روسيا تؤكد أن العقوبات على إيران تمنعها من تصدير صواريخ «إس 300» إليها

الاتحاد الأوروبي يبحث فرض عقوبات على إيران * بلدان منظمة شنغهاي للتعاون ترفض طلب طهران بالانضمام

TT

قطع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الشك باليقين وقضى على آخر آمال إيران بالحصول على صواريخ أرض - جو من طراز «S 300» التي مضى على توقيع عقد بيعها أكثر من أربع سنوات. فقد أعلنت مصادر رئاسة الجمهورية الفرنسية أن بوتين أبلغ الرئيس ساركوزي خلال غداء العمل الذي جمعهما أمس، بمناسبة زيارته الرسمية إلى فرنسا أن بلاده «جمدت» بيع الصواريخ المذكورة. وأفادت المصادر الرئاسية أن بوتين كشف أن تصويت روسيا إلى جانب قرار مجلس الأمن رقم 1929 الذي فرض عقوبات مشددة على إيران «لم يكن قرارا سهلا» خصوصا أن له «ثمنا مرتفعا» مشيرا في الوقت عينه إلى عزم طهران على تفعيل بنود العقد التي تنص على دفع غرامات مالية بسبب إخلال موسكو في تنفيذه. وقالت المصادر الرئاسية إن ساركوزي الذي هو من أشد مناصري فرض عقوبات متشددة على طهران «هنأ» بوتين على قرار «تجميد» بيع الصواريخ موضحا أن إتمام الصفقة التي كانت ستساعد طهران على توفير حماية فعالة من أي ضربات جوية «أمر كان من الصعب تبريره».

وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى إن دول الاتحاد الأوروبي ستبدأ بعد غد الاثنين، خلال اجتماع وزراء الخارجية في لوكسمبورغ، مناقشات بهدف فرض عقوبات إضافية على إيران توسع وتشدد العقوبات المتضمنة في القرار 1929. وبحسب هذه المصادر فإن «صياغة القرار الدولي» تمت بشكل يتيح للاتحاد توسيع العقوبات المفروضة وتشديدها وفرض عقوبات إضافية في كل المجالات التي جاء على ذكرها القرار الدولي. غير أن العقوبات الأوروبية «لن تتناول هذه المرة قطاع الطاقة». لكن هذه المصادر ترجح منذ اليوم أن تستهدفه العقوبات اللاحقة في حال تبين أن إيران تصم أذنيها عن دعوات الأسرة الدولية. وسبق للرئيس ساركوزي أن اقترح فرض حظر على مبيعات النفط الإيراني. لكن هذا المقترح لم يؤخذ به.

وكانت القمة الدورية لرؤساء بلدان منظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في طشقند وشارك فيها رؤساء روسيا والصين وأوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان بحثت لائحة قبول الأعضاء الجدد على ضوء إعراب عدد من الدول التي تحظى بوضعية مراقب وهي الهند وباكستان وإيران ومنغوليا عن رغبتها في الانضمام إلى المنظمة. وقال مراد بك إيمان علييف الأمين العام للمنظمة إن مشروع اللائحة يتضمن عددا من العراقيل التي تحول دون انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي. وعزا علييف ذلك إلى أن الوثيقة التي تنظم قبول الأعضاء الجدد لا تراعي إمكانية تمتع إيران بعضوية المنظمة نظرا لوقوعها تحت عقوبات من جانب الأمم المتحدة. وكشفت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن منظمي قمة طشقند، وبعد استشارة الأعضاء الرئيسيين للمنظمة، وهم روسيا والصين وكازاخستان، لم يوجهوا الدعوة إلى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للمشاركة في أعمالها، علما أنه كان يريد الحضور. إلى ذلك, أعلن الاتحاد الأوروبي أمس أنه سيبحث فرض عقوبات جديدة على إيران. وقال بيان صدر عن المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل، أمس، إن اجتماعات وزراء الخارجية المقررة في لوكسمبورغ الاثنين القادم، ستبحث تطورات الملف النووي الإيراني في أعقاب اعتماد مجلس الأمن الدولي لجولة رابعة من العقوبات ضد إيران.

وأوضح البيان أن الوزراء سيبحثون في الوقت نفسه التمسك بالحل التفاوضي، على أساس المقترحات التي سبق طرحها في يونيو (حزيران) 2008 ولا تزال صالحة. كما أشار إلى أن الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد كاثرين أشتون سبق أن أعربت عن استعدادها لمواصلة الحوار مع إيران واحتمال إجراء لقاء مع سعيد جليلي، أمين المجلس القومي الأعلى الإيراني في أقرب فرصة ممكنة. وسيناقش وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الطرق التي يمكنهم من خلالها تطبيق القرار الأممي الجديد القاضي بتشديد العقوبات على إيران. ورجحت مصادر أوروبية أن يتم التركيز على مجالات الاستثمار والطاقة، وتقييد المواد المسموح بتوريدها لإيران. وقالت «نريد تقييد حركة توريد التجهيزات إلى إيران، خاصة تلك التي يمكن تعديلها واستخدامها لأغراض عسكرية». وأشارت المصادر إلى أن المجالات التي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يطبق القرار الدولي من خلالها كثيرة، حيث من المفترض توسيع قائمة الأشخاص الممنوعين من دخول الأراضي الأوروبية وتجميد أرصدة المزيد منهم، وكذلك فرض حظر على التعامل مع المصارف الإيرانية.

يذكر أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سيقومون بتحضير إعلان أوروبي مشترك يجري تبنيه من قبل زعماء ورؤساء حكومات الدول الأوروبية خلال القمة المقبلة، يوم الخميس القادم.

وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إنه يتوقع أن يتفق الزعماء الأوروبيون في الأسبوع القادم على أن هناك حاجة لفرض مزيد من العقوبات على إيران، إضافة إلى تلك التي فرضتها الأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي، وقد توضع اللمسات النهائية للإجراءات في يوليو (تموز).

وتستهدف القيود عددا من البنوك الإيرانية وشركات التأمين خاصة تلك التي تدخل في تمويل تجاري، ووحدات أخرى من مجموعة الشحن الإيرانية «اي آر اي إس إل». وستضاف الشركات إلى القائمة السوداء للأمم المتحدة التي تم تجميد أُصولها في أنحاء العالم للاشتباه في أنها قدمت مساعدات إلى البرامج النووية أو الصاروخية لطهران.

وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ يوم الخميس الماضي، أثناء زيارة لبرلين «أعتقد أنه من المهم للغاية أن يتخذ الاتحاد الأوروبي بالفعل مزيدا من الإجراءات، وأن نبين أن الاتحاد الأوروبي مستعد فيما يتعلق بهذا الموضوع وموضوعات أخرى لاستخدام نفوذه في العالم».

وتقول مصادر أوروبية إن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خاصة فرنسا ترغب في فرض قيود على واردات وصادرات إيران من الطاقة، لكن أقصى ما يمكن توقعه هو فرض قيود على صادرات المعدات التي تستخدم في قطاع الغاز والنفط الإيراني. وتتزعم كاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى فرنسا وبريطانيا وألمانيا، جهود الاتحاد الأوروبي المكون من 27 عضوا لفرض مزيد من العقوبات على إيران.

وهذه هي الدول الثلاث التي وافقت على مجموعة عقوبات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين. وبينما يوجد اتفاق بشكل عام بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا على أن هناك حاجة إلى مجموعة أخرى من القيود على الشركات المالية والتجارية الإيرانية التي يشتبه في أنها تدعم البرنامج النووي الإيراني، فإنه توجد خلافات بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن ما ينبغي استهدافه. وقال دبلوماسيون إن ألمانيا لها صلات تجارية قوية مع إيران خاصة في قطاع الطاقة، وينظر إليها على أنها مترددة في تأييد إجراءات لتقييد أنشطة شركات نفط وغاز إيرانية.

وهناك دول أخرى مثل قبرص وإسبانيا مترددة في تأييد عقوبات أكثر من التي تم الاتفاق عليها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأقر مسؤولون فرنسيون يوم الأربعاء الماضي بأنه من غير المرجح التوصل إلى اتفاق داخل الاتحاد الأوروبي على فرض حظر على واردات وصادرات الطاقة الإيرانية، لكنهم أشاروا إلى أن صادرات النفط الإيرانية إلى أوروبا تراجعت على أي حال بنسبة 40 في المائة في السنوات الأخيرة.