النيابة العسكرية الإسرائيلية تقرر محاكمة جندي قتل فلسطينيتين في غزة

قريب المرأتين: كنا نرفع العلم الأبيض عندما أطلق الرصاص علينا

TT

بعد نحو سنة ونصف السنة من الحرب العدوانية على قطاع غزة، قررت النيابة العسكرية البدء بإجراءات تمهيدية لمحاكمة أحد الجنود بتهمة قتل امرأة فلسطينية وابنتها رغم انهما كانتا تلوحان بعلم أبيض.

فقد استدعت النيابة الجندي لسماع أقواله في المرحلة الأخيرة قبل المحاكمة، علما بأنه كان قد ادعى في التحقيق أنه أطلق الرصاص عندما شعر بالخطر على حياته. والحديث يجري عن يوم 4 يناير (كانون الثاني) 2009، عندما كانت قوة عسكرية من لواء جبعاتي تحتل أحد أحياء قطاع غزة. وأطلقت عدة قذائف باتجاه بيت عائلة حجاج. وحسب رواية يوسف حجاج (31 عاما)، فإنه وأسرته هربوا من البيت إلى باحة بيت عائلة الصفدي الواقع على بعد 400 متر. ولكن قذيفة أخرى أطلقت باتجاه بيوت آل الصفدي، «فاضطررنا إلى المغادرة من جديد. ورفعت شقيقتي ماجدة وجارنا السيد أحمد الصفدي علما أبيض صنعناه من شرشف السرير».

ويضيف يوسف حجاج أن المجموعة ضمت 27 شخصا نصفهم من الأطفال، «ولكن ذلك لم يردع الجندي الإسرائيلي عن تصويب بندقيته باتجاهنا وإطلاق الرصاص مرتين. في الأولى سقطت شقيقتي ماجدة جريحة (35 عاما). وقبل أن نفكر في رفعها عن الأرض وأخذها لتلقي الإسعاف، أطلق الرصاص علينا مرة أخرى. وراحت والدتي، ريا حجاج (61 عاما)، تصيح: أصابوا ماجدة.. أصابوا ماجدة.. ولكن زخ الرصاص تزايد فهربنا.. تاركين ماجدة وراءنا. ثم سقطت والدتي نفسها مخضبة بالدماء ولم نستطع إنقاذها هي الأخرى». وأعرب يوسف عن قناعته بأن القتل في هذه الحالة كان متعمدا ويندرج في إطار جرائم الحرب. وقال إنه «لم تكن توجد أحداث غير عادية في ذلك الحي ولم تكن هناك أية مقاومة».

الجندي من جهته يدعي في التحقيق أنه أطلق الرصاص لأن كل واحد يعرف أن الظروف كانت ظروف حرب ولم يكن مسموحا بالوجود في الشوارع، ولكن النيابة العسكرية، التي تصارع في مؤسسات الأمم المتحدة على تبعات تقرير غولدستون، الذي حقق في أحداث تلك الحرب وتوصل إلى الاستنتاج أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، وجدت نفسها مضطرة إلى محاكمته. وقالت النائبة العسكرية السابقة، بنينا شربيت: «إن كل جندي إسرائيل مزود بالتعليمات والتحذيرات التي يفهم منها أنه سيحاكم إذا خالف القانون. وهنا توجد كما يبدو مخالفة واضحة للقانون».

بيد أن هذا القرار من النيابة جوبه بعاصفة من الانتقادات داخل الجيش وفي صفوف الجنود الذين شاركوا هذا الجندي في القتال. وقالوا إن النيابة العسكرية تحاول التفتيش عن قرابين صغار حتى لا توجه الاتهامات للكبار. وقال أحد الجنود في الاحتياط، يائير بلوخ (29 عاما)، لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن الجنود كانوا في خطر طول الوقت وقراراتهم بإطلاق الرصاص كانت دائما نابعة من هذا الخطر. ولذلك لا يجوز أن يحاكموا وهم في هذا الوضع.