قرغيزستان: المجتمع الدولي يحذر من الأسوأ ويتردد في التدخل

الحكومة تريد إجراء الاستفتاء الدستوري في موعده.. والآلاف يفرون من العنف

TT

حذرت عدة جهات دولية أمس من تدهور الأوضاع بشكل أكبر في قرغيزستان بعد أن حصد العنف العرقي أكثر من 170 شخصا خلال الأيام القليلة الماضية، وتسبب في فرار الآلاف من المهاجرين إلى المناطق الحدودية مع أوزبكستان. وجاء هذا فيما أكدت رئيسة الحكومة المؤقتة في قرغيزستان، إجراء استفتاء على الدستور الجديد للبلاد في موعده، وكشفت أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم جمهوريات سوفياتية سابقة وتقودها روسيا، لا تعتزم إرسال قوات حفظ سلام إلى بلادها.

فقد حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس من أن العنف في قرغيزستان قد يخرج عن السيطرة، وكشف أن الاضطرابات بدأت بخمس هجمات منسقة وأخذت طابعا عرقيا. وصرح روبرت كولفيل المتحدث باسم نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بأن مكتبها جمع روايات شهود من بينهم موظفون بالمنظمة الدولية في مدينتي جلال آباد وأوش، بجنوب قرغيزستان. وقال كولفيل في إفادة صحافية في جنيف «لدينا مؤشرات قوية على أن هذه الأحداث لم تكن اشتباكات عرقية عفوية وأنها كانت إلى حد ما منسقة ذات أهداف ومخطط لها بشكل جيد». وأضاف أن «العديد من هذه التقارير يشير إلى أن الواقعة بدأت بخمس هجمات متزامنة في أوش نفذها رجال مسلحون يغطون وجوههم. بدا الأمر وكأنهم يريدون استثارة رد فعل». وقال كولفيل إن إحدى الهجمات وقعت على صالة للتدريبات الرياضية ذكر أنها «تعرف بتردد عصابة إجرامية عليها» في أوش. وأضاف أن «استهداف هذه الصالة كان سيقابل على الأرجح برد فعل».

بدورها، أعربت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن قلقها من الوضع في قرغيزستان، وذلك خلال اجتماع طارئ عقدته أمس المنظمة المعنية بالأمن وحقوق الإنسان وأبدت استعدادها لتقديم المساعدة لإعادة النظام للدولة الواقعة في آسيا الوسطى. وقالت المنظمة إن الدول بحاجة إلى التحرك فورا لوقف العنف الذي أودى بحياة 170 شخصا على الأقل، ودعت الدول إلى إرسال معونات إنسانية. وتضم المنظمة 56 دولة منها قرغيزستان وروسيا والولايات المتحدة. وقالت منظمة الأمن والتعاون، التي تتخذ من فيينا مقرا لها، في بيان، إنها «مستعدة لمساعدة قرغيزستان بناء على طلبها لحل الأزمة الراهنة ومنع انتشار التوترات في المنطقة والتعافي في فترة ما بعد الصراع». وعقد اجتماع طارئ للمجلس الذي يضع سياسات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يكشف عن المخاوف من تطور الموقف إلى صراع كامل الأبعاد. ولم يصدر مثل هذا التحذير من قبل سوى عام 1999 خلال الاشتباكات التي جرت في مقدونيا الجمهورية اليوغوسلافية السابقة.

وفيما أفيد مسبقا أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، تبحث إرسال قوات لحفظ السلام في جنوب قرغيزستان، قالت روزا أوتونباييفا رئيسة حكومة قرغيزستان المؤقتة أمس إن المنظمة ترى أن «إرسال قوات لحفظ السلام غير ملائم» الآن، مشيرة إلى المحادثات التي أجراها أول من أمس مسؤولو منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم جمهوريات سوفياتية سابقة. وأكدت أوتونباييفا من ناحية أخرى، أن قرغيزستان ستجري استفتاء على الدستور الجديد في موعده رغم الاضطرابات العرقية.

من جانبه، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة ميروسلاف جينكا أمس إن عدد اللاجئين الفارين من العنف العرقي في جنوب قرغيزستان إلى أوزبكستان المجاورة قد يرتفع قريبا إلى 100 ألف. وقال جينكا في مؤتمر صحافي «تلقينا معلومات من سلطات أوزبكستان تفيد بأن عدد اللاجئين المحتشدين على الجانب الأوزبكي يبلغ 75 ألفا لكن هذا العدد آخذ في الارتفاع وقد يتجاوز 100 ألف قريبا». وأضاف أن الموقف الأمني على الجانب القرغيزي يجعل متابعة الأعداد أمرا مستحيلا. وكانت أوزبكستان أعلنت أول من أمس إغلاق حدودها وطلبت مساعدة دولية لعشرات آلاف اللاجئين الذين فروا إليها منذ بداية الأزمة. وصرح البيت الأبيض الليلة قبل الماضية أن مسؤولين أميركيين يتشاورون عن كثب مع نظرائهم الروس حول الموقف. وأعلن ألمظ بك أتامباييف نائب رئيسة الحكومة المؤقتة في قرغيزستان أمس أن العنف في جنوب البلاد قد يمتد إلى العاصمة بشكك ومنطقة أخرى بالشمال. وقال أتامباييف للصحافيين: «الأحداث في أوش كانت مدبرة بحنكة، وعلينا الآن أن ننتظر نوعا من الأعمال الاستفزازية في منطقة تشوي وبشكك. لكننا متأهبون لهذا جيدا». وتتهم حكومة قرغيزستان المؤقتة، التي تولت السلطة عقب الإطاحة بالرئيس السابق كرمان بك باقييف في أبريل (نيسان) الماضي، أنصاره بإذكاء العنف العرقي بين القرغيز والأوزبك وهو ما نفاه باقييف.