جدل كبير في الضفة الغربية بسبب تأجيل الانتخابات البلدية.. واتهامات لفتح بالوقوف وراء القرار

مقبول لـ «الشرق الأوسط»: الموقف الجديد جاء استجابة لطلب من تركيا وحماس وجامعة الدول ووفد المصالحة

TT

نفى أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، أمين مقبول، أن تكون الخلافات داخل فتح سببا مباشرا في قرار الحكومة الفلسطينية تأجيل الانتخابات المحلية في الضفة الغربية التي كانت مقررة في 17 يوليو (تموز) القادم إلى أجل غير مسمى، وإن كان قال إن ذلك كان أحد الأسباب الصغيرة.

وأكد مقبول لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) استجاب لطلبات عدة «وصلتنا من عدة جهات، حماس كتبت للجامعة العربية تطلب تأجيل الانتخابات، والجامعة العربية نقلت لنا الطلب وأيدته، والمستقلون وجهوا نداءات عبر الصحف من أجل التأجيل، والأكاديميون أيدوا ذلك، ووفد المصالحة الذي عينه الرئيس طلب رسميا منه إعطاءه فرصة كافية لتحقيق المصالحة. وأعتقد أن تركيا طلبت كذلك من الرئيس في زيارته الأخيرة أيضا التأجيل». لكن مقبول لم يعتبر ذلك مؤشرا نهائيا على قرب تحقيق المصالحة، وقال «نأمل ذلك، أردنا إعطاء فرصة ونأمل هذا». غير أن حركة حماس نفت ذلك وأرجعت التأجيل إلى «احتدام الخلافات الداخلية بين قيادات فتح». وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم «لم يأت هذا التأجيل بطلب من قبل حماس كما تم تبريره من قبل فتح، ونحن سواء أقرت أم تأجلت لن نعطي لها شرعية ولن نتعامل معها».

وأحدث قرار تأجيل الانتخابات جدلا كبيرا في الشارع الفلسطيني، وأكدت لجنة الانتخابات المركزية تلقيها قرارا من مكتب رئيس مجلس الوزراء يقضي بتأجيل موعد الانتخابات دون تحديد موعد جديد. وأعربت لجنة الانتخابات المركزية عن أملها أن لا يكون لقرار التأجيل أي أثر على الإرث الديمقراطي في فلسطين. واختارت الحكومة الفلسطينية يوم 10 يونيو (حزيران) الجاري لإعلان التأجيل بصفته كان آخر موعد لتسليم القوائم الانتخابية للجنة الانتخابات المركزية.

وبينما أيدت حركة فتح الخطوة، عارضتها فصائل منظمة التحرير الرئيسية. وقالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إنها ترفض قرار التأجيل معتبرة أنه يشكل ضربة كبيرة للديمقراطية في فلسطين. وقالت خالدة جرار عضو المجلس التشريعي عن الشعبية: «نرفض قرار مجلس الوزراء الخانق للعملية الانتخابية، باعتبار أن العملية الديمقراطية هي ملك للمجتمع الفلسطيني بأسره بقواه وفعالياته ومختلف شرائحه» ودعت جرار مختلف القوى والفصائل السياسية والفعاليات والمؤسسات المجتمعية والقوائم الانتخابية إلى الدفاع عن العملية الانتخابية وإجرائها وفق الجدول المقرر والمعلن من لجنة الانتخابات المركزية.

وأدانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين القرار. وقال ناطق رسمي بلسانها إن القرار «مخالفة صريحة لقانون الانتخابات المحلية رقم 10، لعام 2005». ودعا الناطق إلى احترام نص المادة الخامسة من القانون المذكور الذي يلزم مجلس الوزراء بتحديد مدة التأجيل بما لا يتجاوز أربعة أسابيع إذا اقتضت ذلك ضرورات سلامة الانتخابات. وطلبت الديمقراطية ضرورة التحديد الفوري لموعد إجراء الانتخابات ضمن المدة القانونية المذكورة أعلاه.

واستغرب الناطق بلسان الجبهة محاولة تبرير التأجيل ارتباطا بجهود المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، مؤكدا أن التنصل من احترام الاستحقاقات الديمقراطية بدعوى الانقسام هو الذي سيؤدي إلى تكريس الانقسام.

وانضم حزب الشعب للجبهتين، وأعلن أمينه العام بسام الصحالي ضرورة إجراء الانتخابات وفق التاريخ المحدد لها. وكان هذا أيضا موقف حزب فدا الذي قال إن القرار جاء بناء على طلب اللجنة المركزية لفتح دون أن يناقش ذلك مع اللجنة التنفيذية للمنظمة. وقال «فدا» إنه لا يرى أي مبرر لتأجيل الانتخابات المحلية، واصفا إياه بأنه «نكوص عن الأسس الديمقراطية وضرورة ترسيخها في المجتمع الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية».

ووصفت فصائل من خارج المنظمة القرار بالخاطئ، وقال مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية «إن التأجيل غير مبرر وغير مقنع ومرفوض ويتعارض مع مبادئ وأسس الديمقراطية واستعادة الوحدة الوطنية». وأضاف في مؤتمر صحافي: «هذا استخفاف برأي الشعب الفلسطيني وحقه في اختيار مجالسه المحلية وممثليه». وانضم نبيل عمرو عضو المجلس المركزي للمنظمة إلى قائمة المعارضين. وقال إن القرار «ينطوي على فشل ذريع في الحفاظ على المؤسسات الوطنية وتطويرها واعتماد صناديق الاقتراع كوسيلة وحيدة لممارسة الديمقراطية». وانتقد أيضا حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة القرار واعتبره «انسحابا من المعركة واعترافا بالفشل».

وأثار القرار غضب مستقلين كانوا يستعدون لخوض هذه الانتخابات، وطالب بعضهم بمسيرات شعبية لإسقاط قرار الحكومة، لكن موقف وزير الحكم المحلي خالد القواسمي، كان واضحا، وقال في بيان «إن قرار تأجيل الانتخابات جاء على ضوء المستجدات وطلب بعض الدول العربية والإقليمية وعدد من الأصدقاء والأشقاء في المنطقة والعالم بتأجيل الانتخابات وإفساح المجال أمام إنجاح الجهود المبذولة لرفع الحصار عن قطاع غزة واستعادة الوحدة بين شطري الوطن».

وواجهت الحكومة الفلسطينية انتقادات متزايدة من مؤسسات حقوقية كذلك، وقال المرصد العربي للانتخابات إن القرار ضربة للعملية الديمقراطية ولحق الشعب في المشاركة السياسية واختيار قيادته ويتنافى مع القانون والأعراف والقوانين الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية.

وأعربت اللجنة الأهلية لرقابة الانتخابات عن قلقها البالغ إزاء قرار التأجيل.