إيران تنسق مع مصر لإدخال مساعدات إلى غزة.. «تبدأ بطائرة»

إسرائيل تعتبر السفن معادية والقاهرة تسعى لتفادي مواجهة في البحر * سفينة لبنانية تحمل سيدات تستعد للتوجه إلى غزة

صورة أرشيفية لمركب عسكري إسرائيلي لدى اقترابه من السفينة «فوتيلا» في المياه الدولية بالبحر الأبيض (أ.ف.ب)
TT

لم يتضح بعد عدد السفن الإيرانية المقرر إبحارها حاملة مساعدات لقطاع غزة، لكن ما أكدته المصادر الإيرانية في القاهرة أمس أن تنسيقا يجري بالفعل مع السلطات في القاهرة لهبوط طائرة مساعدات إيرانية مخصصة لقطاع غزة، في الأراضي المصرية، في وقت قال فيه مسؤول أمني مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تحاول تجنيب المنطقة مواجهة في البحر المتوسط بين إسرائيل وإيران مماثلة لتلك التي جرت بين إسرائيل وتركيا بعد أن هاجمت تل أبيب أسطول الحرية الذي كان متجها بمساعدات إنسانية إلى غزة قبل أسبوعين.

والعلاقات بين طهران والقاهرة مقطوعة منذ نحو ثلاثين عاما، بسبب معاهدة الصلح بين مصر وتل أبيب، حيث لا تعترف إيران بدولة إسرائيل. وتعتبر إسرائيل إيران أخطر تهديد يواجهها بسبب برنامجها النووي ومساعدتها لحزب الله وحماس. وعلى هذا، فإن سفن المساعدات الإيرانية ستكون قادمة من موانئ عدوة لإسرائيل، والتعامل معها، بحسب تسريبات نشرتها إعلامية إسرائيلية، سيكون أشد من تعامل تل أبيب مع السفينة التي كانت تحمل العلم التركي وقتل فيه الجيش الإسرائيلي 9 أشخاص مؤخرا.

وبينما أوضحت مصادر إيرانية من العاصمة طهران، أمس، أن هناك ثلاث سفن على الأقل ستحمل آلاف الأطنان من الأدوية، إحداها على وشك الإبحار بالفعل من ميناء بندر عباس في الخليج في طريقها إلى البحر الأحمر، قالت مصادر أخرى إن إيران سوف تتجنب أي صدام لسفنها مع قوات البحرية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن خط سير السفن الإيرانية سوف يكون عن طريقين، الأول عبر البحر الأحمر فقناة السويس، والثاني نقل المساعدات عبر البر من شمال إيران إلى تركيا ثم دخول مياه البحر المتوسط على متن سفن تركية. وقال مصدر إيراني مطلع ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» حول ما إذا كان قد بدأ بالفعل تسيير أي سفن إيرانية: توجد الكثير من التقارير الصحافية حول هذا الموضوع، لكن المعلومات التي لدينا لا تؤشر إلى وجود أي سفن قد بدأت بالتحرك بعد.. على الأقل ما زالت سفن المساعدات الإيرانية بعيدة عن المنطقة (البحر الأحمر والبحر المتوسط). ونقل موقع «عصر إيران» عن نائب الأمين العام لجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني، محمد علي نوراني، قوله إن سفينة «نحو غزة» المحملة بمساعدات إنسانية إيرانية لأهالي غزة ستنطلق من ميناء بندر عباس الأسبوع المقبل متجهة إلى شواطئ القطاع.

وأفادت مصادر إيرانية من العاصمة طهران بأن قرار تسيير طائرة وسفن إلى قطاع غزة عبر كل من مصر وتركيا جاء بعد اجتماع بين وزارة الخارجية الإيرانية والأمانة العامة للجنة الإيرانية للدفاع عن الشعب الفلسطيني. وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، أمس، فإن مسؤولين أمنيين إيرانيين تراجعوا عن خطط كان يمكن أن ينتج عنها تداعيات ومشكلات في منطقة البحر المتوسط. ومن هذه الخطط التي تم بالفعل التراجع عنها وجود عناصر من الحرس الثوري الإيراني على تلك السفن.

كما تم التراجع عن مرافقة نواب من البرلمان الإيراني لقوافل المساعدات، والاكتفاء بعدد محدود من العاملين على السفن وممثلين عن الهلال الأحمر الإيراني، دون أن يكون هناك أي وجود رسمي ذي شأن. وأعلن رئيس منظمة الشباب في جمعية الهلال الأحمر الإيرانية، محمد جواد جعفريان، في تصريح لوكالة «مهر» للأنباء أنه «بالنظر إلى الأعمال العدوانية المتوقعة من قبل الكيان الصهيوني وكذلك احتمال تغيير مسار حمولة المساعدات من طريق البحر إلى طريق البر، لذا تقرر أن يقتصر عدد المتطوعين المرافقين لسفينة المساعدات على عشرة أشخاص متخصصين ومدربين لهذا الغرض». وبالنسبة إلى المنطقة التي يمكن أن ترسو فيها السفن الإيرانية بسلام لإيصال المساعدات إلى غزة، وإدخالها إلى القطاع دون أي تعامل مباشر أو مرور تحت أي سلطة لإسرائيل، قالت مصادر أمنية مصرية إنه أصبح هناك شبه تنسيق على إتمام هذه العملية بعيدا عن إثارة أي قلاقل، ومن الحلول المقترحة، اكتفاء السفن الإيرانية التي ستصل من البحر الأحمر أو من البحر المتوسط بتسليم شحنتها للهلال الأحمر المصري، سواء على الضفة الشرقية لقناة السويس حيث سيناء، أو في ميناء العريش القريب من غزة، حيث يمكن إيصالها عن طريق البر من معبر رفح. وتأكد أمس أن إيران سوف ترسل مساعدات إلى غزة عبر طائرة خاصة. وتعليقا على هذا الموضوع، أفاد مصدر رسمي في مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، بأنه تم التنسيق مع الجهات الرسمية في مصر بشأن إرسال هذه المساعدات، التي يبلغ وزنها 30 طنا، وتشتمل على أدوية ومستلزمات طبية، على متن طائرة تابعة لجمعية الهلال الأحمر الإيراني، حيث سيتم هبوط الطائرة بعد أخذ الموافقات من الجهات المعنية بمصر. وأضاف المصدر نفسه أنه سوف يتم إرسال هذه المساعدات إلى غزة عن طريق معبر رفح. وفي وقت سابق، تحدث السفير مجتبي أماني، رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، أن بلاده «لا تعترف بالكيان الصهيوني ولا بحدوده ولا تسعى لأخذ موافقته على مرور المساعدات الإيرانية من داخل الحدود البرية والبحرية التي يسيطر عليها»، معربا عن أمله إدخال المساعدات الإنسانية الإيرانية إلى غزة، تحت إشراف مصر. يشار إلى أن جمعية الهلال الأحمر الإيراني كانت حاولت مطلع العام الماضي إرسال سفينة مساعدات إلى غزة، إلا إن البحرية الإسرائيلية منعتها من إيصال ألفي طن من الأغذية والأدوية إلى شواطئ القطاع، مما اضطرها إلى تفريغ حمولتها في ميناء العريش المصري.

الى ذلك أصدرت إسرائيل تحذيرا شديد اللهجة إلى المنظمين الإيرانيين واللبنانيين الذين يعتزمون إرسال ثلاث سفن مساعدات جديدة إلى غزة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ييجال بالمور، إن أي محاولات من جانب الإيرانيين واللبنانيين لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة لن ينظر إليها باعتبارها مجرد إثارة أو خرقا للقانون ولكن على أنها عمل «معاد» لأن السفن وحمولاتها من دول عدوة. وقال لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «إنهم يخضعون إلى وضعية مختلفة»، في إشارة إلى أسطول المساعدات السابق الذي اعترضته إسرائيل في 31 مايو (أيار) وكان يحمل مساعدات ونشطاء من دول أوروبية، بينها تركيا واليونان وآيرلندا.

وقال بالمور عن السفن الإيرانية واللبنانية: «إنها قادمة من دولة عدوة وهذا يعني بالطبع معاملة مختلفة لأنهم من الناحية القانونية مختلفون». وأضاف بالمور أن وزارة الخارجية الإسرائيلية ليس لديها معلومات شاملة عن موعد وصول السفن، وأضاف كذلك أنه بناء على ذلك «فمن السابق لأوانه الخوض في بنود عملية» عن كيفية تعامل الإسرائيليين مع السفن.

من جهة ثانية تستعد «سفينة مريم» اللبنانية للتوجه إلى قطاع غزة، وستنقل على متنها أكثر من خمسين سيدة من جنسيات لبنانية وعربية وأجنبية، لنقل أدوية لمرضى السرطان وأدوية عادية ومواد غذائية لشعب غزة، ولتكون آخر سفينة تستعد لكسر الحصار الإسرائيلي بعد «أسطول الحرية»، لكن الفرق هنا أن جميع الناشطين على متن الباخرة من السيدات. وكشفت منسقة اللجنة التحضيرية لـ«سفينة مريم» سمر الحاج لـ«الشرق الأوسط» أن «السفينة أصبحت شبه جاهزة للانطلاق، وسيكون على متنها أكثر من 50 سيدة من مختلف دول العالم اللاتي حضرن إلى بيروت»، ورجحت «الإقلاع من مرفأ بيروت قبل يوم الأربعاء المقبل»، وأشارت إلى أن اللجنة «ما زالت تتلقى الاتصالات من فتيات وسيدات من لبنان والخارج يطلبن الالتحاق بالرحلة وهن من: مصر، المملكة العربية السعودية، سورية، الكويت، الأردن، الإمارات العربية المتحدة، فرنسا، إسبانيا، الولايات المتحدة الأميركية، النرويج، هولندا، إيطاليا، واليابان»، ورفضت وصف هذه الرحلة بـ«المجازفة أو المغامرة، بل واجب إنساني وأخلاقي». وقالت «نحن ذاهبات على متن سفينة شحن لا ننام فيها ولا مكان للراحة ولا ماء للاستحمام، ولا نرى أنفسنا إلا واصلات إلى شاطئ غزة لإيصال أدوية السرطان إلى المرضى من أطفال ونساء وشيوخ وشباب غزة وكذلك المواد الغذائية».

وأكدت الحاج أن «لا وجود لسيدات من حزب الله على متن الباخرة، لكن المتبرعات هن مسلمات ومسيحيات وعلمانيات من كل الدول». وجزمت بأن «هذه الرحلة لن تكون الوحيدة إنما سيجري التحضير لـ(سفينة مريم) 2 و3 و7 حتى يتحقق الهدف برفع الحصار عن شعب غزة المعذب».