الانتخابات الهولندية: تقدم الليبراليين واليمين المتطرف ضاعف مقاعده 3 مرات

استقالة رئيس الوزراء المنتهية ولايته.. وتوقع مفاوضات صعبة لتشكيل الحكومة

TT

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي شهدتها هولندا أول من أمس، تقدم الحزب الليبرالي عن أقرب منافسيه بمقعد واحد، مما يجعله في موقف القيادة لتشكيل ائتلاف، يتعين عليه بالدرجة الأولى مواجهة الأزمة الاقتصادية وكبح العجز المتزايد في الميزانية. لكن النتائج أظهرت أيضا تقدما لافتا لليمين المتشدد، الممثل في «حزب الحرية» بزعامة خيرت فيلدرز، إذ تمكن من مضاعفة عدد مقاعده ثلاث مرات تقريبا، ليصبح ثالث تكتل في البرلمان.

وبموجب النتائج النهائية، حصل الحزب الليبرالي «في.في.دي» (يمين)، على 31 مقعدا، متقدما على حزب العمل (يسار) (30 مقعدا)، وحزب الحرية (يمين متشدد) (24 مقعدا). أما المرتبة الرابعة، فكانت من نصيب الديمقراطي المسيحي (يمين)، الذي قاد الائتلاف الحكومي السابق برئاسة بيتر بالكينيندي. وتقاسمت أحزاب أخرى المقاعد المتبقية في البرلمان المكون من 150 مقعدا.

ويعد رئيس الحكومة السابق وزعيم الحزب المسيحي الديمقراطي يان بيتر بالكينيندي، من أكبر الخاسرين، وقد أعلن على الفور استقالته من زعامة الحزب. ووصف بالكينيندي نتيجة الانتخابات بأنها مخيبة جدا للآمال بعد أن حصل حزبه على 21 مقعدا بعد أن كان له 42 مقعدا في البرلمان السابق.

ومن شأن هذه النتيجة أن تعطي زعيم الليبراليين مارك روت تفويضا بتشكيل ائتلاف حكومي، لكن تمسكه بسياسات التقشف قد يبدو صعبا مع حاجته لثلاثة أحزاب أخرى على الأقل لتأمين الأغلبية البرلمانية اللازمة.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتقدم فيها الحزب الليبرالي عن باقي الأحزاب الهولندية مجتمعة، إلا أن الفوز الذي حققه وبهذا الفارق البسيط جدا، لم يسبقه إليه أحد من قبل، وهو الأول من نوعه في تاريخ الانتخابات الهولندية. وقال زعيم الحزب مارك روتا ،الذي يتوقع أن يتولى منصب رئيس الوزراء الهولندي القادم، أمام مؤيديه: «إنه حدث نادر ويوم تاريخي، إنها المرة الأولى في تاريخ حزبنا على الإطلاق التي نفوز فيها بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية».

من جانبه، عبر زعيم حزب العمل يوب كوهن عن سعادته بالنتيجة التي حققها حزبه. فعلى الرغم من سقوط الحكومة السابقة، التي كان العماليون مشاركين فيها، وتعثر يوب كوهن في الحملة الانتخابية التي سبقت الانتخابات في الكثير من المناسبات فإن الحزب تمكن من تقليص الضرر إلى حده الأدنى. وقال: «الكثير من الناس اعتقدوا أن أمر حزب العمل قد قضي، وأنه في طريقه إلى الموت، لكن انظروا إلينا، ها نحن لا نزال هنا».

أما زعيم حزب الحرية فيلدرز، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الإسلام والمهاجرين، فقد علق على نتائج الانتخابات بالقول: «أصبح المستحيل حقيقة، إنه ليوم مشهود لهولندا والهولنديين». ويرى فيلدرز أن من حق حزبه أن يشارك في الائتلاف الحكومي القادم، وقال: «نتمنى أن نشارك في الحكومة القادمة، لا يمكنهم أن يتجاهلونا أو يدفعونا إلى الخارج».

وكان مارك روتا قد قال إنه لا يستثني أي حزب من المفاوضات، غير أن التعاون بين الحزب الليبرالي وحزب الحرية قد يبدو مستحيلا من وجهة نظر بعض المراقبين في لاهاي، كما أن حزب العمل كان قد أعلن مرارا أنه لن يشارك في ائتلاف مع فيلدرز.

ومن شأن هذه النتيجة أن تجعل تشكيل حكومة ائتلافية أمرا في غاية التعقيد والصعوبة. وفي حال تشكلت حكومة يمينية من الحزب الليبرالي، وحزب الحرية، والحزب المسيحي الديمقراطي، فإنها ستعتمد على أغلبية صوت واحد في البرلمان مما يجعلها عرضة للاهتزازات.

ويقول نور الدين العمراني المتخصص بشؤون الانتخابات بهولندا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه يخشى استمرار المشاورات لفترة طويلة، وقد لا تؤدي إلى اتفاق نهائي، وربما ينتهي الأمر بإعادة الانتخابات في ظل اختلافات المواقف والرؤى بين الأحزاب التي فازت في الانتخابات.

أما يوب فاندسان، المتحدث باسم وزارة العدل الهولندية، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه النتائج سيترتب عليها تغييرات كبيرة، لكنه رفض التعليق على الشكل المحتمل للحكومة القادمة وعن احتمال انضمام اليمين المتشدد إليها.

واجتمعت أمس الكتل البرلمانية للأحزاب المختلفة لأول مرة، كل على حدة، لبحث النتائج الانتخابية وخياراتهم لتشكيل الحكومة. وسيواصل بالكينيندي مهامه كرئيس وزراء مكلف لحين تشكيل الحكومة الجديدة ليغادر بعدها لاهاي التي ترأس فيها أربع حكومات متعاقبة منذ عام 2002، لم تكمل أي منها فترتها الدستورية. وكانت الانتخابات الهولندية قد عرفت إقبالا بنسبة 74%، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالسنوات الماضية، وربما تكون الأمطار الغزيرة التي هطلت طوال يوم التصويت سببا في ذلك، وبلغت تلك النسبة أدناها في مدينة روتردام الكبيرة التي تسكنها أعداد كبيرة من الهولنديين ذوي الأصول الأجنبية، حيث لم يصوت فيها سوى نصف عدد الناخبين المسجلين.

يشار إلى أن انتخابات أول من أمس جاءت بعد أن انهارت الحكومة الائتلافية التي تضم الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب العمل، خلال الفترة الماضية، في خلاف على تمديد عمل القوات الهولندية بأفغانستان.