مع القوي». إلا أن المصدر استبعد أن يكون لموقف حزب الله أي تبعات على الساحة الداخلية في لبنان، مشيرا إلى أنه «لو أن ذلك سيحدث، لكان البيان حمل نبرة أقسى».

ورأى مصدر متابع أن موقف الحزب «طبيعي»، وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «طبيعة علاقة حزب الله بإيران تفرض عليه أن يعبر بهذه الطريقة، إلا أن استياءه لن تكون له تداعيات دراماتيكية على الساحة». وأشار إلى أن الحزب قد يستعمل ذلك لتحقيق مكاسب داخلية ضد خصومه، خصوصا في المرحلة القادمة التي ستشهد تعيينات أمنية، وفي ظل الخلاف حول الموازنة المالية.

وأشار المصدر تعليقا على علاقة حزب الله بجنبلاط الذي صوت لصالح «الامتناع»، إلى أن علاقتهما لن تتأثر سلبا، لأن الحزب يتفهم موقف الزعيم الدرزي، مستبعدا أن يتسبب هذا الاختلاف في وجهات النظر «في خرق أجواء التوافق الموجودة في البلد». وقال إن موقف جنبلاط يثبت أن القضية «ليست حادة، بل إنه كانت هناك إرادة بتظهير الخلاف اللبناني الداخلي حول القضية، وهذا ما حصل». وأضاف: «جنبلاط صوت حيث كان هناك حاجة لصوته، لو كان عدد الأصوات في المعسكر الثاني أقل، لكان صوت لرفض العقوبات».

وفي بيروت، قال النائب عن حزب الله علي فياض إن «الموقف اللبناني الذي أطلق في مجلس الأمن كان يجب أن يترجم في التصويت». وأشار إلى أن «العلاقات الطبيعية مع سورية يعني أن يكون هناك نوع من الانسجام والتكامل بين البلدين في الملفات الإقليمية، وما حصل كان نوعا من الخطوة العرجاء غير مبررة وغير مفهومة التي ستدخل نوعا من الإرباك في الحياة السياسية في لبنان خلال الفترة المقبلة».

إلا أن موقف زميله في الحزب، عضو المجلس السياسي غالب أبو زينب، كان أكثر ليونة عندما قال إن «الإيجابي في الموقف اللبناني أن كل اللبنانيين ضد العقوبات، وهذا ما أكده مجلس الوزراء». وأضاف: «هناك اتفاق بين اللبنانيين على أننا لا نريد عقوبات ضد إيران بالكامل ولكن البعض يراعي بعض التفاصيل».

وكان وزير العمل بطرس حرب الذي ينتمي لـ«14 آذار» قال إن موقع لبنان لا يسمح له بالتصويت ضد العقوبات. وأضاف: «لبنان يحتاج إلى المجموعة الدولية، وإلى الأمم المتحدة و(اليونيفيل) والاحتضان الدولي لحمايته من الاعتداءات الإسرائيلية.. وهذا يدفعنا إلى عدم إقحام أنفسنا في الصراع الدولي».

وفسر وزير الدولة وائل أبو فاعور الذي ينتمي إلى كتلة جنبلاط، موقف كتلته بالقول: «امتناعنا عن التصويت هو من أجل موقف لبنان، لأنه لا يمكن أن نحتمل أكثر من ذلك، كما أن الامتناع أيضا يوازي أننا ضد العقوبات».