القوات الأمنية العراقية مستمرة بكاشفات متفجرات رغم علمها بعدم فاعليتها

ضباط يؤكدون أنها بلا فائدة وآخرون يحملون مسؤولية الفشل لرجال شرطة «أميين»

شرطي يستخدم كاشف متفجرات في تفتيش تابوت خلال جنازة في النجف (رويترز)
TT

رغم التقارير التي أكدت عدم فاعلية أجهزة الكشف عن المتفجرات وصدور أوامر رئيس الوزراء بإجراء تحقيق عن كيفية شراء هذه الأجهزة بقيمة 85 مليون دولار واتهام الحكومة البريطانية للشركة المصنعة لها بالغش، تواصل الأجهزة الأمنية استخدامها في نقاط التفتيش بين المدن العراقية وفي المنافذ الحدودية مع دول الجوار، وهو ما يفسر نجاح الإرهابيين بتمرير عربات مفخخة وتفجيرها داخل العاصمة والمدن العراقية. وتحولت أخطاء جهاز «إيه دي إي 651» البريطاني الصنع المستورد، خلال استخدامه من قبل أجهزة الأمن العراقية إلى حكايات للتندر لعدم قدرته على التفريق بين المواد المتفجرة والأسلحة وبين الأدوية والمقتنيات الشخصية للمسافرين خلال تفتيش الحافلات التي يستقلونها. وفي ساحة سعد شمال مدينة البصرة حيث المرأب الرئيسي لوسائط النقل بين المدينة والمحافظات الأخرى لا حديث لسائقي سيارات الأجرة سوى ما يصادفهم من مفارقات حول عدم فاعلية أجهزة الكشف التي يطلقون عليها (السونار) وما تسبب لهم من تأخير في نقاط التفتيش الكثيرة. وتباينت آراء عدد من المعنيين بالملف الأمني تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» حول تلك الأجهزة، فمنهم من اعتبرها واحدة من صفقات الفساد المالي، فيما عبر آخرون عن ثقتهم بها كونها من الأجهزة الحديثة التي لا يجيد رجال الشرطة استخدامها كون معظمهم من الأميين. وقال الرائد علاء كاظم (ضابط شرطة) إنه «عندما تسلمنا الأجهزة الكاشفة للأول مرة العام الماضي، كنا سعداء لحصولنا على وسيلة العثور على المتفجرات والأسلحة المخبأة، بعد أن أخبرتنا مراجعنا بأنها من الأجهزة الحديثة مما سيخلص الناس من الخوف والإرهاب، ونتمكن بواسطتها من القضاء على السيارات المفخخة التي تشكل هاجسا كبيرا للأجهزة الأمنية». وأضاف: «وبعد الاشتغال عليها أصبح وضعنا أكثر إرباكا كونه يتحسس من الكثير من المواد التي لا علاقة لها بوسائل الإرهاب، وأننا ما زلنا نستخدمها لعدم وجود بدائل لها»، مشيرا إلى أن «كثيرا من الخبراء المستقلين أجروا اختبارات متكررة عليها أظهرت أنها عديمة الفائدة، بيد أن مسؤولين أمنيين عراقيين كبارا قد أكدوا ثقتهم فيها ولم تقم وزارة الداخلية بسحبها لحد الآن». ولم يستبعد عزيز حافظ (ضابط في الجيش) أن «يكون استيراد تلك الأجهزة جزءا من حالة الفساد المالي الذي يشهده البلد منذ سنوات حيث تفوح منه بين الحين والآخر روائح صفقات أسلحة قديمة وأخرى وهمية»، مشيرا إلى أن «تلك الصفقات تأتي على حساب التلاعب والاستهانة بأرواح الأبرياء، وكان حري بالدولة وهيئة النزاهة والأحزاب أن تكشف تداعيات استيراد تلك الأجهزة وإحالة المسؤولين عنها إلى القضاء».

وروى صادق حميد (سائق سيارة أجرة) إحدى الحوادث الطريفة عن جهاز الكشف، وقال: «في إحدى السفرات وعند تعرض سيارتي التي يقلها ثلاثة من المسافرين من البصرة إلى بغداد للتفتيش بواسطة جهاز الكشف في سيطرة مدينة الكوت، أخذ الجهاز يطلق تحذيرات، وعند إنزال المسافرين من السيارة توقف الجهاز عن إعطاء الإشارة لكنة عاد بإطلاقها مرة أخرى عند اقتراب حامله من أحد المسافرين وعند تفتيشه تبين أن لديه عددا من الأسنان الصناعية». وأكد خلف زيدان (ضابط شرطة) على أن تلك الأجهزة أظهرت فعاليتها في الكشف عن بعض المتفجرات والسيارات الملغومة مما حدا بالأجهزة الأمنية التي توسيع استخدام تلك الأجهزة وتوزيع أعداد منها على أصحاب مرائب السيارات لفحصها قبل الدخول لضمان السلامة، واعزا سبب إخفاقها إلى عدم إجادة معظم رجال الشرطة من الأميين استخدامها».