الأسد لسليمان: سورية تدعم موقع الرئاسة وترى فيه ضمانة للسلم الداخلي

إجماع بين الفرقاء اللبنانيين على تأييد زيارة الرئيس اللبناني لدمشق

الرئيسان اللبناني والسوري في دمشق خلال لقائهما، أمس (إ.ب.أ)
TT

قال الرئيس السوري بشار الأسد للرئيس اللبناني ميشال سليمان «إن سورية تدعم موقع رئاسة الجمهورية في لبنان، وترى فيه ضمانة للسلم الداخلي اللبناني»، في قمة وصفها المراقبون بأنها «قمة تذليل العقبات» عقدت في دمشق أمس. وتناول الأسد وسليمان في مباحثاتهما في جلسة ثنائية وأخرى موسعة، «العلاقات الأخوية التي تجمع سورية ولبنان وضرورة المضي في تعزيزها بما يتلاءم مع طموحات شعبي البلدين الشقيقين»، حيث أكد الجانبان «أهمية إزالة كل ما من شأنه أن يعرقل مسيرة تطور هذه العلاقات». ونقل بيان رسمي عن الأسد تأكيده «دعم سورية لموقع رئاسة الجمهورية في لبنان» وأنها «ترى فيه ضمانة للسلم الداخلي اللبناني».

ومن الملفات التي جرى بحثها ضمن إطار العلاقات الثنائية، ملف الحدود البرية والبحرية المشتركة، وتم الاتفاق على «توجيه اللجان بدراسة الحقوق الوطنية لسورية ولبنان في مياههما الإقليمية» وعلى «استكمال جمع المعلومات والمعطيات من قبل كل جانب تمهيدا للمباشرة في عملية تحديد وترسيم هذه الحدود في أقرب وقت، ودراسة الوضع على الحدود البرية بما يتناسب مع العلاقات الأخوية التاريخية بين الشعبين، وضمان مصالح واستقرار وازدهار المواطنين على جانبي الحدود».

وقال البيان إن الرئيسين عبرا عن «ارتياحهما لما تم إنجازه على صعيد أعمال اللجنة التحضيرية المشتركة وضرورة استمرار العمل وصولا إلى الربط بين المؤسسات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتربوية في البلدين الشقيقين لما فيه خير وازدهار الشعبين السوري واللبناني». كما طرحا عقد اجتماع المجلس الأعلى السوري - اللبناني في «وقت قريب لبحث مختلف جوانب العلاقات الأخوية بين لبنان وسورية وسبل تطويرها وتعميقها واعتماد أعمال هيئة المتابعة والتنسيق وسائر اللجان المشتركة والاتفاقيات التي تم إنجازها بين الطرفين».

كما بحث الرئيسان السوري واللبناني «التطورات الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط» وأكدا «أهمية استمرار التنسيق بين البلدين الشقيقين لمواجهة التهديدات الإسرائيلية المتكررة ضد دول المنطقة، التي تستهدف خصوصا لبنان وسورية»، ووجه الجانبان تحية لـ«المواقف التركية المشرفة تجاه القضايا العربية الأساسية ولا سيما القضية الفلسطينية»، وعبرا عن أملهما في أن «تتخذ الدول العربية والإسلامية مواقف حازمة لكسر الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة». وأعلن الجانبان «دعمهما القوي لإجراء تحقيق دولي ومعاقبة المسؤولين عن العدوان الذي شنته إسرائيل ضد أسطول الحرية في المياه الدولية».

ووجه سليمان دعوة إلى الأسد لزيارة لبنان، بينما وعد الرئيس السوري بتلبيتها في «الوقت المناسب». وفي ختام المباحثات أقام الأسد مأدبة غداء تكريما للرئيس اللبناني حضرها أعضاء الوفدين الرسميين.

وكان الرئيس اللبناني قد وصل إلى مطار المزة في دمشق الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا يرافقه وفد رسمي ضم وزيري الصحة العامة محمد جواد خليفة، والدولة عدنان القصار، والوزير السابق ناجي البستاني، والمستشار السياسي لرئيس الجمهورية النائب السابق ناظم الخوري، ومدير عام رئاسة الجمهورية السفير ناجي أبي عاصي، وعددا من المستشارين. وكان في استقبالهم إضافة إلى الرئيس الأسد، وزير الخارجية وليد المعلم، ووزير الصحة السوري رضا سعيد، وأمين عام المجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري، وسفير سورية لدى لبنان علي عبد الكريم، وسفير لبنان لدى سورية ميشال خوري.

توجه بعدها الرئيسان سليمان والأسد إلى قصر الشعب، حيث عُقد على الفور لقاء موسع حضره عن الجانب اللبناني عدنان قصار وزير الدولة ومحمد جواد خليفة وزير الصحة وسفير لبنان لدى سورية ميشال خوري وعدد من المسؤولين اللبنانيين.

وعن الجانب السوري نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام ووزير الصحة رضا سعيد وسفير سورية لدى لبنان علي عبد الكريم. كما حضر اللقاء نصري خوري الأمين العام للمجلس الأعلى السوري - اللبناني.

وجاءت زيارة سليمان التي تعد الرابعة منذ تسلمه الرئاسة في مايو (أيار) 2008، بعد يومين من إنجاز سورية ولبنان دراسة 15 وثيقة ومذكرتين تتضمنان برنامجا تنفيذيا جاهزة للتوقيع من قبل رئيسي الوزراء في البلدين خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة المنتظر عقدها خلال الفترة القادمة.

وفي بيروت، لاقت زيارة سليمان إلى دمشق تأييدا وإجماعا لبنانيا على حسن سير العلاقات اللبنانية - السورية، خصوصا بعدما سلكت اجتماعات اللجان الإدارية والعسكرية اللبنانية - السورية طريق التوافق على 15 بندا من جدول أعمالها.

وفيما أعربت مصادر قوى «14 آذار» عن اطمئنانها «للتغيير الجذري الحاصل على مستوى العلاقات بين البلدين»، لفتت إلى أن «العلاقات بين لبنان وسورية ذاهبة باتجاه دولة إلى دولة عبر المؤسسات الدستورية، وهذا ما كنا نطالب به منذ سنوات طويلة». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» «إن الحكومة الحالية برئاسة سعد الحريري تمكنت من أن تسير بهذه العلاقات قدما، بما يخدم مصالح الشعبين اللبناني والسوري، في إطار احترام سيادة واستقلال البلدين، كما أن الأجواء الصافية التي تخيم في سماء علاقات لبنان وسورية في المدة الأخيرة، قد ساهمت بشكل ملموس في الدفع باتجاه إيجاد الأرضية الصالحة لتطبيع هذه العلاقات بين البلدين». ولفتت المصادر إلى أن «مصلحة الفريقين تقتضي إزالة الشوائب التي لا تزال تقف عائقا أمام الارتقاء بمستوى هذه العلاقات إلى ما يتمناه اللبنانيون والسوريون».

من جهتها رأت مصادر فريق «8 آذار» أن «انتظام العلاقة بين لبنان وسورية يعزز موقع البلدين في المنطقة»، مثنية على «الحوار الجاري بين الوزراء اللبنانيين والسوريين، لتحديث الاتفاقات بين لبنان وسورية تحت راية المجلس الأعلى اللبناني - السوري». واعتبرت المصادر أن «المشاورات اللبنانية - السورية تكتسب أهمية قصوى في هذه الظروف الإقليمية الصعبة، مما يتطلب الكثير من الجهود لمواجهة مضاعفاتها لتحصين البلدين» مثمنة «الدور البناء الذي تقوم به دمشق بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد من أجل بناء أفضل العلاقات بين لبنان وسورية فضلا عن دور دمشق المتقدم للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها».

ولفت وزير الدولة عدنان السيد حسين المقرب من الرئيس سليمان إلى أن «القمة بحثت في كافة الملفات الساخنة في المنطقة خصوصا جمود عملية التسوية في المسارين الفلسطيني والسوري، والتهديدات الإسرائيلية المتكررة للبنان، كذلك تطورات المواقف التركية وعلاقتها بفك الحصار عن قطاع غزة»، واعتبر أن «القضايا المشتركة لكلا البلدين تحتم التواصل الدائم للوصول إلى رؤية مشتركة لكافة قضايا المنطقة».

ورأى عضو كتلة الكتائب النائب إيلي ماروني أن «نوع العلاقات بين لبنان وسورية الحالي هو ما كنا نطالب به منذ زمن»، متمنيا «رؤية الرئيس السوري بشار الأسد والوزراء السوريين في لبنان وأن لا تكون الزيارات باتجاه واحد». وأشار «إلى الثقة الكبيرة في رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري بأنهما يحملان الملفات المهمة معهما إلى دمشق».