انقسام طائفي في البرلمان حول «الحقوق المدنية» للفلسطينيين

جنبلاط: اليمين في العالم كله غبي لكنني لم أر أغبى من اليمين اللبناني

TT

تجنب مجلس النواب اللبناني قطع «الانقسام الطائفي» بعد أن تخلى النواب عن انتماءاتهم السياسية ليصطفوا طائفيا في الموقف من مشروع قانون لمنح الفلسطينيين المقيمين في لبنان «الحقوق المدنية» التي تتضمن حق العمل وحق الانتساب إلى الضمان الاجتماعي ودخول الكليات العملية في الجامعة اللبنانية ومزاولة نحو 70 مهنة ممنوعة على اللاجئين الفلسطينيين بموجب القانون اللبناني.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن النواب المسيحيين من كل الكتل السياسية اتفقوا على الانسحاب من الجلسة العامة التي كان على جدول أعمالها 4 اقتراحات قوانين بهذا الخصوص قدمها النائب وليد جنبلاط، بعدما أبدى الأخير تمسكه بهذا الاقتراح وموافقة رئيس الحكومة سعد الحريري وكتلتي رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله عليه، فيما اعترض عليه نواب كتلة التغيير والإصلاح التي يرأسها ميشال عون وكتلة القوات اللبنانية وكتلة الكتائب والنواب المسيحيون في كتلة الحريري، فيما اتخذ النائب المسلم الوحيد في كتلة عون عباس هاشم موقفا موافقا.

وقد أثار هذا الموقف النائب جنبلاط الذي ذهب إلى القول «إنه منذ 1962 لم يتم أي تغيير ولن يتم ذلك حتى بعد مائة سنة». وأضاف «اليمين في العالم كله غبي، لكنني لم أر أغبى من اليمين اللبناني. فالكلام اليميني لم يتغير علما أن الحصار ضد غزة فشل وقويت حماس». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» قال جنبلاط إنه سيلتزم بموقفه الذي أدلى به في مجلس النواب «لأن الكلام في فورة الغضب قد لا يكون مفيدا»، مشيرا إلى أن الحريري تمنى عليه القبول بالتأجيل أسبوعين.

أما الحريري فقد قال بدوره: «نحن اليوم أمام حقوق إنسانية للفلسطينيين وإذا أردتم خلق شأن سياسي في هذا الموضوع الإنساني فلنلجأ إلى التصويت».

وحذر من أن «يتحول البؤس الفلسطيني في المخيمات إلى انفجار إنساني، وتمنى السير في هذا الموضوع بعيدا عن الانقسام السياسي للتحرر من عبء المخيمات الإنساني، وعدم تحويل هذا الموضوع للاتجاه المذهبي والطائفي. ولنقل للعالم ولو لمرة واحدة إننا انتصرنا في المجلس للحق الفلسطيني».

وبعد أن تطور الأمر إلى هذا الحد، وتلويح النواب المسيحيين جرت اتصالات قادها الحريري وتولى جزءا منها النائب عقاب صقر مع جنبلاط، كما أجرى الرئيسان بري والحريري مشاورات جانبية انتهت إلى مخرج أدى إلى طلب الحريري من النواب المعترضين على هذه الاقتراحات تقديم اقتراح شامل يتضمن كل الحقوق. غير أن بري أعلن إحالة هذه الاقتراحات إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية لإعادة دراستها بدقة وإعطاء هذه اللجنة مهلة شهر لإعادة طرحها مجددا على الهيئة العامة.

وقال النائب صقر لـ«الشرق الأوسط»: «كنا أمام امتحانين، الأول إنساني وقومي يتعلق بإعطاء اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم، والثاني امتحان وطني يتعلق بوحدة الصف الداخلي، فكنا إما أن نفشل في الاختبار الوطني وإما أن نلجأ إلى خيار الوحدة الوطنية على حساب القضية القومية، غير أن سحب الاقتراح أدى بنا إلى عبور المشكلة بالحد الأدنى من الخسائر». ونقل عن رئيس الحكومة تأكيده أن الحق الإنساني سيقر، معتبرا أن سحب المشروع «يمهد لإجماع وطني لبناني حول المشروع الجديد».

وقال النائب محمد قباني (كتلة الحريري) إن من واجبنا الوطني وسمعتنا الدولية أن نقف بشجاعة اليوم قبل الغد لإقرار هذا الموضوع، وأيده في ذلك النائب غازي زعيتر الذي أكد أن هذا الموضوع لا يرتب أعباء مالية على الخزينة. وقال النائب حسن فضل لله (حزب الله) إن هذا الاقتراح إنساني بحت لما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون وحقوقهم الإنسانية، ولذلك نتمنى السير فيه على أساس هذه القاعدة.

وفي المقابل، قال النائب نبيل دو فريج (مسيحي من كتلة الحريري) إن هذا القانون يدخل إلى معادلة وتسوية السلاح الفلسطيني. فيما قال زميله النائب عاطف مجدلاني «مع تأييدنا للحقوق الفلسطينية الإنسانية، لكن لا يجوز إعطاؤهم الحقوق التي تعطى للبنانيين». أما عضو كتلة الكتائب النائب إيلي ماروني فقد أشار إلى أن «هناك خلافا في الموضوع الفلسطيني بين اللبنانيين».

ودعا النائب سامي الجميل (الكتائب) إلى «عدم التذاكي في مثل هذا الموضوع، وإلى اعتماد الاقتراحات الأربعة المتعلقة بالفلسطينيين، وبالتالي تطرح كقانون دستوري، لأنها تتعلق بالتوطين». ودعا النائب آلان عون إلى التعاطي في مثل هذه المواضيع مع أهميتها بدقة، مع أننا مع الحقوق المدنية والإنسانية للإخوة الفلسطينيين، إنما علينا التروي في مثل هذه الاقتراحات.

ومن جهته قال الحريري «كيف نعطي الحق لأي مستثمر ونحن ضد التوطين، ولسنا في حاجة لفحص الدم بهذا الموضوع، وهناك مجموعة من الإعلاميين واللبنانيين في طريقهم إلى غزة لفك الحصار، ولا يجوز أن تأتي الوفود إلينا لفك الحصار عن المخيمات، ونحن اليوم أمام حقوق إنسانية، وهناك فلسطينيون لهم الحق في امتلاك منزل ما، فإذا توفي الوالد لا يستطيع الأبناء أن يقوموا بحصر إرثه، فإذا أردتم خلق شأن سياسي في هذا الموضوع فلنلجأ إلى التصويت، لكن علينا قبل ذلك أن ننظر إلى الإخوة الفلسطينيين في مخيماتهم التي بسبب البؤس تحول هؤلاء إلى إرهابيين».