العلوي المحمدي: جيل الحسن الثاني يجب أن يفسح المجال لجيل آخر للعمل مع الملك محمد السادس

عضو المكتب السياسي لـ«الاتحاد الدستوري» المغربي في حوار مع «الشرق الأوسط»: إما أن ندخل الحكومة أو يخرج منها التجمع الوطني للأحرار

محمد العلوي المحمدي («الشرق الأوسط»)
TT

يستعد حزب الاتحاد الدستوري (معارضة برلمانية) لعقد مؤتمره أواخر العام الحالي استعدادا لانتخابات 2012 التشريعية، وتكريس تحالفه مع التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الحكومة)، الهادف إلى تشكيل النواة الأولى لـ«تحالف سياسي ليبرالي» في المغرب. ولم يستبعد محمد العلوي المحمدي، الوزير السابق وعضو المكتب السياسي للحزب، التجديد للأمين العام الحالي للحزب محمد الأبيض خلال المؤتمر المقبل، إلا أنه قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه سيدعم الشباب لتولي الأمانة العامة للحزب. وأوضح أن النظام الأساسي للحزب، يحدد ولاية الأمين العام في ولايتين، وبذلك يمكن أن يترشح محمد الأبيض لولاية ثانية. وأضاف: «هذا من حقه، وقرار الترشيح يتوقف عليه، لكنني شخصيا أفضل أن نتراجع نحن - شيوخ الحزب الذين عاصروا الملك الحسن الثاني - ونفسح المجال أمام جيل جديد من الكوادر لمواصلة الطريق مع ملكنا الشاب محمد السادس».

وتأسس الاتحاد الدستوري عام 1983 بمبادرة من السياسي الراحل المعطي بوعبيد، الذي كان وقتها يتولى رئاسة الحكومة، وذلك خلال فترة سياسية حرجة تميزت باعتماد البلاد سياسة التقويم الهيكلي تحت إشراف صندوق النقد الدولي. وفاز الحزب خلال السنة التالية لتأسيسه بأغلبية ساحقة في الانتخابات ليصبح أول قوة سياسية في البلاد. غير أنه منذ انطلاق سياسة التناوب خلال الفترة الأخيرة من حكم الملك الراحل الحسن الثاني، التي حملت أحزاب المعارضة إلى السلطة عام 1998، تراجع الاتحاد الدستوري. وعرف الحزب خلال انتخابات 2002 انتكاسة قوية؛ إذ حصل فقط على 16 مقعدا، أي 4.9 في المائة من المقاعد في البرلمان، إلا أنه تمكن خلال انتخابات 2007 من استرجاع أنفاسه وانتزاع 27 مقعدا تمثل 8.3 في المائة من الأصوات داخل البرلمان. حول رهانات المؤتمر المقبل للحزب وآفاق التحالف الجديد جرى هذا الحوار في الدار البيضاء مع محمد العلوي المحمدي الوزير السابق وأحد القادة المؤسسين للحزب.

* ثمة تكهنات عن احتمال اندماج حزب الاتحاد الدستوري وحزب التجمع الوطني للأحرار، ما هي حظوظ هذا الاحتمال؟

- الحديث عن احتمال الاندماج بين الحزبين لا يقتصر على المتتبعين، وإنما هو متداول أيضا، حتى في النقاشات الحزبية الداخلية. وهو مطروح كخيار محتمل، لكنني شخصيا أعتقد أن من مصلحة الحزبين خلال المرحلة الحالية ألا يتجها نحو الاندماج، وأرى أن علينا بدلا من ذلك أن نطور تحالفنا في اتجاه الاتحاد، وهي صيغة متطورة للتحالفات السياسية منصوص عليها في الفصل 41 من قانون الأحزاب المغربية. وهذه الصيغة تسمح لكل حزب بالحفاظ على استقلاليته التقريرية والتنظيمية والمالية، وفي الوقت نفسه تسمح للحزبين المتحالفين بتشكيل أجهزة مشتركة من قبيل مكتب سياسي مشترك ولجان إقليمية مشتركة، وغيرها من الأجهزة المشتركة، خاصة في إطار الإعداد للانتخابات. لذلك أعتبر أن هذه الصيغة الاتحادية تشكِّل أحسن وسيلة لتقوية التحالف بين الحزبين. وأقول هذا بناء على تجارب عاشتها أحزاب اندمجت في ما بينها، وكانت النتائج الانتخابية دون المستوى المنتظر.

* حتى الآن كيف تسير أمور هذا التحالف، وهل هناك تقدم في اتجاه الاتحاد؟

- التحالف مع التجمع الوطني للأحرار هو في حد ذاته تطور إيجابي كبير، وستكون له قيمة مضافة كبيرة بالنسبة للحزبين على أبواب انتخابات 2012؛ إذ نتوقع من التحالف أن يمكِّننا من الحصول على مرتبة متقدمة في الخريطة السياسية المقبلة. وهذا التحالف الذي أصبح اليوم أمرا واقعا وحاليا نجني ثماره، خاصة في البرلمان حيث شكلنا فريقا مشتركا تحت اسم «الفريق التجمعي الدستوري الموحد»، الذي أصبح يحتل المرتبة الأولى حاليا كأكبر فريق برلماني، وبالتالي أصبح لنا معا بفضل الفريق المشترك وزن مهم في العمل التشريعي للبرلمان وفي مجال مراقبة العمل الحكومي.

كما يتجلى التحالف أيضا في خلق لجان تضم أطرا من الحزبين، وهي الآن تعكف على دراسة وإعداد البرنامج الموحد للحزبين خلال الانتخابات المقبلة، ووضع أسس برنامج القطب الليبرالي الاجتماعي المنشود. وهناك أيضا لجنة تعكف على دراسة توحيد الرؤية في ما يتعلق بالجهوية الموسعة وإعداد الورقة الموحدة التي سيرفعها الحزبان إلى اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد الجهوية الموسعة. بالإضافة إلى اللجان القطاعية المكلفة بالتنسيق بين مختلف القطاعات الحزبية كالشباب والمرأة.

هذه كلها توضح أن الحزبين يتجهان إلى تقوية تحالفهما وإفراز قوة سياسية تكون أساس بناء قطب ليبرالي اجتماعي، يمكن لأحزاب الأخرى أن تلتحق به مستقبلا.

* وجود حزب التجمع الوطني للأحرار في الحكومة، والاتحاد الدستوري في المعارضة، ألا يخلق هذا التعارض في وضعية الحزبين الحليفين ارتباكا في عمل التحالف الجديد؟

- التحالف بين الحزبين هو تحالف استراتيجي يهدف إلى خلق قطب ليبرالي اجتماعي وتهيئة المناخ المناسب لانتخابات 2012، وهو ليس تحالفا ظرفيا مرتبطا بالمرحلة الحالية التي هي بالنسبة لنا مجرد مرحلة انتقالية علينا تدبيرها على هذا الأساس. وجود الاتحاد الدستوري في المعارضة والتجمع الوطني للأحرار في الغالبية وجود ظرفي، وليس استراتيجيا. بطبيعة الحال هذا الوضع ينتج عنه نوع من التشويش والارتباك. وهو يتطلب منا في حزب الاتحاد الدستوري، بسبب موقعنا كحزب معارض، نوعا من الذكاء عندما نتدخل أثناء مناقشة بعض الأمور في البرلمان، مثل الموازنة، أو مشروعات القوانين، أو مراقبة الحكومة عبر الأسئلة الشفوية أو الكتابية في البرلمان. لذلك نتمنى أن يتم الفصل في هذه الوضعية بشكل نهائي، إما عبر دخول الاتحاد الدستوري إلى الحكومة، أو خروج التجمع الوطني للأحرار إلى المعارضة كي تتضح الرؤى.

* حاليا ما هو بالضبط موقف الاتحاد الدستوري من الحكومة بعد تحالفه مع التجمع الوطني للأحرار الذي يعتبر قوة رئيسية داخل الحكومة؛ إذ يتولى وزارات مهمة مثل المالية والسياحة والطاقة والزراعة والشباب والرياضة؟

- بالنسبة للموقف من الحكومة كان محمد الأبيض رئيس حزب الاتحاد الدستوري واضحا جدا عندما دعاه الوزير الأول لحضور اجتماع الغالبية، فأجابه بكل احترام إن الاتحاد الدستوري، رغم تحالفه مع التجمع الوطني للأحرار، ليس عضوا في الحكومة. وكما سبق وقلت، الوضع يتطلب منا التعامل بذكاء كبير. والاتحاد الدستوري لا يمكنه اتخاذ أي موقف دون الرجوع للتحالف الموضوعي الذي يجمعه بحزب التجمع الوطني للأحرار. ورغم أننا في المعارضة فإننا يصعب علينا اتخاذ إجراءات أو مواقف قوية ضد الحكومة التي يشارك فيها حليفنا، لذلك كما قلت سابقا، أعتقد أنه يجب توضيح الأمور؛ إما عبر انسحاب التجمع من الحكومة أو دخولنا إليها. وعلى كل حال فنحن نعتبر هذه المرحلة انتقالية وظرفية، ونتعامل معها على هذا الأساس، واضعين نصب أعيننا الهدف الإستراتيجي السامي للتحالف، وهو تشكيل النواة الأولى للقطب الليبرالي الاجتماعي. وفي هذه المرحلة هناك فريق برلماني موحد، وهناك أجهزة داخلية تجتمع وتتخذ المواقف التي تعتبرها في مصلحة الفريق الموحد. على سبيل المثال، خلال مناقشة التصريح الأخير للوزير الأول في البرلمان حول حصيلة الأداء الحكومي خلال العامين الماضيين، تعامل الفريق البرلماني الموحد في تدخله المشترك بموضوعية مع الأداء الحكومي، فأبرز الإيجابيات مع النقد البناء وإثارة انتباه الحكومة للفشل الذي عرفته في بعض القطاعات.

* يبدو أن انتخابات 2012 تشكل أحد أبرز رهانات التحالف. فهل سيكون هناك ترشيح مشترك بين الاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار خلال الانتخابات المقبلة؟

- الترشيح هو المشكلة الأولى التي ستعترضنا في سياق الإعداد للانتخابات المقبلة. وهناك لجنة تعكف على هذه المشكلة، ومن خلال دراسة الخريطة السياسية الحالية لنواب ومستشاري الحزبين اتضح لنا أن الدوائر التي يمكن أن تطرح مشكلة هي دوائر محدودة. فأغلبية نواب كل حزب من الحزبين توجد في دوائر مختلفة، لذلك مشكلة التصادم بين المرشحين ستكون محدودة، وسنجد لها الحل المناسب في بعض الدوائر التي قد تطرح فيها. يبقى أن هناك دوائر لا يوجد فيها أي واحد من الحزبين، وهنا لا بد من اختيار مرشح واحد، وسنحاول اختيار المرشح الأنسب حسب معطيات موضوعية، خاصة الشعبية، وسيحصل هذا المرشح على دعم الحزبين معا.

* لماذا بدأتم التحالف من أجل خلق القطب الليبرالي مع التجمع الوطني للأحرار، وليس مع حزب الأصالة والمعاصرة، خاصة أنه كانت هناك بوادر تقارب بين الاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة في السابق؟

- نحن نرحب بالأصالة والمعاصرة، فهو حزب له مكانته في الساحة السياسية، وتقوده شخصيات بارزة، ونتقاسم معه الدفاع عن المؤسسات، والدفاع على قيم ومبادئ الحداثة والانفتاح والليبرالية الاجتماعية. لذلك فنحن نعتبره عنصرا أساسيا في تقوية القطب الليبرالي الاجتماعي الذي نحن بصدد إنشائه. الآن هناك حزبان، الدستوري والتجمع، اللذان يتقاسمان الأفكار نفسها مع الأصالة والمعاصرة، أخذا معا بزمام المبادرة لتشكيل النواة الأولى للقطب الليبرالي المرغوب فيه. ونحن نتمنى صادقين أن يلتحق بنا الأصالة والمعاصرة، وكذلك حزب الحركة الشعبية، الذي يوجد معنا أيضا كعضو في الأممية الليبرالية العالمية.

* وماذا عن حزب العدالة والتنمية؟

- نعتبره قوة سياسية لها مكانتها، لكننا نختلف معه في عدة قضايا، في المجال الديني والسياسي والاقتصادي، لذلك من المستبعد قيام أي تحالف معه.

* كانت لكم تجربة سابقة في إطار تحالف الوفاق خلال التسعينات من القرن الماضي، لكنها فشلت.

- الوفاق كان تحالفا ظرفيا بين ثلاثة أحزاب، هي الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والحزب الوطني الديمقراطي، ولم يكن استراتيجيا كما هو حالنا اليوم. كان الهدف من إنشاء الوفاق هو تشكيل قوة سياسية في مواجهة تحالف الكتلة الديمقراطية الذي شكلته في بداية التسعينات الأحزاب الاشتراكية التي كانت في المعارضة مع حزب الاستقلال، مع إطلاق الملك الراحل الحسن الثاني لتجربة التناوب التوافقي. وهكذا بدأنا نعمل داخل الوفاق. غير أن هذه الدينامية توقفت مع وفاة المعطي بوعبيد، الزعيم المؤسس لحزب الاتحاد الدستوري. وبعد وفاة بوعبيد تعثر الوفاق واضمحل.

* وفاة بوعبيد شكلت أيضا هزة قوية بالنسبة للاتحاد الدستوري، وتلتها فترة تراجع قوية؛ هل استطاع الحزب أن يتجاوز هذه الفترة؟

- بعد وفاة بوعبيد افتقد الحزب لشخصية كاريزماتية بارزة، تكون من عيار المعطي بوعبيد، لتحمل المشعل وتواصل المسيرة التي بدأها. واجتاز الحزب مرحلة انتقالية صعبة، بدأت بما سمي بالرئاسة التناوبية، حيث كان يتولى الرئاسة أعضاء المكتب السياسي للحزب بالتناوب مرة كل ثلاثة أشهر. وهذا التناوب أضر كثيرا بالحزب؛ لأنه يصعب على شخص يتحمل مسؤولية قيادة حزب سياسي لمدة ثلاثة أشهر فقط أن يتحكم في الأمور، ويتخذ قرارات ومواقف سياسية كبيرة، ويتعامل مع القضايا السياسية الكبرى المطروحة في الساحة. انتهت هذه المرحلة الانتقالية بانتخاب الحزب لرئيس يتمثل في شخص المرحوم عبد اللطيف السملالي. غير أن هذا الأخير لم تسعفه أوضاعه الصحية. فرغم كل ما كان يتمتع به السملالي من خصال، ورغم طموحه الكبير لإعطاء نَفَس جديد للحزب، فإنه كان مريضا طيلة مدة ولايته. فاستمرت أوضاع الحزب في التدهور إلى أن آلت رئاسة الحزب أخيرا إلى محمد الأبيض، الذي أعتقد بكل صراحة أنه قام بعمل جيد مكن الحزب من استرجاع مكانته وموقعه في الميدان السياسي. وحصل الحزب أخيرا على نتائج جيدة في انتخابات 2007 البرلمانية وانتخابات 2009 البلدية، وذلك بعد الانحسار الكبير الذي عرفه في انتخابات 2002. اليوم نعتبر أن الاتحاد الدستوري خرج من النفق، وأنه أصبح يسير في الاتجاه الصحيح، وسيلعب مع حلفائه دورا أساسيا في انتخابات 2012، وفي الخريطة السياسية المقبلة.

* في انتخابات 2007 كان الاتحاد الدستوري ضمن مجموعة الستة أحزاب الأوائل، التي ضمت خمسة أحزاب يمينية وحزبا اشتراكيا. وكان مرتقبا أن تشكل تلك الأحزاب مع الاتحاد الدستوري حكومة يمينية، خاصة أنها خرجت من الانتخابات بحصة 63 في المائة من المقاعد البرلمانية، لكن ذلك لم يحصل، لماذا؟

- بعد انتخابات 2007 عين الملك في منصب الوزير الأول عباس الفاسي، باعتباره رئيس الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى، وكلفه بتشكيل الحكومة. غير أن هذا الأخير كان مرتبطا بإطار تحالف الكتلة الديمقراطية مع أحزاب اشتراكية. ولم يكن بوسعه التخلي عن التزاماته في إطار هذا التحالف. لذلك ارتأى عدم إشراك الاتحاد الدستوري. ولاستكمال الغالبية اضطر عباس الفاسي توسيع التحالف ليشمل حزب التجمع الوطني للأحرار، وأخيرا انضمت الحركة الشعبية للتحالف الحكومي. وهذه التركيبة أعطت في الواقع حكومة غير منسجمة، الشيء الذي نتج عنه ضعف كبير في العمل الحكومي والسياسي، وهزالة في النتائج والأداء. داخل التشكيلة الحكومية تتعايش تيارات متناقضة ليبرالية واشتراكية، ويقودها جميعا تيار محافظ. وبالتالي يصعب كثيرا على حكومة من هذا القبيل أن تعطي النتائج التي يتوخاها المجتمع من إصلاحات وتطورات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية. لكن مهما كان الأمر فإن الملك قد أخذ بزمام الأمور في ما يتعلق بالمشاريع الكبرى والاستثمارات الضخمة، بالإضافة إلى الإصلاحات الاجتماعية الموجهة لمحاربة الفقر والتهميش، الشيء الذي غطى نسبيا على انعدام مردودية العمل الحكومي وهزالة نتائجه.

* عارض الاتحاد الدستوري بشدة نمط الاقتراع باللوائح منذ اعتماده، ألا يزال الحزب يطالب بتغيير نمط الاقتراع، وما هي اقتراحاته الإصلاحية في أفق الانتخابات المقبلة؟

- نمط الاقتراع الحالي غير مناسب، وهذا ليس رأينا وحدنا، بل هو موقف مجموعة من الأحزاب المهمة. والجميع ينتظرون الاتصالات التي سيجريها وزير الداخلية مع الأحزاب في سياق إعداد الانتخابات المقبلة، لطرح مسألة تغيير هذا النمط الذي لم يعط النتائج المتوخاة منه. كما أن فعالية العملية الانتخابية مرتبطة بإصلاحات سياسية مهمة، مثل إصلاح الفصل الخامس من قانون الأحزاب لمحاربة تنقل النواب بصفة قطعية ونهائية، بالإضافة إلى محاربة استعمال المال الذي يقطع الطريق أمام دخول الكفاءات إلى البرلمان.

* تطالبون بالتضييق على ظاهرة تنقل النواب، مع العلم أنه غالبا ما يشار إلى حزب الاتحاد الدستوري كأحد أكبر المستفيدين من هذه الظاهرة؟

- بالعكس الاتحاد الدستوري من بين الأحزاب القليلة التي لم تشملها هذه الظاهرة. في انتخابات 2007 البرلمانية حصلنا على 28 مقعدا، وإلى الآن ما زلنا نحتفظ بالعدد نفسه، في حين عرفت أحزاب أخرى تحركات كبيرة للبرلمانيين، سواء المغادرين أو الوافدين عليها. وهذا مؤشر على أن برلمانيي الاتحاد الدستوري ملتزمون باختيارهم للحزب وبانتمائهم إليه.

* هل تستعدون لتقديم اقتراحات مشتركة مع حليفكم التجمع الوطني للأحرار في مجال الإصلاحات السياسية؟

- بالطبع، ولكن لا بد أولا من توحيد الرؤية في ما يتعلق بالإصلاحات السياسية، التي تستوجب كذلك تحديث بعض مقتضيات الدستور. في الوقت المناسب سنتقدم برؤية موحدة وواضحة لهذه الإصلاحات.

* ما هي أهم الإصلاحات السياسية التي ستركزون عليها مطالبكم؟

- في المرتبة الأولى الإصلاحات التي تتعلق بالانتخابات، خاصة نمط الاقتراع، وتخليق الممارسة الانتخابية عبر محاربة استعمال المال وتنقل البرلمانيين. هذه الإصلاحات نعتبرها أساسية. هناك أيضا إصلاحات اقتصادية أساسية، خاصة ما يتعلق بالضرائب والقدرة الشرائية، التي ستأتي مفصلة في البرنامج الانتخابي الموحد للتحالف.

وهناك بطبيعة الحال التعديلات الدستورية التي أصبحت ضرورية، التي ستتم بالطبع في إطار توافق مع الملك. والإصلاحات التي سنقترحها في هذا الصدد تتعلق أساسا بالجهوية الموسعة، وتقوية دور البرلمان ودور الحكومة، مع تمسكنا بالملكية التنفيذية، وبالفصل 19 من الدستور الذي يمنح الملك صلاحيات تسيير البلاد، والدفاع عن وحدتها واستقرارها، وضمان الحريات الفردية والجماعية، والتمسك بالدين الإسلامي.

* الاتحاد الدستوري مقبل أيضا على مؤتمره العام. كيف يجري الإعداد للمؤتمر، وفي أي أجل سينعقد؟

- شكل المكتب السياسي لجنة وطنية للإعداد للمؤتمر المقبل، وتضم هذه اللجنة، بالإضافة إلى أعضاء المكتب السياسي، الفريقين البرلمانيين في مجلس النواب ومجلس المستشارين، والمسؤولين الحزبيين في المناطق، والشخصيات والقيادات الحزبية البارزة. وستجتمع هذه اللجنة قريبا لوضع برنامج عمل وإعداد المؤتمر ماليا وأدبيا وتنظيميا. وستحدد هذه اللجنة موعد انعقاد المؤتمر، الذي سيكون في نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل.

* ما هي أبرز رهانات المؤتمر المقبل للحزب؟

- الرهانات متعددة، ويأتي على رأسها التحالف من حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يجب إقراره بصفة تنظيمية وأساسية. وسيكون على المؤتمر أن يتخذ قرارات مهمة في سياق متطلبات تطوير هذا التحالف في اتجاه الاتحاد، وفق الصيغة المنصوص عليها في قانون الأحزاب. بالإضافة إلى الأشغال العادية للمؤتمر، وعلى رأسها تجديد هياكله وانتخاب هيئاته التنفيذية والقيادية.

* هل تتوقعون أن يتم التجديد للأمين العام الحالي لولاية جديدة خلال المؤتمر المقبل؟

- القانون الأساسي للحزب يحدد عدد الولايات المتتالية للأمين العام في ولايتين. وبالنسبة لمحمد الأبيض، فهو الآن يوجد في نهاية ولايته الأولى، أي أن من حقه أن يترشح لولاية ثانية. ومسألة تقدمه أو عدم تقدمه بالترشيح لولاية جديدة تتوقف على إرادته هو وقراره الشخصي. بالنسبة لموقفي الشخصي، أرى أن علينا في حالة عدم إعادة ترشيح الأبيض لنفسه أن نفسح المجال أمام القيادات الشابة، وأعتقد أن لدينا كوادر شابة في المكتب السياسي قادرة على حمل المشعل ومواصلة ما بدأناه. نحن جيل الحرس القديم، الذين عايشوا عهد الملك الراحل الحسن الثاني، قمنا بتأسيس الحزب وتطويره، وخضنا معارك كثيرة. واليوم هناك عهد جديد في المغرب، ودينامية جديدة، وطموحات كبيرة لملك شاب، وعلينا في الأحزاب السياسية أن نمرر مشعل القيادة لجيل جديد قادر على مسايرة هذه الدينامية من التحولات والتطورات التي يعرفها المغرب الجديد بقيادة الملك محمد السادس. وأعتقد أن مشكلة الكثير من الأحزاب اليوم تكمن في كونها لم تهيئ الخلف القادر على تسلم مشعل القيادة من الشيوخ. القادة الحاليون منهم من تجاوز السبعين والثمانين من العمر، والذين بعدهم في المواقع في أعمارهم نفسها تقريبا. الشيء الذي ينذر بأزمات قد تعصف ببعض الأحزاب السياسية إن لم تنتبه إليها وتعالجها في الوقت المناسب.