قانون فرنسي لتعويض ضحايا التجارب النووية محل انتقاد بالجزائر

اعتبر أنه لا يرقى إلى مستوى مطالب الجزائريين

TT

قال جزائريون مهتمون بموضوع تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية بالجزائر (1961 - 1966)، إن القانون الذي صدر بفرنسا، والذي يمنح المتضررين من تجارب الذرة تعويضا ماديا، «لا يرقى إلى مستوى مطالب الجزائريين». وأبدت الحكومة الفرنسية استعدادا لدراسة ملفات مصابين بأورام سرطانية إذا ثبت أن سببها الإشعاعات النووية.

وأصدرت وزارة الدفاع الفرنسية أول من أمس، مرسوما مكملا لقانون صادق عليه البرلمان العام الماضي يتناول ضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا بالصحراء الجزائرية ومنطقة بولينيزيا بالمحيط الهادي.

وجاء في المرسوم الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أن الحكومة الفرنسية تشترط على المدنيين الذين يعانون من أمراض متصلة بتبعات إشعاعات الذرة، أن يقدموا وثائق طبية تثبت إصابتهم بالسرطان، ووثائق أخرى تثبت أنهم كانوا يقيمون بالمناطق التي جرت فيها التجارب النووية.

وتعهدت الحكومة في المرسوم بمنح تعويض مادي للمصابين بسرطان الثدي والدماغ والمعدة والرئة والكلى.

وحدد المرسوم المناطق الجغرافية المعنية بتجارب الذرة، التي أجريت بين 1961 و1966 بصحراء الجزائر، وفي 1996 بمنطقة بولينيزيا المصنفة محافظة من محافظات فرنسا بالخارج.

ولم يوضح النص القانوني قيمة التعويضات، كما لا يعرف بالتحديد عدد المعنيين بالتعويض، فبينما يقول مختصون في التاريخ مهتمون بالموضوع إن عددهم لا يقل عن 40 ألفا، تشير تقديرات الحكومة الفرنسية إلى أنهم لا يتعدون 500 معظمهم عسكريون اشتغلوا في منشآت خاصة بتجارب الذرة.

وقال خير الدين بوخريصة، رئيس جمعية مهتمة بضحايا الاستعمار الفرنسي بالجزائر (1830 - 1962)، لـ«الشرق الأوسط» إن المرسوم «خدعة فرنسية جديدة تخفي رغبة باريس في عدم تحمل مسؤولية جرائمها، فهو يعني العساكر والفنيين الموظفين في المنشآت النووية أيام الاستعمار، ولا يعني أبدا المدنيين من سكان الصحراء الذين ما زالوا حتى اليوم يتأثرون بالإشعاعات التي لوثت أرضهم».

وأوضح بوخريصة أن قانون التعويض يقول إن التعويض يشمل الإصابة بـ18 نوعا من أنواع الأورام فقط، بينما قدمت الولايات المتحدة تعويضات ليابانيين مصابين بـ32 نوعا سرطانيا، جراء تجارب هيروشيما وناغازاكي. وزاد قائلا: «إن أنواع السرطان التي حددها المرسوم الفرنسي مستوحاة من قانون الضمان الاجتماعي الفرنسي».

وفجرت فرنسا 13 قنبلة نووية في باطن الصحراء الجزائرية في ظرف 5 سنوات، كانت الأولى في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 1961 والأخيرة في 16 فبراير (شباط) 1966. وتفيد إحصائيات مركز البحوث النووية الجزائري، بأن 18 ألف شخص بين مدني وعسكري حضروا تفجير القنابل بالمنشآت النووية، كثير منهم توفي بعد سنوات بأمراض جراء الإصابة بالإشعاعات.

وقال محمد القورصو، الأستاذ بمعهد التاريخ بجامعة الجزائر، لـ«الشرق الأوسط» إن مبادرة وزارة الدفاع الفرنسية «جاءت متأخرة وغير كافية لأن القضاء الفرنسي سبق أن أنصف جنديا أصيب بالإشعاعات النووية، وحصل على حق التعويض، فهل من الضروري إعداد قانون والمصادقة عليه بالبرلمان لتعويض الجزائريين وغيرهم عن أضرار التجارب النووية؟».

وأوضح القورصو أن الضحايا يقدرون بالآلاف، والكثير منهم توفوا بسبب تشوهات دون أن يعرفوا أن سببها الإشعاعات النووية. ويرى أن نص التعويض «خطوة تحمل مؤشرات على خطوات مستقبلية خاتمتها ستكون اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر».

ويعتبر موضوع الاعتراف بجرائم فترة الاستعمار، عائقا رئيسيا يحول دون إقامة علاقات طبيعية بين فرنسا والجزائر.