لبنان: معركة انتخابية ساخنة في «المنية» من أجل مقعد واحد في المجلس النيابي

كاظم الخير: ميقاتي حياده إيجابي.. والصفدي له حسابات خاصة

TT

«نحن ضائعون، وعلينا أن نختار بين السيئ والأسوأ»، قال لنا مدير إحدى المدارس في منطقة المنية (شمال لبنان) يوم أمس، قبل أن يذهب إلى صندوق الاقتراع، معلقا على الانتخابات الفرعية التي تحولت إلى معركة سياسية قاسية بين «تيار المستقبل» ومجموعة من القوى الوازنة انتخابيا.

ورغم أن البعض يسمي المنية باسم «ضاحية قريطم» لولائها للحريري، وتشبيها لها بـ«الضاحية الجنوبية» بالنسبة لحزب الله، إلا أن المعركة لم تكن سهلة على «تيار المستقبل»، خاصة أن الوزير محمد الصفدي، مثل رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي، لم يدعما مرشح المستقبل، وتركا للناخبين حرية اختيار من يريدون، وكذلك فعل النائب قاسم عبد العزيز.

وعاشت منطقة المنية - الضنية، يوما انتخابيا اشتد خلاله وطيس المنافسة، واحتدت التصريحات، رغم أن الاقتراع هو فقط لملء مقعد نيابي واحد، شغر بعد وفاة النائب عن تيار المستقبل، هاشم علم الدين في 29 من أبريل (نيسان) الماضي. ولما لم يفلح آل علم الدين في اختيار مرشح يخلف النائب الراحل، وقع اختيار «تيار المستقبل» على كاظم صالح الخير، الذي لم ينافسه عمليا يوم أمس سوى ابن عم والده كمال الخير، المحسوب على المعارضة سابقا، ويصفه «تيار المستقبل» بأنه مرشح «حزب الله».

وقال كمال الخير لـ«الشرق الأوسط» بينما كان جمهوره يلتف حوله: «حزب الله غير موجود في المنية، هذه شعارات فاشلة يرفعونها ضدي، ولم تعد تنطلي على أحد. أنا مع أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، ومع المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق ضد المشروع الأميركي الصهيوني، وأناصر حزب الله؛ لأنه يقاتل إسرائيل. أهل المنطقة يريدون من يكون معهم لا من يتحكم بهم».

وعن رأيه في وقوف كل من الصفدي وميقاتي على الحياد، وإن كان هذا سيصب في صالحه، قال: «هذان رجلان تصرفا بحكمة، ولو تصرف تيار المستقبل بالحكمة ذاتها، وترك للناس حرية اختيار مرشحهم، لما رأينا ما يحدث الآن. لماذا يريدون لنا نائبا ينزل علينا بالمظلة. نريد نائبا صناعة محلية». يصفق المناصرون تشجيعا، ويعلو الصوت «حياك الله».

مرشح «تيار المستقبل» كاظم صالح الخير يتجول بدوره قريبا من المكان، بصحبة والده النائب السابق صالح الخير على أحد مراكز الاقتراع، وسط تصفيق المناصرين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نخوض معركة سياسية بامتياز، نسبة الاقتراع لا تزال ضعيفة، وهذا ليس مؤشرا حسنا. وسائل الإعلام لم تساعدنا، ولم تهتم بالانتخابات، حتى إن البعض لم يكن يعرف حتى يوم أمس إن كانت الانتخابات قد تأجلت أم لا؟».

وعن تأثير الموقف الحيادي لميقاتي والصفدي، يقول كاظم الخير: «الميقاتي حياده إيجابي، أما الصفدي فله اعتبارات وحسابات شخصية». وعما إذا كان الحياد الايجابي يعني دعما من تحت الطاولة، قال الخير: «هذا يسأل عنه ميقاتي».

ويقول أحد العاملين في الماكينة الانتخابية لكاظم الخير: «إن التصويت لصالحنا، لكن قلة عدد الناخبين مقلقة. حزب الله يضع كل ثقله في هذه المعركة، فهزيمة مرشح المستقبل، في هذه المرحلة بالذات تعني لهم الكثير، ولو رمزيا».

وتراشق المرشحان (ك - ك)، أي كمال الخير وكاظم الخير، كما سماهما أهالي المنية يوم أمس، الاتهامات، وقال كل طرف لـ«الشرق الأوسط» إن الطرف الآخر يدفع الأموال لشراء ذمم الناس. لكن أهل المنية لم يتوقفوا عن التذكير بأن دمهم حريري، وأن الرئيس الشهيد غال عليهم، وأن سعد هو الزعيم السني الذي لا بديل له، لكنهم في الوقت نفسه، يعبرون عن استيائهم إزاء اختيار المرشح كاظم صالح الخير من دون العودة إلى أهل المنية أنفسهم. ويقول المواطن سميح فهدة: «هذه المرة استعجل الحريري وأخطأ. نحن لا نقبل بمن يفرض علينا من فوق». ويقول آخر: «كاظم الخير لا نعرفه، هو شاب صغير تربى في بيروت، ولا يعرف المنطقة أصلا ولا أهلها». في حين يقول ثالث: «لقد انتخبنا والده 33 عاما نائبا في المجلس النيابي، ولم يفعل لنا شيئا، فهل ننتخب ابنه الذي لا يزال شبلا صغيرا».

النقد كان قويا بالأمس لمرشح تيار المستقبل وطريقة اختياره. ولم يكونوا قلة أولئك الذين عبروا علنا عن رغبتهم في التصويت لكمال الخير، ولو كان مدعوما من سورية: «ما المشكلة مع سورية؟» يتساءل أحدهم، ويكمل: «بالأمس كان الحريري في دمشق، ومن يومين كان مجتمعا بحسن نصر الله. التيار لم يف بوعوده لأهل المنطقة». مع ذلك فإن الحريرية لا تزال غالية على قلوب أهالي المنية - الضنية، حسب قولهم، إلا أن هناك مآخذ كثيرة، وهو ما ترجم تقاعسا عن التصويت، بحيث لم تبلغ نسبة الاقتراع في بعض الصناديق حتى الثالثة من بعد ظهر أمس أكثر من 4 في المائة في كفرشلان، 6 في المائة في دير عمار، ووصلت إلى 20 في المائة في بخعون و5 في المائة في كفرحبو.