مراقب الدولة في إسرائيل: نتنياهو وباراك لن ينجوا من تحقيق «أسطول الحرية»

خلافات في المجلس الوزاري المصغر حول شروط كسر الحصار عن غزة

TT

بعد أن نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه ايهود باراك، في التهرب من التحقيق الجاد في قرارهما بالهجوم الدامي على إحدى سفن أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، وتشكيل لجنة فحص محدودة الصلاحيات بموافقة الإدارة الأميركية، فاجأ القاضي ميخائيل لندنشتراوس، مراقب الدولة، الجميع وأعلن أنه قرر إجراء تحقيق بمبادرته حول هذا الهجوم ومدى صلاحية القرار بشأنه.

وأوضح لندنشتراوس أنه سيحقق عمليا في الأمور التي تهرب منها نتنياهو وباراك، حول أداء الحكومة وكيفية صدور القرار بالهجوم وهل كان ذلك قرارا مدروسا بشكل معمق وهل بحث في الأطر المناسبة وغير ذلك. وكان لندنشتراوس قد أمهل الحكومة عدة أيام في الأسبوع الماضي، وقال: «إذا لم تقم بتشكيل لجنة تحقيق جدية فسأحقق في الموضوع عن طريق دائرتي. والمعروف أن دائرة مراقب الدولة في إسرائيل مستقلة ولا تخضع لصلاحيات خارجية. ومع أن توصياته ليست إجبارية، فإن لها وزنا جماهيريا وإعلاميا كبيرا. وبسبب توصياته تم تقديم كثير من المسؤولين إلى المحاكمة في قضايا الفساد التي أثارتها وسائل الإعلام الإسرائيلية. وقال لندنشتراوس في تفسيره القرار بالتحقيق إن القرار بالهجوم على أسطول الحرية انطوى على مغامرة كبيرة ووضع الجنود الإسرائيليين في خطر وتسبب في أزمة دبلوماسية شديدة بين إسرائيل والعالم، ولا يجوز أن تقام لجنة تحقيق لا تتطرق إلى هذا القرار ونتائجه. ولذلك قرر أخذ زمام المبادرة والتحقيق في الموضوع بنفسه. وكانت لجنة التحقيق التي أقامتها الحكومة برئاسة القاضي المتقاعد، يعقوب تيركيل، قد عقدت أول من أمس اجتماعاتها في القدس، وذلك للتعارف ولوضع المباديء الأساسية لعملها وتوزيع المناصب والمهمات بين أعضائها. لكن الإسرائيليين لم يتعاطوا معها بمزيد من الجدية، بسبب قبول أعضائها العمل بلا صلاحيات جدية. وركزوا أكثر على حقيقة أن معدل أعمار الأعضاء هو 86 عاما (رئيس اللجنة هو الأكثر شبابا وعمره 75 عاما والعضوان الآخران في الـ 93 والثاني في الـ 86 من العمر). من جهة ثانية، عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية، أمس، جلسة مطولة لبحث الاقتراحات الجديدة لكسر الحصار على قطاع غزة. ولكنه لم يتمكن من حسم موقفه ازاء تلك المقترحات. وسيجتمع مرة أخرى صباح اليوم لكي يبت بها. وتبين أن هناك خلافات بارزة بين الوزراء حول كيفية التعامل مع الضغوط الدولية المطالبة بكسر الحصار تماما. فهنالك من يرفض هذه الضغوط ويقترح أن تتمسك إسرائيل بمواقفها وتربط مسألة فك الحصار بمسألة الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شليط، وذلك نزولا عند رغبة عائلة شاليط وحركة التضامن معه. فهما تمارسان ضغوطا جماهيرية على الحكومة، ستبلغ أوجها يوم الأحد المقبل عندما تنطلق عائلة شاليط في مسيرة مشي تستغرق خمسة أيام، من بيته في أعالي الجليل وحتى بيت رئيس الحكومة نتنياهو في القدس، حيث ستعتصم هناك إلى حين يطلق سراح ابنها. وقال الوزير موشيه يعلون، الذي يعبر عن هذا الموقف المتشدد، إن الحكومة ستحاصر بعشرات ألوف الناس الذين سيلتفون حول مسيرة شاليط هذه. وهؤلاء الناس أهم لإسرائيل من الضغوط الخارجية. ولكن في المقابل، هناك وزراء أيدوا رفع الحصار بعضهم من منطلقات إنسانية ودولية أمثال وزراء حزب العمل، وبعضهم من منطلق «سحب البساط من تحت أقدام أعداء إسرائيل الذين يستغلون الحصار للتحريض علينا». وجرت النقاشات في المجلس، في حين كان مكتب نتنياهو ومكتب باراك ينسقان مع ممثل الرباعية الدولية توني بلير، حول بنود الاتفاق المفترض التوصل إليه لكسر الحصار. ومن ضمن ذلك، وضع قائمة جديدة بالبضائع التي يحظر دخولها إلى قطاع غزة وترتيب عملية تفتيش سفن الإغاثة التي تتوجه إلى القطاع وعملية فتح المعابر القائمة بين إسرائيل وقطاع غزة ونوعية المواطنين الذين سيسمح بدخولهم أو خروجهم إلى القطاع. وتبين أن إسرائيل تصر على استمرار الحصار البحري، وتطلب أن تصل جميع السفن إلى ميناء أسدود للتفتيش. وقالت إنها لا تمانع أن يفتشه مراقبون دوليون، بينما بلير طلب أن يتم التفتيش في ميناء آخر، مصري أو قبرصي بمشاركة إسرائيلية رمزية. وأن إسرائيل ترفض فتح معابرها وتفضل أن يتم التركيز على معبر رفح، وهو الأمر الذي رفضته مصر باعتباره تكريسا للانقسام الفلسطيني وطلبت فتح المعبر الآمن بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهو الأمر الذي ترفضه إسرائيل «ما دامت حماس تسيطر على القطاع». كما أن إسرائيل تصر على عدم إدخال الاسمنت ومواد البناء إلا لمشاريع الأمم المتحدة مع رقابة دولية، بينما بلير يطلب إدخال الاسمنت ومواد البناء لكل الأغراض المدنية بإشراف دولي. يذكر أن نتنياهو كان قد أوكل إلى وزير المواصلات، يسرائيل كاتس أن يضع خطة للمعابر. فصرح بأن خطته تقضي بإغلاقها جميعا واستخدام معبر رفح وحده. وعندما سئل عن تبعات هذا الرأي الذي يتناقض مع اتفاقات أوسلو التي تتحدث عن قطاع غزة والضفة الغربية كوحدة جغرافية وسياسية واحدة، أجاب: «اتفاقات أوسلو انتهت. وسيطرة حماس على القطاع خلقت وضعا جديدا». وأثار هذا الموقف المصريين، فهاجمه وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط، واعتبره تدميرا للاتفاقيات الدولية. فسارع نتنياهو إلى إصدار بيان، أمس، يتنصل فيه من هذا الاقتراح ويقول إنه اقتراح شخصي يعبر عن رأي كاتس الشخصي ولا يعبر عن موقف الحكومة.