«بيتسيلم» الإسرائيلية: أوضاع الإنسان الفلسطيني تحسنت نسبيا.. لكنها ما زالت مأساوية

83 فلسطينيا و7 إسرائيليين قتلوا منذ العدوان على غزة مطلع 2009

جندي اسرائيلي يحرس معتقلا فلسطينيا عند حاجزحوارة جنوب نابلس امس (رويترز)
TT

أعلنت منظمة «بيتسيلم» (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة)، في بيانها السنوي، أن تحسنا نسبيا طرأ على أوضاع حقوق الإنسان لدى المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة خلال السنة الماضية، خصوصا في الضفة الغربية، حيث أزيلت حواجز عسكرية كثيرة وانخفض عدد القتلى والمعتقلين، إلا أن حياة الناس ما زالت مأساوية يخيم عليها ظل الاحتلال الأسود.

ويستعرض التقرير الأوضاع في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) 2009، بعد انتهاء الحرب العدوانية على قطاع غزة، وبين أبريل (نيسان) 2010. ويستهل بانتقاد حكومتي إسرائيل وحماس على تقصيرهما في التحقيق حول دورهما في الحرب، فإسرائيل التي قتلت 1390 فلسطينيا خلال الحرب، بينهم 759 شخصا أبرياء، لم تبادر إلى التحقيق بما فعلت، وكذلك حكومة حماس التي اتهمها تقرير غولدستون، هي أيضا بانتهاك قوانين حقوق الإنسان.

ويشير التقرير إلى أنه منذ نهاية الحرب طرأ تحسن على أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة في عدد من المجالات. عدد الفلسطينيين والإسرائيليين الذين قتلوا في المواجهات انخفض كثيرا، كما استمر الانخفاض في عدد السجناء الإداريين الذين تحتجزهم إسرائيل. ورفع عدد من القيود التي تفرضها إسرائيل على حرية الحركة والتنقل في الضفة، بينما أدى تعديلان على الجدار الفاصل إلى ربط جزء من السكان الفلسطينيين الذين كانوا معزولين عن الضفة لمدة ستة أعوام تقريبا. وجمدت بلدية القدس هدم بيوت في القدس الشرقية في مطلع العام 2010. ومع هذا، فإن معظم التحسينات لا تنبع من تغيير جوهري في السياسة الإسرائيلية أو تغييرات في التشريع بل هي ناتجة عن التهدئة النسبية في الصراع.

ويشير التقرير إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية استمرت كما في السابق، حيث تعفي إسرائيل عناصر قوات الأمن المشتبه بهم بالمس بالفلسطينيين من المحاسبة جراء أفعالهم، باستثناء الحالات النادرة، ولا تحمل المستوطنين الذين اعتدوا على الفلسطينيين وممتلكاتهم المسؤولية عن أفعالهم. وعلى الرغم من أن إسرائيل أعلنت عن تجميد البناء في المستوطنات، فقد استمر مشروع الاستيطان في إلحاق الضرر بحقوق الفلسطينيين. وسرعت بلدية القدس خلال السنة الأخيرة من معالجة عدد من المشاريع لإقامة المستوطنات في قلب الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية. ولا يزال الجدار الفاصل يفصل عددا من القرى في الضفة عن محيطها وعزل المزارعين عن أراضيهم. ولا تزال إسرائيل مستمرة في تقييد وصول الفلسطينيين إلى أجزاء واسعة في الضفة، من بينها القدس، وغور الأردن ومناطق غرب من الجدار الفاصل وهي بالعموم تتعامل مع حرية الحركة والتنقل للفلسطينيين كامتياز يحق لها مصادرته متى شاءت.

وقال التقرير «إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة مستمر. وإن الحظر شبه التام على استيراد المواد الخام والتصدير مستمر في شل الصناعات المحلية، وأكثر من 70% من سكان غزة يرتبطون بالمعونات الدولية بسبب القيود المفروضة على إدخال مواد البناء، لا يمكن ترميم المباني التي هدمتها إسرائيل خلال الحرب». والكثير من المواد التي لا تسمح إسرائيل بإدخالها، تهرب عبر الأنفاق، التي لا يمكن لها أن تشكل قاعدة لاقتصاد مستقر. إن اقتصاد الأنفاق يخضع لسيطرة حماس وهو ما يقويها.

وقالت جيسيكا مونتل، المدير العام للمنظمة، بخصوص التقرير: «نحن نعيش هذه الأيام ذكرى مرور 43 عاما على اليوم السابع من حرب الأيام الستة، الذي كان اليوم الأول لاحتلال الأراضي الفلسطينية. وما دامت إسرائيل تسيطر على ملايين الفلسطينيين، يتوجب عليها الحفاظ على حقوقهم. إن استمرار الاحتلال ينطوي على أخطار واضحة على الديمقراطية في إسرائيل ولهذا يتوجب علينا، نحن الإسرائيليين المطالبة بالمحاسبة بخصوص ما يجري باسمنا في الأراضي المحتلة وتغيير السياسة التي تمس بحقوق الإنسان».

ويشيرالتقرير إلى أن إسرائيل قتلت 83 فلسطينيا في تلك الفترة، من بينهم 20 قاصرا. وأن هناك 31 فلسطينيا ممن قتلوا (أي نحو 73%) لم يشاركوا في القتال. ومعظم الفلسطينيين الذين قتلوا في هذه الفترة بأيدي قوات الأمن الإسرائيلية (67%) كانوا من سكان غزة. وقتل الفلسطينيون من طرفهم ثلاثة إسرائيليين، من بينهم قاصر وأربعة عناصر أمن. بالإضافة لشرطيين من قبل جهة غير معروفة في غور الأردن. وهناك تسعة فلسطينيين قتلوا في غزة من قبل عناصر في أجهزة الأمن الفلسطينية أو أشخاص عرفوا أنفسهم بهذه الصفة. كما تم إعدام فلسطينيين بتهمة التعاون مع إسرائيل.

ويؤكد التقرير أن تباطؤا ملحوظا برز في أعمال البناء للجدار الفاصل. فقد أضيفت أربعة كيلومترات فقط هذا العام لمسار الجدار الفاصل. ويصل طول الجدار المبني حتى الآن إلى 413 كيلومترا، وهو ما يشكل نحو 58% من بين 709 كيلومترات المخططة. وعلى الرغم من إتمام تعديلين في أعقاب قرارات محكمة العدل العليا، فلا يزال مسار الجدار الفاصل يلحق الضرر بعشرات آلاف الفلسطينيين.

ويقول التقرير إنه يوجد في أعماق الضفة 44 حاجزا معززا، مقابل 63 حاجزا عام 2008، من بينها 18 حاجزا داخل مدينة الخليل. كما يوجد 488 عائقا، بما في ذلك السواتر الترابية، البوابات ومقاطع الطرق المغلقة أمام الفلسطينيين - مقابل 537 عائقا بالمعدل في الأشهر التسعة الأولى من 2008. على امتداد الجدار الفاصل هناك 39 حاجزا إضافيا، من بينها 19 حاجزا تستعمل كنقاط فحص أخيرة قبل الدخول إلى إسرائيل. وهدمت الإدارة المدنية الإسرائيلية 44 مبنى سكنيا تم بناؤها من دون ترخيص في مناطق C التي تسيطر عليها إسرائيل سيطرة تامة، والتي تشكل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية. وفي غور الأردن. وهدمت بلدية القدس 48 مبنى في القدس الشرقية كان يعيش فيها 247 فلسطينيا، مقابل 89 بيتا تم هدمها في 2008. ومنذ بداية 2010 ولغاية مطلع مايو (أيار) لم تهدم أي بيت.

وأما المعتقلون الإداريون فقد انخفض عددهم ليصل إلى 222 معتقلا، مقابل 237 معتقلا قبل سنة، نحو 35% منهم تترواح مدة اعتقالهم ما بين سنة إلى سنتين. و25 احتجزوا بين سنتين إلى أربع.