إسرائيل تلغي سفر أعضاء كتيبة من «الموساد» إثر اعتقال أحد عناصره في بولندا

عائلة المبحوح تطالب بتسليم عميل «الموساد» المعتقل لإمارة دبي

عناصر أمن إسرائيلين يتفقدون موقع الاعتداء على سيارة للشرطة أمس (أ.ف.ب)
TT

كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن أن «الموساد» (جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي)، فرض على أعضاء كتيبة كاملة الامتناع عن السفر إلى الخارج في أعقاب اعتقال أحد العملاء في بولندا قبل عشرة أيام. وقال مصدر أمني كبير في الجهاز إن أعضاء هذه الكتيبة بالذات يمنعون من السفر، لأنه في أعقاب اغتيال القائد الحماسي، محمود المبحوح، في دبي مطلع العام الحالي تقوم عدة دول في العالم بنصب كمائن لرجالات «الموساد» بغية اعتقالهم للتحقيق حول الاغتيال. وهذه الدول هي التي تم استخدام جوازات سفرها في عملية الاغتيال.

وكانت شرطة بولندا قد اعتقلت عميل «الموساد» المواطن الإسرائيلي، أوري برودسكي، في الرابع من الشهر الحالي لدى وصوله إلى مطار بولندا، بناء على أمر اعتقال أصدرته الشرطة الألمانية للاشتباه بأنه قام بتوفير جواز سفر ألماني للمدعو ميخائيل بودنهايمر، أحد عملاء «الموساد» الذين شاركوا في عملية اغتيال القائد الحماسي محمود المبحوح في دبي قبل خمسة أشهر. واعترفت إسرائيل بأن المعتقل هو مواطن إسرائيلي. وتوجهت إلى الحكومة البولندية بطلب عاجل لتسليمها المعتقل وعدم تسليمه إلى ألمانيا. ولكن ألمانيا تقدمت بطلب مماثل من جهتها، علما بأنها مرتبطة باتفاق تسليم مع جميع الدول الأوروبية وقوانين الاتحاد الأوروبي تفضل أي دولة أوروبية على أي دولة أجنبية، بما في ذلك إسرائيل.

وتخشى إسرائيل من أن يتكلم العميل ويكشف بعض جوانب قضية الاغتيال، وبذلك «تفرط المسبحة» وتكشف تفاصيل فضيحة الاغتيال وتبعاتها، خصوصا تزوير جوازات السفر واستخدام جوازات سفر غير مزورة. وحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن كشف تفاصيل تلك الجريمة، من شأنه أن يورط إسرائيل بشكل رسمي مع الكثير من دول العالم. ولذلك، فإنها تبذل جهودا خارقة لدى ألمانيا وبولندا للملمة الموضوع وإعادة العميل إلى إسرائيل. ولكن مصادر سياسية أشارت إلى أن التجاوب مع المطلب الإسرائيلي شبه مستحيل. وقال أحد المعلقين الإسرائيليين في «القناة الثانية» المستقلة، إن الاعتقال تم قبل عشرة أيام ومنذ اليوم الأول تحاول إسرائيل تسوية الموضوع بسرية لإطلاق سراح رجلها. ولكن النشر في صحيفة «دير شبيغل» الألمانية عن الموضوع كان إشارة من ألمانيا أنها لا تتنازل عن تسلم المعتقل من أجل محاكمته في ألمانيا.

ورأى بعض المراقبين الإسرائيليين أن هذا الاعتقال لم يتم بسبب قضية المبحوح فحسب ولا بسبب تزوير أو استخدام جوازات سفر ألمانية، إنما هو جزء من الضغوط التي تمارسها دول الغرب بالتنسيق فيما بينها، بهدف التأثير على السياسة الإسرائيلية في الكثير من القضايا العامة، وفي مقدمتها قضية المفاوضات السلمية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، قد صرح بأن القضية ليست قضية عمليات إسرائيلية لا يحبها الغرب ويحتج ضدها، إنما قضية سياسية من الطراز الأول، «ففي زمن حكومتي وقف العالم مع إسرائيل على الرغم من حرب لبنان الثانية وعلى الرغم من العملية العسكرية في غزة، وذلك لأنه رآنا نبذل جهودا مخلصة لتحقيق تسوية دائمة مع الفلسطينيين». وأضاف أولمرت أن الأمر الوحيد الذي يضمن فك عزلة إسرائيل في العالم هو تحريك المفاوضات السلمية مع الفلسطينيين. وطالبت كذلك عائلة المبحوح بتسليم عميل «الموساد» الذي ألقي القبض عليه في بولندا لإمارة دبي. واعتبر حسين شقيق محمود في تصريح صحافي أن اعتقال عميل «الموساد» في بولندا تعد خطوة أولى على طريق ملاحقة مرتكبي عملية الاغتيال بحق ابنهم في دبي قبل خمسة أشهر. وشدد على أن العائلة لن تتهاون ولن تتنازل عن مطلبها بمحاكمة «القتلة ومعاقبتهم»، كاشفا النقاب عن أن للعائلة فريقا قانونيا يواصل متابعة القضية على مختلف الصعد. وشدد على أهمية أن تطالب الإمارات بتسليم عميل «الموساد» على اعتبار أنه في حال تمت محاكمته في بولندا وألمانيا فإنه سيتم محاكمته على جرم تزييف جواز سفر وليس بسبب المشاركة في جريمة قتل شقيقه، مشددا على أن هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم ولن تغلق حتى تتم معاقبة كل من يقف وراءها، مؤكدا أن الزخم السياسي والقانوني والإعلامي حولها كذلك لن يتلاشى.