معوقات ترجئ خطة الولايات المتحدة للخروج من أفغانستان

مراجعة في ديسمبر لتقييم ما إذا كان تاريخ الانسحاب قابلا للتطبيق

جنود أميركيون من سلاح المهندسين أمام قاعدة ناثان سميث في قندهار أمس (أ.ف.ب)
TT

في أعقاب ستة أشهر من قرار الرئيس أوباما بإرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان، ألقى توقف التقدم في الحرب بظلاله على التوتر القائم داخل الحكومة حول إمكانية تطبيق خطته للخروج من أفغانستان بحلول يوليو (تموز) 2011. حيث عززت صعوبات طرد طالبان من الأقاليم التي تسيطر عليها والولاءات المشكوك فيها للرئيس الأفغاني من المناقشات داخل الإدارة حول إمكانية نجاح عمل الجدول الزمني الذي وضعه الرئيس أوباما. وحتى قبل العقبات الأخيرة كان الجيش متشككا بدرجة كبيرة في وضع جدول زمني لبدء الانسحاب. لكن الرئيس أوباما أصر على ذلك كسبيل لوضع نهاية لحرب تدخل الآن عامها التاسع.

وقد قرر البيت الأبيض في الوقت الحالي الانتظار حتى المراجعة التي تقرر إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) لتقييم ما إذا كان التاريخ المستهدف قابل للتطبيق من عدمه. لكن المسؤولين يؤكدون على أن بدء الانسحاب في يوليو 2011 سيكون بناء على تقييم الأوضاع في البلاد وأن الرئيس لم يقرر بعد السرعة التي سيتم بها سحب الجنود من أفغانستان.

ويرى بعض المسؤولين أنه حتى وإن بدأ الانسحاب فعليا، فربما يكون ذلك بأعداد قليلة. وبالنظر إلى زيادة حجم القوات بثلاثة أضعاف ما كانت عليه إبان رئاسة جورج بوش فربما ينهي أوباما فترته الرئاسية بعدد جنود أكثر مما كانت عليه قبل توليه السلطة. ويقول بروس أورديل، المتخصص الإقليمي في معهد بروكينغز والذي ساعد في صياغة استراتيجية الإدارة الأولي لأفغانستان في بداية عام 2009: «الأمور لا تبدو مبشرة، فلا توجد دلائل واضحة على حدوث التغيير الذي توقعه الجميع داخل الإدارة». وقد «عزز تواصل العنف في الجنوب الأفغاني حول مارجا، التي كان يتوقع أن تكون نموذجا لاستراتيجية مكافحة الإرهاب الجديدة، من الشكوك في واشنطن حول الاستراتيجية الجديدة - والتي غذتها إقالة الرئيس كرزاي اثنين من كبار مسؤوليه الأمنيين اللذين يحظيان بثقة كبيرة من الأميركيين». وخلال تعقيبه على هذه الإقالة، يقول الجنرال ستانلي ماكريستاال، قائد القوات الأميركية في أفغانستان إن «العمليات في قندهار معقل جماعة طالبان ستتواصل لكن بصورة أبطأ مما كان متوقعا». فيما كان قادة عسكريون آخرون أكثر تشاؤما، فيقول ضابط رفيع المستوى: «واهم من اعتقد أن معضلة قندهار يمكن حلها خلال عام». ونتيجة لذلك، يتطلع البعض داخل الإدارة الأميركية إلى بدء الانسحاب قبل العام القادم، فيقول مسؤول رفيع في الإدارة، والذي طلب عدم الكشف عن هويته كباقي الأفراد الذين أجرينا معهم المقابلات: «هناك البعض ممن يرغبون في إعادة النظر في الاستراتيجية».

وقال المسؤول إن المتشككين من أمثال جو بايدن نائب الرئيس، الذي عارض زيادة عدد القوات خلال خريف العام الماضي يؤيد إعادة النظر في الاستراتيجية فيما دعم آخرون إضافة المزيد من القوات من أمثال الجنرال ديفيد بترايوس الذي يرغب في مواصلة العمل. وقال مسؤولون آخرون إنه لا يوجد نقاش في الوقت الحالي حول المسارعة في مراجعة ديسمبر وإن بايدن كان من بين آخرين أبدوا رغبة كبيرة في الانتظار حتى انتهاء التقييم الرسمي. لكن البعض شبه الموقف الحالي بـ«نصف الكوب الفارغ». وقال مسؤول بارز في الإدارة عاكسا وجهة نظر البيت الأبيض: «هناك بعض الأدلة التي تذكرنا بأنه لن يكون هناك خط تقدم ثابت. وربما يكون الوصف الأفضل له بأنه متعرج. فأحيانا ما نتقدم خطوتين ونتأخر خطوة أو نتقدم خطوة لنتأخر خطوتين». ستواجه الاستراتيجية مراجعة في واشنطن خلال الأيام القليلة القادمة حيث يتوقع أن يدلي الجنرال ديفيد بترايوس ومايكل فلورنوي، مساعد وزير الدفاع لشؤون السياسة، يوم الثلاثاء أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ ويوم الأربعاء أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب. وسوف يعقد الرئيس أوباما خلال الأيام القادمة لقاء الفيديو كونفرس، الذي يجريه بانتظام، مع كبار مسؤوليه المدنيين والعسكريين في المنطقة ومن بينهم الجنرال بترايوس والجنرال ماكريستال. وسيستغل مسؤولو الإدارة هاتين الفرصتين للقول بأن النتائج لا تزال مختلطة وأنه لا يزال من المبكر جدا الوصول إلى نتائج حاسمة. وليشيروا إلى أن العدد الذي أمر الرئيس بإرساله إلى أفغانستان لم يكتمل هناك بعد. وقال مسؤول في البنتاغون إنه يوجد بأفغانستان في الوقت الحالي 93.000 جندي أميركي، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 105.000 بنهاية فصل الصيف الحالي. وعلى الرغم من الاعتراف بالمعوقات يشير مسؤولو الإدارة إلى دلائل إيجابية من بينها مؤتمر السلام الذي عقده كرزاي أخيرا بهدف جذب طالبان إلى طاولة التفاوض وزيارته الأخيرة إلى الجنوب الملتهب. كما عبروا أيضا عن قناعتهم بازدياد أعداد المجندين في الجيش والشرطة الأفغانية ومسارعتهم للوفاء بأهدافهم خلال 2010 وهو إنجاز عزوه إلى الجدول الزمني الذي وضعه الرئيس أوباما.

وخلال كلمته أمام الكونغرس يخطط الجنرال بترايوس للقول بأن الولايات المتحدة قضت الشهور الخمسة عشرة إلى الثمانية عشرة الماضية في «تقديم المدخولات الصحيحة»، ليس فقط عبر زيادة حجم القوات ثلاثة أضعاف بل عبر إعادة تنظيم الجهود المدنية والعسكرية واستخدام أفراد جديدين. والآن ستكون هناك فرصة أكبر لمزيد من المخرجات أو النتائج، وسيذكر المشرعين بتوقعه بأن «تزداد الأمور صعوبة قبل أن تزداد سهولة». في الوقت ذاته يتقاسم المسؤولون الأميركيون الإحباط بشأن فشل الحلفاء في دول الناتو في توفير 450 مدربا طلبتهم الإدارة. إقالة القادة العسكريين الأفغان من الخدمة والتقارير بشأن شكوك كرزاي حول قدرة الأميركيين على تحقيق النصر أثارت غضب البعض داخل الإدارة. لكن على الرغم من الإحباط تجاه كرزاي، يرى المسؤولون في الإدارة أنهم لا يملكون خيارا آخر.

* خدمة « نيويورك تايمز».