«عسكر طيبة» الباكستانية تمد نفوذ عملياتها إلى داخل أفغانستان

صنعتها وكالة الاستخبارات العسكرية الباكستانية لمواجهة الهند خارج حدود كشمير

TT

وسعت جماعة عسكر طيبة الباكستانية، التي تستهدف المصالح الهندية، من نطاق عملياتها في أفغانستان، سواء على نطاق العمليات أو بناء معسكرات التدريب مما أضفى المزيد من التوتر على العلاقات بين الهند وباكستان.

وأشار مسؤولون استخباراتيون أجانب وأفغان ودبلوماسيون في كابل، إلى وقوف جماعة عسكر طيبة، وراء تخطيط وتنفيذ الهجمات الثلاث الكبرى ضد موظفي الحكومة الهندية والعاملين في الشركات الخاصة في أفغانستان خلال الشهور الأخيرة.

كما تقف الجماعة وراء الهجمات المتزامنة التي استهدفت الكثير من الأهداف المدنية في مومباي بالهند في عام 2008 التي راح ضحيتها 163 شخصا. وتقدم الهجمات الأخيرة في أفغانستان دلالة جديدة على تزايد رغبات الجماعة، التي صنعتها وكالة الاستخبارات العسكرية الباكستانية كذراع لها قبل عقود في مواجهة الهند حتى خارج حدود كشمير المتنازع عليها.

على الصعيد الرسمي يقول المسؤولون الباكستانيون إنهم توقفوا عن دعم وتمويل الجماعة. لكن «عسكر طيبة» وسعت من نشاطاتها في أفغانستان خصوصا ضد أهداف هندية وعززت الشكوك في تحولها إلى أحد وكلاء باكستان في مقاومة النفوذ الهندي في البلاد. وتقدم التفجيرات دلالة أخرى على المدى الذي تعمل من خلاله الجماعات المقاتلة الباكستانية لتحديد نتائج الحرب الأفغانية لدى اقتراب الموعد النهائي لبدء الانسحاب الأميركي من أفغانستان المحدد في يوليو (تموز) 2011. وخلال الآونة الأخيرة صرح مسؤولون متقاعدون بالجيش الباكستاني معروفون بأنهم وجهوا هجمات مومباي، وبعض عناصر جماعة عسكر طيبة، بأن خطا دقيقا يفصل بين الجماعة وقادتهم الدائمين في المؤسسة الأمنية الباكستانية. ويقول بعض المسؤولين الاستخباراتيين إن من المحتمل أيضا أن تكون بعض فصائل «عسكر طيبة» قد انفصلت عن قادتها وتعمل بصورة أكثر استقلالية على الرغم من قول السلطات الهندية والأفغانية إن التركيز على الأهداف الهندية يفسر على أنه تحد مباشر من باكستان. وقال شايدا عبد لي، نائب مستشار الأمن القومي الأفغاني: «ما يقلقنا هو وجود لاعبين آخرين يحاولون استخدام الأراضي الأفغانية في حرب وكالة. فبعض الجهات تستخدم هذه المجموعات لمحاربة خصومها».

ويرى عدد من الخبراء الآن أن «عسكر طيبة» باتت أكثر تهديدا لأفغانستان من «القاعدة» لأن ناشطيها من أهل المنطقة ويصعب كشفهم أكثر من العرب الذين يشكلون «القاعدة». كان وجود «عسكر طيبة» خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة في أفغانستان مقتصرا على بعض الخلايا ولم تركز على الأهداف الهندية، وكان وجودهم حتى وقت قريب يبدو منعدما. وقد أدرج الكونغرس في تقريره الأخير حول أفغانستان جماعة عسكر طيبة على قائمة التهديدات الإرهابية في أفغانستان. ووصف الجماعة خلال جلسة استماع الكونغرس التي عقدت في مارس (آذار)، بأن أهدافها تتجاوز الهند. وقال مسؤول في استخبارات «الناتو»، رفض الكشف عن هويته لأنه لا يحمل تفويضا بالحديث إلى الصحافة حول القضية: «إنهم ينشطون في ستة أو ثمانية أقاليم. وهم الآن أكثر اهتماما بمحاربة المصالح الهندية، لكنهم قادرون على تنفيذ هجمات على الأهداف الدولية مقابل المال أو النفوذ أو التحالف مع المجموعات الأخرى».

ويرى خبراء الإرهاب أن قدرات «عسكر طيبة» تنامت خلال السنوات الأخيرة في أعقاب نقل الجماعة قاعدة عملياتها إلى منطقة القبائل الباكستانية، حيث تتبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب والخبرات مع الجماعات المسلحة الأخرى مثل «القاعدة» و«طالبان» وشبكات التمرد التابعة لسراج الحق. وقال مسؤول في الاستخبارات الباكستانية: «انشق الكثير من عناصر (عسكر طيبة) واتجهوا إلى جنوب وزيرستان، وأن هناك الكثير من الانشقاقات من جانب المجموعات الأكثر تشددا. والمشكلة ليست في (عسكر طيبة) ذاتها، بل في عناصرها التي انشقت واتخذت طريقها إلى جنوب وزيرستان». في هذه المنطقة الممتدة على الحدود الأفغانية الباكستانية غير الخاضعة لسيطرة القانون، يمكن لـ«عسكر طيبة» أن تساعد المجموعات الأخرى في التخطيط لهجمات معقدة ضد أهداف أفغانية ودولية ربما في مقابل بعض المعلومات عن الأهداف الهندية من حلفائها الذين يوجد عملاؤهم في أفغانستان. الأهداف الهندية سهلة العثور عليها. فبعد الإطاحة بـ«طالبان» عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والقوات الدولية في عام 2001 ضخت الهند مليارات الدولارات في صورة مساعدات تنموية كان من ضمنها إنشاء البرلمان الأفغاني الجديد والكثير من مشروعات الكهرباء الرئيسة ومشاريع الطرق.

كما أعادت أيضا تفعيل قنصلياتها في أربع مدن أفغانية رئيسة - هيرات ومزار شريف وجلال آباد وقندهار - لتغذية المخاوف الباكستانية بالتطويق من قبل جارتها المعادية والشكوك بأن الهند تستخدم أفغانستان كمركز تنصت لجمع المعلومات الاستخباراتية. وتساءل مسؤول استخباراتي باكستاني: «ما الذي تفعله قنصلية في الهند على الرغم من عدم وجود جالية هندية بها؟!»، وزعم أن الهند تقدم الأموال والذخيرة والمتفجرات لـ«طالبان» الباكستانية في المناطق القبلية وتهربها عبر أفغانستان، لكن الهند نفت هذه المزاعم. وقال مارفن وينبايوم، المحلل في معهد الشرق الأوسط الذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس في مارس حول تزايد الخطر الذي تشكله جماعة عسكر طيبة: «إنه مسألة عقيدة راسخة في التفكير الباكستاني، من أن الهند ستنتهز أي فرصة لإلحاق الضرر بباكستان». وذكر وينبايوم وآخرون أن الهند دعمت مقاتلي التحالف الشمالي ضد «طالبان» خلال حكم «طالبان» - حليف باكستان - لأفغانستان وحافظت على علاقاتها الوثيقة بقادة التحالف الشمالي السابق. وقد عززت هذه العلاقة من المخاوف الباكستانية بأن الهند ستحول أفغانستان إلى وكيل لها بمجرد مغادرة الولايات المتحدة أفغانستان.

* خدمة «نيويورك تايمز»