بلجيكا: توقعات بفوز التحالف الفلمنكي الانفصالي الذي يؤيد الانقسام

وسط أجواء بعدم التفاؤل لحسم القضايا الخلافية بين الطائفتين الرئيسيتين

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وسلفه إياد علاوي خلال لقائهما مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

شهدت بلجيكا أمس انتخابات لاختيار أعضاء البرلمان، وجرت تلك الانتخابات في ظل تنافس محموم بين الأحزاب الرئيسية في القسمين الفرانكفوني والفلاماني للفوز بأكبر عدد من المقاعد، وقيادة ائتلاف حكومي جديد عقب انهيار الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي بسبب انقسامات على أساس اللغة.

ورجحت استطلاعات الرأي قبل ساعتين من بدء عملية التصويت، فوز التحالف الفلمنكي الجديد في المناطق الفلامانية، ليخرج بعد الانتخابات كأكبر حزب في البلاد. ويطالب الحزب الفلمنكي بتجريد الحكومة الفيدرالية من صلاحياتها، وخاصة في مجالات العدل والصحة والضمان الاجتماعي. وحسب استطلاعات الرأي من المتوقع أن يأتي حزب الديمقراطي المسيحي في المرتبة الثانية، يليه الحزب الليبرالي، على أن يكون التفوق للاشتراكيين. ويرى الكثير من المراقبين في بروكسل، أن الانتخابات جرت في ظل استمرار التباين في وجهات النظر، والخلافات العميقة بين القسمين الرئيسيين في البلاد، ووسط أجواء بعدم التفاؤل على قدرتها في حسم القضايا الخلافية بين الطائفتين الرئيسيتين؛ الفرنكفونيين والفلامانيين. وأبدى عدد متزايد من البلجيكيين سأمهم من الخلافات المتواصلة بسبب صراع قديم جديد يتعلق بمنطقة انتخابية متنازع عليها، تعرف باسم هالا فلفورد في بروكسل. وفي ظل اتساع الهوة بين كلا المعسكرين، يعتقد البعض أن الخلاف اللغوي ربما يفرغ الدولة الفيدرالية من جوهرها. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» يقول جمال أقصبان، وهو مرشح من أصول عربية ضمن قائمة الاشتراكي الوالوني، إن الانتخابات تأتي في ظروف صعبة، وخاصة في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي زادت معها معدلات البطالة، وبالتالي أصبحت هناك أزمة اجتماعية، ولا بد من أجل مستقبل أفضل للجميع في هذا البلد أن نفتح قنوات الحوار، ونركز على المصالح العامة، ومن جهتها تقول دولفين بورجوا من حركة الإصلاح الليبرالي الوالوني إن الانتخابات جاءت في توقيت صعب، وخاصة أن بلجيكا تستعد لتولي رئاسة الاتحاد الأوروبي، وهذه مسؤولية كبيرة، ومسألة تتعلق بسمعة البلاد إقليميا ودوليا، وأبدت دولفين قلقها في حالة فوز التحالف الفلاماني بالانتخابات، وتتوقع أن تستمر المشاورات فترة طويلة.

وفي الجزء الفلاماني ترجح استطلاعات الرأي فوز الأحزاب ذات النزعة الانفصالية. ومنها التحالف الفلمنكي الموعود بالفوز، وهو يطالب بتعزيز استقلالية المنطقة كاستمرارية منطقية للتطور الذي تعرفه بلجيكا منذ مائة عام. أما في والونيا، المنطقة الفرنكفونية جنوب بلجيكا، فإن استطلاعات الرأي ترجح فوزا سهلا للحزب الاشتراكي، مما ينذر بمفاوضات شاقة لتشكيل الحكومة المقبلة بين الفلمنكيين والفرنكفونيين، أما اليمين المتشدد فستقتصر نجاحاته على منطقته التي اعتاد الفوز فيها، وهي مقاطعة أنتويرب، والمراقبون يستبعدون تكرار السيناريو الهولندي. وتبقى العاصمة بروكسل آخر الخيوط التي لا تزال توحد البلاد؛ نظرا إلى تداخل مصالح الفرنكفونيين والناطقين بالهولندية فيها.

الأوروبيون الذين يعتبرون انتخابات بلجيكا أعقد عملية سياسية في أوروبا، يأملون أن تنجح هذه الانتخابات في إعادة بناء وتركيب المشهد السياسي في بلجيكا، التي تستعد لتولي رئاسة الاتحاد مطلع الشهر القادم. ويرى المراقبون أنه مهما كانت نتيجة الانتخابات، فسيكون لزاما على الفلمنكيين والفرنكفونيين أن يتوصلوا إلى اتفاق يمكنهم من العيش المشترك في هذه المملكة البرلمانية، التي باتت تمزقها الطائفية، وفي حال فشل المشاورات سيتم الدعوة من جديد إلى انتخابات.