الجدل يحتدم فلسطينيا حول شكل المقاومة بعد عملية الخليل

فياض أدانها ودعا للتوحد حول النضال الشعبي.. وحماس دعت لمزيد من العمليات

TT

سلطت العملية المسلحة التي قتل فيها فلسطينيون شرطيا إسرائيليا جنوب الخليل، أول من أمس، الضوء على حالة الجدل والخلاف بين الفلسطينيين حول شكل المقاومة ضد إسرائيل.

وبينما تدعم السلطة الفلسطينية برام الله ومعها حركة فتح نهج المقاومة الشعبية السلمية، تدعو فصائل كبيرة ومؤثرة في الشارع الفلسطيني مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى اتباع نهج المقاومة المسلحة، وبين هذين النهجين ينقسم باقي الفلسطينيين.

وشهدت الضفة الغربية في العامين الماضيين نقاشا مستفيضا في أوساط صناع القرار وفي فصيل كبير مثل فتح، حول الجدوى من تبني نهج المقاومة الشعبية التي بدأها أصلا ناشطون ضد الجدار في قرى نائية في الضفة، وما إذا كان هذا النهج يلقى قبولا لدى الجمهور.

وهذا النقاش انتقل مؤخرا إلى قطاع غزة الذي بدأت ترتفع فيه أصوات تطالب باعتماد هذا النهج، كما يجري في الضفة.

وقبل 3 أشهر، انطلقت في غزة الحملة الشعبية لمقاومة الحزام الأمني الإسرائيلي، على غرار اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار في الضفة، وراحت الحملة تنظم مظاهرات شعبية قرب الحزام الأمني للاحتجاج سلميا على إقامة إسرائيل منطقة عازلة بعرض ثلاثمائة متر على حدود القطاع.

ويقول المتحمسون لهذا النهج إنه كفيل بإحراج إسرائيل أكثر، ويتخذون من حادثة أسطول الحرية دليلا ساطعا على أنه أكثر تأثيرا من الرصاص. أما أصحاب نهج المقاومة المسلحة، فيقولون إن إسرائيل لا تذعن لأحد ولا تلقي بالا لأي قوانين، ولا تفهم إلا لغة القوة، وما حدث في جنوب لبنان خير دليل.

وبعد قليل من دعم كامل لنهج المقاومة السلمية في الضفة، وكثير من محاربة النهج المسلح هنا، قلبت العملية الأخيرة في الخليل التي تبنتها مجموعتان واحده تابعة لكتائب الأقصى وواحدة أطلقت على نفسها اسم «شهداء أسطول الحرية»، حسابات السلطة، وبددت حالة الهدوء النسبي التي شهدتها مؤخرا، وأظهرت أنه ما زال هنا في الضفة من يؤمن بالعمل المسلح، حتى بعدما أحكمت السلطة قبضتها على المدن الفلسطينية، وشنت حربا لا هوادة فيها ضد الأجنحة المسلحة للفصائل الفلسطينية.

وكما هو متوقع، أدان رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض عملية إطلاق النار التي أدت إلى مقتل شرطي إسرائيلي وإصابة ثلاثة آخرين.

وأكد فياض في تصريح رسمي، أن السلطة ستواصل وبحزم اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة لمنع تكرار مثل هذه الأحداث، محذرا مما وصفه بـ«مخاطر الانجرار إلى دائرة العنف التي أثبتت التجربة أنها أضرت بالمصالح الوطنية وخدمت المشروع الاستيطاني الإسرائيلي». وقال: «إن هذا الحادث مدان، وهو يتعارض مع المصالح الوطنية الفلسطينية، ومع الجهود التي تبذلها السلطة الوطنية لحمايتها، وكذلك مع الالتزامات التي أخذتها على عاتقها».

وأضاف: «إن شعبنا يتوحد خلف نهج المقاومة الشعبية السلمية ضد الاستيطان والممارسات الإرهابية للمستوطنين، وإن هذا النهج يجد المساندة الكاملة من السلطة ويحظى في الوقت نفسه بالتأييد الدولي واسع النطاق، والمتزايد باستمرار».

ودعا فياض المواطنين كافة إلى اليقظة ونبذ ما سماه العنف، وحماية مسار المقاومة الشعبية السلمية ضد الاستيطان وممارسات الاحتلال، الذي يشكل إلى جانب الانخراط في عملية بناء مؤسسات الدولة الرافعة الأساسية لدعم النضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية.

واعتبر المتحدث باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، «أن تصريحات فياض تعكس طبيعة ثقافة فريق التسوية المرتبط سياسيا وأمنيا بالاحتلال، وهي إعلان صريح عن تورط فياض في قمع وملاحقة المقاومة واعتقال قيادتها وتعاونه الأمني الكامل مع الاحتلال». وباركت حماس العملية.. وقالت في بيان لها، «إلى المزيد من العمليات البطولية، لمواجهة تهويد القدس والمقدسات، وجدار الفصل العنصري، وحملات التهجير، والاستيطان وعبث المستوطنين الصهاينة الذين يعيثون فسادا في أرضنا». وقالت الحركة: «إننا في حماس نبارك ونشيد بالعملية البطولية التي قام بها أبطال شعبنا في مدينة خليل الرحمن، التي أدت إلى مقتل أحد الصهاينة وإصابة اثنين آخرين.. إننا في حماس نشد على أيادي المقاومين، وندعوهم إلى المزيد من العمليات البطولية.. فالعدو الصهيوني المتغطرس تجاوز كل الخطوط بانتهاكه دماء وحرمات شعبنا، مما يؤكد أنه لا يفهم إلا لغة المقاومة والصمود».

وباركت العملية أيضا الجهاد الإسلامي التي وصفتها بالنوعية، معتبرة أنها تدلل على «حيوية المقاومة وجهوزيتها وقدرتها على مباغتة العدو رغم السياسات الأمنية المزدوجة التي تستهدفها (في الضفة)».