وزير مغربي: يجب عدم النظر إلى الجالية المغربية المهاجرة بنظارات الماضي

عامر يقول إن طبيعتها اليوم تغيرت ولم تعد مقتصرة على العمال

محمد عامر وزير الجالية المغربية بالخارج يتحدث خلال لقاء مع عدد من ابناء الجالية في لندن («الشرق الأوسط»)
TT

يسابق محمد عامر، وزير الجالية المغربية بالخارج، الزمن من أجل التواصل مع المغاربة القاطنين في المهجر، والذي يبلغ عددهم نحو 5 ملايين مهاجر، ومتابعة ومعالجة مشكلاتهم أو جزء منها في أرض الوطن.

وقال عامر، في لقاء مع الجالية المغربية في بريطانيا جرى مساء أول من أمس في لندن، إن المغرب الذي عرف تطورا ملموسا في جميع الصعد، وتغير من حسن إلى أحسن، وطرح كل الملفات للنقاش، ارتأت حكومته بقيادة الملك محمد السادس أن تقدم مقاربة جديدة في التعامل مع ملف مغاربة الخارج لأن الجالية المغربية في المهجر اليوم ليست هي نفس جالية الأمس، مشيرا إلى أن عدد المغاربة في الخارج زاد بشكل كبير، وأن مشاريعهم على المستوى المهني تغيرت كثيرا.

وشدد عامر على القول إنه لا يمكن النظر إلى الجالية المغربية في المهجر اليوم بنظارات عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، مشيرا إلى أن طبيعة الجالية تغيرت ولم يعد الأمر مقتصرا على العمال، بل ظهرت نخب كثيرة جعلت من نسبة اليد العاملة المهاجرة محدودة.

وذكر عامر أن الجالية المغربية في المهجر عرفت تنوعا من حيث الأجيال، مشيرا إلى أن هناك الجيل الأول والثاني.. والرابع، وأن طموحات كل جيل تختلف عن الجيل الآخر.

وتحدث عامر عن الإصلاحات التي يعرفها المغرب، وقال: «لا بد أن تكون قضايا الجالية موضوع إصلاحات»، قبل أن يضيف: وهذا ما تعمل عليه الحكومة حاليا.

وأشار عامر إلى أن هذه التغييرات دفعت الحكومة إلى تغيير منظورها إزاء التعامل مع الجالية في المهجر، وقال: «لا يمكن التعامل معها فقط خلال الصيف حينما تحل بأرض الوطن لقضاء عطلة الصيف». وزاد قائلا: «يجب أن تكون عندنا رؤية إزاء كيف ستكون العلاقة بين المغرب وجاليته بعد 20 سنة».

وذكر عامر أن الحكومة وضعت برنامجا للتعامل مع ملف الجالية مبنيا على رؤية تقوم على أساس محورين: الأول: يكمن في أن الناس مستقرون بصفة دائمة في المهجر، وبالتالي كيف يمكن للحكومة أن تدعمهم وتواكبهم وتجعل اندماجهم في دول الإقامة ناجحا. والثاني: يقوم على أساس مواكبة اندماجهم وتوطيد الأواصر مع الوطن.

وأوضح عامر أن الحكومة المغربية أعطت اهتماما كبيرا لكل ما هو ثقافي من أجل حفاظ الجالية المغربية في المهجر على علاقتها مع الوطن.

وتطرق عامر إلى انتظارات شباب المهجر، وقال إنهم لا ينتظرون من الحكومة المغربية حل مشكلات الشغل والمشكلات الاجتماعية في بلدان الإقامة بل يرغبون في تعلم اللغة العربية، والاطلاع على التعاليم الصحيحة للدين الإسلامي، والارتباط المتواصل بما يجري داخل الوطن.

وأضاف أن الأجيال الجديدة من المهاجرين لا يعرفون بلدهم بشكل جيد، مشيرا إلى أن الدولة المغربية اتخذت مجموعة من التدابير، وقامت ببعض المجهودات في مجال تعليم اللغة العربية وتلقين تعاليم الدين، وعينت 600 أستاذ في دول المهجر. بيد أن عامر قال إن مقارنة هذا العدد من الأساتذة مع حاجيات المهاجرين هو مثل نقطة في البحر. وأشار إلى أن الرهان حاليا قائم على جمعيات تدريس اللغة ونشر الثقافة.

وأشار عامر إلى أنه تم اتخاذ بعض الإجراءات ليستقبل المغرب خلال هذه السنة 600 شاب مغربي مقيم بالخارج مقابل 200 شاب العام الماضي، وذلك في إطار برنامج يروم تمكين هؤلاء الشباب من الاطلاع أكثر على الخطوات التي قام بها المغرب لتعزيز توجهه كبلد حداثي ومنفتح ومتسامح وديمقراطي.

وتحدث عامر عن إنشاء مراكز ثقافية مغربية في دول المهجر، وقال إن الهدف من إقامتها هو تقريب المغرب وثقافته وقيمه لهؤلاء الشباب الباحثين عن الهوية. وزاد قائلا: «إن تعزيز روابط الجالية المغربية بالوطن يعتبر واجبا أخلاقيا».

وذكر أن هناك مراكز ثقافية يجري إنجازها على قدم وساق في بروكسل، وبرشلونة، ومونتريال، وباريس، وطرابلس، وتونس.

وتم التطرق إلى هذه النقطة بالتحديد خلال المباحثات التي أجراها الوزير المغربي مع جيمس هازبند، عمدة كينسينغتون وتشيلسي، وهي منطقة تقع غرب لندن، ويقطنها نحو 10 آلاف مغربي. ومن ناحية أخرى، استعرض عامر المبادرات المتعددة التي اتخذتها السلطات المغربية لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج، الراغبين في إطلاق مشاريع بالمغرب.

وأشار إلى إحداث صندوق «إم دي إم إنفيست» الذي يمكن المستثمرين المغاربة المقيمين بالخارج، الذين يؤمنون 25 في المائة من التكلفة الإجمالية للمشروع، من الاستفادة من مساعدة الدولة بنسبة 10 في المائة، ومن تمويل مصرفي بنسبة 65 في المائة، بنسبة فائدة ضعيفة، بالإضافة إلى إنشاء صندوق للمساعدة على اقتناء مساكن.