قرار إسرائيل طرد أعضاء «التشريعي» المقدسيين يثير مخاوف من تهجير الآلاف

نواب القدس الأربعة يتحركون بلا هوياتهم الزرقاء وينتظرون قرارا قضائيا بالبقاء

TT

يتحرك نواب مدينة القدس الأربعة في المجلس التشريعي الفلسطيني، وجميعهم من حركة حماس، من دون هويات أو أوراق ثبوتية منذ بداية يونيو (حزيران) الحالي، بعدما سحبت إسرائيل هوياتهم الزرقاء (الإسرائيلية)، وأبلغتهم بقرار ترحيلهم عن المدينة حتى بداية الشهر القادم.

ورغم أن مسألة سحب المواطنة من فلسطينيي القدس أو خارجها، ليست سياسة إسرائيلية جديدة، وطالت آلافا منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967، فإن هذه هي المرة الأولى التي تقرر فيها إسرائيل سحب هويات فلسطينيين وطردهم من القدس بسبب نشاطهم السياسي.

في غضون ذلك، طلبت حركة حماس تدخلا دوليا لمنع الترحيل. وتعهد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي أندرسون جونسون، بالسعي إلى وقف قرار إبعاد النواب المقدسيين، وقال إنه سيخاطب الحكومة الإسرائيلية في هذا الصدد لوقف قرارها غير القانوني.

وتركت الخطوة مخاوف كبيرة من أن تفتح الباب أمام طرد نخبة كبيرة من السياسيين والناشطين في المدينة، وآلاف المقدسيين الآخرين.

وقال النائب في المجلس التشريعي خالد أبو عرفة، الذي طلب منه مغادرة المدينة قبل الثالث من يوليو (تموز) القادم، لـ«الشرق الأوسط»: «نتحرك في دائرة ضيقة للغاية، لا نحمل أي هويات أو أوراق ثبوتية، باستثناء قرار مكتوب بترحيلنا عن المدينة». وأضاف «لا نريد أن نغامر، الشرطة قد لا تتعامل مع هذا الوضع، وأحدنا اضطر للانتظار 3 ساعات حتى أنهت الشرطة اتصالاتها للتأكد من طبيعة الورقة التي يحملها».

واستدعي أبو عرفة مع رفاقه الثلاثة، محمد أبو طير ومحمد طوطوح وأحمد عطون، في أوقات متفاوتة نهاية الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي، إلى مقر التحقيق الإسرائيلي في مركز المسكوبية، وهناك سحبت هوياتهم الشخصية وحتى رخص القيادة التي يحملونها، وسلموا كتبا رسمية بمغادرة القدس تنفيذا لقرار صادر قبل 4 سنوات.

وقال محامي النواب، فادي القواسمي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الشرطة الإسرائيلية استبقت جلسة مقررة في سبتمبر (أيلول) القادم للبت في أوامر وزير الداخلية الأسبق، بسحب هويات النواب الأربعة».

وكان وزير الداخلية الأسبق قد أصدر أوامر بسحب هويات النواب الأربعة بعد رفضهم تقديم استقالتهم من التشريعي بعد انتخابهم مطلع عام 2006.

وقال القواسمي، «منذ ذلك الوقت لم تأخذ المحكمة قرارا في الأمر، وأجلته حتى شهر سبتمبر، والآن قررت الشرطة تنفيذ القرار حتى قبل صدور أمر قضائي».

وقدم القواسمي التماسا للمحكمة الإسرائيلية بوقف تنفيذ القرار الحالي بطرد النواب قبل البت في المسألة قضائيا.

ومن المفترض أن ترد المحكمة اليوم على الالتماس الذي قدمه النواب المقدسيون، بعد أن طلبت من الادعاء تقديم تفسير للأمر.

وأضاف القواسمي «أتوقع أن يعطونا الرد الخميس (اليوم) أو الجمعة (غدا)».

وإذا ما أيدت المحكمة إجراءات الشرطة الإسرائيلية فإن على النواب البدء في مغادرة القدس، وإذا ما رفضت القرار فإن عليهم الانتظار حتى سبتمبر القادم.

ووصف القواسمي قرار سحب هويات النواب المقدسيين وطردهم بأنه غير قانوني، وقال إنه «مخالف للقانونين الدولي والإسرائيلي. وقلنا هذا في القضية المرفوعة في المحكمة».

ويرى أبو عرفة أنه إذا ما نفذ القرار فإنه «سيفتح الباب على مصراعيه لتهجير آلاف الفلسطينيين»، وعقب بالقول «سيصبح البحث عن أسباب بالنسبة إليهم (الإسرائيليين) أسهل».

وأنذرت السلطات الإسرائيلية شفهيا الأسبوع الماضي مسؤول حركة فتح في القدس، ووزير المدينة الأسبق حاتم عبد القادر، ورئيس نادي الأسير ناصر قوس، بملاقاة مصير نواب حماس نفسه.

وقال أبو عرفة «إنهم (الإسرائيليين) لا يستهدفون حماس فقط في القدس، إنهم يستهدفون الجميع.. كل الفلسطينيين، حتى الأطفال الذين يرفضون الآن تسجيل الآلاف منهم في بطاقات هويات آبائهم».

وبحسبه فإن النيابة الإسرائيلية تعد قائمة من 315 شخصية فلسطينية مؤثرة في القدس، سيتم سحب هوياتهم بالطريقة نفسها، أي «لأسباب سياسية».

واستخدمت السلطات الإسرائيلية شتى الطرق لتهجير الفلسطينيين من المدينة التي يشتد فيها الصراع الديموغرافي والسياسي والديني. ومن بين الطرق التي استخدمتها إسرائيل هدم المنازل وسحب الهويات وبناء مزيد من المستوطنات والتضييق على الفلسطينيين اقتصاديا وتعليميا واجتماعيا.

وتنظر السلطة بخطورة إلى قرار إبعاد النواب. وحذر رئيس دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد قريع من القرار الإسرائيلي الجديد الرامي إلى إبعاد النواب المقدسيين عن مدينتهم.

واعتبر قريع في تصريح مكتوب أن القرار «يأتي ضمن سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين المقدسيين وتهجيرهم من المدينة عبر سلسلة من السياسات المبرمجة والممارسات والإجراءات القمعية المخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية وحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة».

وقال إن «هذه السياسة مستمرة ومن دون توقف في عملية تهويد القدس وتغيير معالمها التاريخية والدينية والحضارية والعمل على تحويلها إلى مدينة يهودية بمختلف الوسائل والإجراءات». وأضاف «من بين هذه الإجراءات تدمير المنازل وسحب الهويات ومعاملة المقدسيين كمقيمين أجانب في مدينتهم، وفرض الضرائب والرسوم الباهظة، والاستمرار في سياسات الاستيطان والتوسع الاستيطاني، والعزل والفصل والإغلاق».

وحذر قريع من السكوت على هذا القرار الذي «يستهدف المواطنة الفلسطينية الأصيلة والممتدة في جذور التاريخ وعمقه»، موضحا أن «إبعاد أعضاء المجلس التشريعي عن مدينتهم المقدسة سيؤدي إلى إبعاد جميع الشخصيات الوطنية الفلسطينية عن المدينة».