كينيا: مقتل 6 وإصابة أكثر من 90

في انفجار مزدوج في قلب نيروبي

TT

لقي 6 كينيين على الأقل حتفهم، وأصيب أكثر من 90 آخرين بجروح في انفجار قنبلتين في قلب العاصمة الكينية نيروبي وفقا لما أعلنه مسؤولون أمنيون. ووقع الانفجاران في ساحة «أوهورو بارك» (حديقة الحرية) الشهيرة بقلب العاصمة نيروبي الليلة الماضية، في وقت كانت تشهد فيه تجمعا حاشدا ومسيرة سياسية نظمتها الجماعات المعروفة محليا بـ«لا للدستور الجديد»، وهم المعارضون للدستور الكيني الجديد المقرر طرحه للاستفتاء في الـ4 من أغسطس (آب) المقبل، ويسمح الدستور الجديد للمسلمين، وهم أقلية كبيرة، إقامة محاكم شرعية في قضايا الأحوال الشخصية، وتضم الجماعات الرافضة لهذا الأمر الكثير من المنظمات المسيحية، وفي مقدمتها المجلس الوطني لكنائس كينيا وبعض السياسيين البارزين.

وكان يشارك في تلك المسيرة متظاهرون قدر عددهم بأكثر من مليون كيني بينهم وزراء ونواب ورجال الدين المسيحي وبعض السياسيين، الذين يعارضون بشدة إدراج المحاكم الشرعية الخاصة بالأقلية المسلمة في الدستور المقترح للبلاد، الذي ينتظر أن يصوت عليه الناخبون الكينيون في استفتاء الـ4 من أغسطس المقبل. وسقط معظم الجرحي بسبب التدافع الكبير الذي أعقب التفجيرات. وعقد القادة الكبار في كينيا (الرئيس ورئيس الوزراء) إلى جانب قادة الأجهزة الأمنية اجتماعا طارئا أمس الاثنين لبحث هذا التطور، وقال كالونزو موسيوكا نائب الرئيس الكيني للصحافيين: «إن الرئيس مواي كيباكي ورئيس الوزراء رايلا أودينغا وقادة الأجهزة الأمنية في البلاد عقدوا اجتماعا طارئا لبحث تداعيات تفجيرات أوهورو بارك التي أدت إلى سقوط العشرات.

ووصف موسيوكا تلك الانفجارات بأنها حادثة معزولة لا ينبغي أن تكون مرتبطة بالاستفتاء المقرر إجراؤه في أغسطس المقبل حول الدستور الجديد، وأضاف: «الطبقة السياسية في كينيا المنقسمة بالفعل هي التي قد تكون وراء ما حدث، إننا نريد أن نصل إلى القاع في هذه المسألة، ونناشد جميع الكينيين التزام الهدوء، وندعو الأجهزة الأمنية إلى فتح تحقيق في هذا الحادث».

من جهته، قال وزير التعليم العالي «ويليام روتو»، الذي يمثل أحد قادة حملة «لا للدستور الجديد»، كما أنه من بين الشخصيات الرئيسية المرشحة لخوص الانتخابات الرئاسية في عام 2012، قال عندما زار موقع التفجيرات «إن ما حدث في أوهورو بارك إشارة واضحة إلى أن بعض الناس يريد فرض هذا الدستور على الكينيين». من بينها اتُّهمت المنظمات المسيحية، التي نظمت أول من أمس المسيرة الحاشدة ضد الدستور المقترح للبلاد الحكومة الكينية، بالتورط في تفجيرات أوهورو بارك.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تلك الهجمات؛ كما أن السلطات الكينية لم تتهم طرفا محددا بأنه يقف وراء الهجوم؛ إلا أن الصراع الخفي الذي يدور بين الأطراف السياسية في البلاد قد يكون وراء هذه العمليات، كما أشار إليها نائب الرئيس الكيني. وهناك مخاوف من تجدد أعمال العنف الدامية في البلاد، مثل تلك التي أعقبت الانتخابات الرئاسية عام 2008، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1300 شخص وتشريد نحو 300 ألف آخرين. وأثار الدستور الجديد المقترح للبلاد جدلا كبيرا في الأوساط السياسية في كينيا، ومنذ البداية عارضه الكثير من الجماعات والمنظمات المسيحية، وفي مقدمتها المجلس الوطني لكنائس كينيا وبعض السياسيين البارزين؛ لأنه يسمح بإقامة محاكم إسلامية، ويضع الديانة الإسلامية فوق الأديان الأخرى على حد تعبيرهم، كما أنه يبيح الإجهاض.

تاريخيا، تعود محاكم القاضي الشرعي إلى فترة بعيدة قبل الاستقلال، وبالذات عندما كانت المناطق الساحلية في شرق أفريقيا لحكم سلاطين زنجبار العمانيين، وفي عام 1895 جرت ترتيبات مع بريطانيا سلم بموجبها سلطان زنجبار الشريط الساحلي الكيني (تقطنه أغلبية مسلمة) الخاضع لحكمه إلى الإدارة البريطانية التي حولته إلى محمية، بينما كانت باقي الأراضي الكينية تأتي تحت حكم الاحتلال البريطاني مباشرة، وكان من بين شروط التسليم إبقاء محاكم القاضي الشرعي الخاصة بالمسلمين، واستمر الحال كذلك بعد الاستقلال وحتى الآن. وتدعو الجماعات المسيحية إلى حذف البند الخاص بمسألة المحاكم الشرعية من الصيغة المقترحة للدستور، التي تعرف في كينيا باسم محاكم القاضي الشرعي، وتنظر فقط في قضايا الزواج والطلاق والميراث بين المسلمين.

ويضغط المجتمع الدولي على الحكومة الائتلافية في البلاد من أجل تنفيذ الإصلاحات السياسية والدستورية التي نصت عليها اتفاقية تقاسم السلطة بين الرئيس كيباكي ورئيس وزرائه أودينغا. وكانت زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي إلى كينيا للضغط على المسؤولين الكينيين لإجراء تلك الإصلاحات السياسية والدستورية في البلاد والضغط لمحاكمة مرتكبي أعمال العنف التي شهدتها البلاد عقب انتخابات 2008. ووعدت الولايات المتحدة بتقديم مزيد من المساعدات والاستثمارات لكينيا، لكن مقابل تعزيز الديمقراطية والحكم بالقانون في البلاد.