مارجا تكشف عن خطة المعارك المقبلة داخل أفغانستان

قائد قوات الناتو في جنوب أفغانستان يدعو إلى التحلي بالصبر

TT

تجوب دوريات أميركية راجلة عبر حقول المزارعين وفي القرى بصورة يومية، وتواجه بعض من هذه الدوريات كمائن أو قنابل مخبأة، وتدخل في اشتباكات مسلحة أو تقوم بإبطال مفعول القنابل أو مداواة الجرحى، وبمرور الأسابيع تتراكم الإصابات بين صفوف الأميركيين والأفغان على السواء. قبل أشهر قليلة، كانت مارجا مركز هجوم من أجل إخراج حركة طالبان من معقل لها وإخضاع أكثر المناطق الأفغانية إنتاجا للأفيون لسيطرة الحكومة. ولكن لا يزال القتال مستمرا.

وتعلو حاليا تساؤلات من بينها: هل ستبقى مارجا منطقة دامية لوقت أطول وتمكن المتمردين من إلحاق خسائر بين الوحدات الأميركية والانتصار من خلال المحافظة على القتال مستمرا؟

ومع تدفق القوات الأفغانية وقوات «الناتو» على محافظة قندهار المجاورة، التي ستكون مسرحا للجهد الأبرز من أجل تقويض سيطرة طالبان خلال الأشهر المقبلة، يمكن قراءة القتال المستمر داخل مارجا على أنه علامة على مشكلات تتهدد زيادة القوات، التي تتزعمها الولايات المتحدة. ولكن، يمكن النظر إلى الوضع الحالي على أنه فترة صعبة في حملة يُنظر إليها دائما على أنها ستكون حملة شاقة.ويقول ميجور لورانس لومان، ضابط العمليات في الكتيبة الثالثة بالفرقة السادسة مارينز التي تشرف على مراكز حدودية شمال مارجا: «يتسم الوضع حاليا بالضبابية».

ويشير مَن يرون أن الهجوم على مارجا مخيب للآمال أو أنه هجوم فاشل إلى أعمال العنف التي تقع بصورة يومية وإلى علامات على أن الأفغان يتركون المنطقة، بصورة مؤقتة على الأقل، لتجنب القتال. ويشيرون أيضا إلى ترويع حركة طالبان للسكان المحليين وإلى الوجود المحدود للحكومة وإلى استمرار اعتماد ضباط الشرطة والجنود الأفغان على المؤن والإشراف الأميركي. ويرون أن هذه العلامات لا تبشر بخير.

ولكن الإشارات متناقضة. لقد عاد معظم المدنين داخل مارجا بعد رحيلهم قبل الهجوم الأولي. ولا يزال معظمهم في أماكنهم، وأصبحت المجمعات السكنية التي كانت شاغرة في فبراير (شباط) مأهولة بالسكان، وازدحمت الطرق التي كانت هادئة، وامتلأت الحقول بالمحاصيل، وأُعيد افتتاح المحلات في الأسواق، وتشارك وحدات أفغانية في مهمات خطيرة. وأشار ليفتينانت كولونيل بريان كريسماس، قائد الكتيبة، إلى أن بعض سكان مارجا بدأوا يقدمون معلومات عن حركة طالبان، ومن بينهم أسماء وأماكن المقاتلين. ويطلب عدد كبير من المدنيين الحصول على مساعدات، وسعى عدد قليل إلى التعاقد على مشاريع تنمية صغيرة. ويقول الكولونيل: «أرى تقدما جيدا ونموا جيدا، ولا يزال أمامنا الكثير لنقوم به». وتشير قوات المارينز إلى أن ما تأمله بشكل واضح هو نموذج مثل هلمند، وهو ظاهر في مناطق أخرى ومن بينهما ناوا، التي كانت حركة طالبان قوية بها وكان القتال قويا في البداية. ويقولون إن النموذج على هذا النحو: بمرور الوقت وباستخدام الموارد سيتراجع موقف المتمردين، وستصبح القرى آمنة وسيتوسع وجود الحكومة الأفغانية.

وخلال السعي من أجل الوصول إلى ذلك، ترسل الفصائل التابعة لقوات المارينز عددا صغيرا من الدوريات بصورة دورية. وتقول المارينز إن وجودهم يجعل حركة طالبان منشغلة، ويلحق بهم الخسائر، ويخلق مساحة لتنفيذ مشاريع تنموية. ويقول الكولونيل راندال نيومان، الذي يقود قوات المشاة التابعة للمارينز وسط محافظة هلمند: «يعود الأمر إلى أسس ما نقوم به: تحقيق مكاسب والحفاظ على التواصل». ويقول الكولونيل نيومان إنه يتوقع أن تقل وتيرة حدوث المناوشات خلال الأشهر المقبلة. ويضيف: «لا أعتقد أن الشباب الذين يطلقون النيران حاليا ملتزمون بالحفاظ على ذلك لوقت طويل». وقد مات عدد من الجنود الغربيين داخل محافظة هلمند أكثر من أي مكان آخر، ويُذكِّر مشهد المروحيات الطبية فوق مارجا كل يوم بأن المنطقة أصبحت مركزا لسقوط الدماء داخل الإقليم. ولكن العنف داخل هلمند لا يسير على وتيرة واحدة، فهناك مناطق يحدث فيها اقتتال بصورة دورية – مثل مارجا وسانجين ونهر سراج - ومناطق أخرى حاربت فيها حركة طالبان بعنف قبل تهميشها. وعلاوة على ذلك، عقدت الإصابات المتزايدة من تحقيق الأهداف المنشودة، التي يرتبط البعض منها بالأثر المجمل لمقاومة حركة طالبان ووتيرة دوريات المارينز. ويمكن أن يعزو آخرون التحوّل خلال العام الماضي إلى قواعد الاشتباك التي تحكم القوات الأميركية.

وقد قلل التحول من التركيز على الضربات الجوية والمدفعية والهاون، وحوّل ذلك بعض المخاطر خلال المناوشات من المدنيين الأفغان إلى الجنود الغربيين. وفي السابق، كانت الدوريات الأميركية سرعان ما تطلب أو تحصل على دعم من خلال إطلاق النيران. ولم يعد ذلك مستمرا. وتستخدم في الكثير من الاشتباكات المسلحة حاليا الرشاشات والبنادق.

*خدمة «نيويورك تايمز»