قرغيزستان على شفير كارثة إنسانية ومبعوث أميركي إلى المنطقة

المساعدات الدولية تصل إلى اللاجئين.. ودعوات لـ«حل سياسي» للأزمة

TT

بدأت المساعدات الإنسانية تصل، أمس، إلى اللاجئين الأوزبك الهاربين من أعمال العنف العرقية في قرغيزستان، بينما بات وضعهم مهددا بأن يتحول إلى كارثة، بحسب الأمم المتحدة. وقد تدفق آلاف النازحين الأوزبك من قرغيزستان إلى حدود أوزبكستان التي قررت إغلاقها بعد المواجهات في جنوب قرغيزستان التي أسفرت عن سقوط 187 قتيلا على الأقل.

ووسط حرارة شديدة تجمع مئات الأشخاص معظمهم من النساء والأطفال حول جسر يربط بين البلدين تم إغلاقه بكتل ضخمة من الإسمنت والأسلاك الشائكة في قرية فيلكيسيم على بعد 5 كيلومترات من أوش، ثاني مدن قرغيزستان وإحدى بؤر أعمال العنف التي اندلعت يوم الجمعة الماضي.

ولم تنصب سوى 5 أو 6 خيام فقط في الموقع، بينما يستخدم صهريج قديم يعلوه الصدأ كمصدر وحيد للمياه. وقالت غوليا الثلاثينية بإلحاح: «فليرسلوا لنا جنودا لحفظ السلام. لا يمكننا أن نعود إلى منازلنا. الأمر خطير جدا، كما أن منازلنا تم حرقها». وأضافت غوليا، التي على غرار كثيرين غيرها لم تشأ كشف اسم عائلتها خشية أن يتم التعرف عليها: «لا يمكننا الوثوق في الجيش ولا في الشرطة. لقد حولوا أوش إلى مقبرة. أخفينا الفتيات في الأقبية حتى لا يتم اغتصابهن».

من جانبه، روى مخيديل الأربعيني: «لا نتلقى أي مساعدة. ننام في الشارع مع الأطفال حتى تحت المطر. لقد مضت 5 أيام علينا هنا ولم يأت أحد. الناس هنا يتضورون جوعا وعطشا، كما أنه ليس لدينا أدوية».

وفي المدينتين الكبريين في جنوب قرغيزستان، أوش وجلال آباد، ساد، أمس، هدوء حذر على ما يبدو. لكن في الليلة قبل الماضية، تحدث سكان عن سماع أصوات طلقات رصاص دون أن يحددوا الجهة التي أطلقت النيران. وكتب باللون الأحمر على واجهة بعض المنازل في مدينة أوش «الموت للأوزبك»، بينما انتشرت حاملات الجند المدرعة في شوارع المدينة. وطلب من جندي قرغيزي تقييم الموقف الأمني فقال «كل شيء نسبي».

ولم تعد أوزبكستان التي استقبلت أكثر من مائة ألف لاجئ بعد المواجهات، تستقبل سوى الجرحى. ونزح نحو 275 ألف شخص، كما تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وقد وصلت أول طائرة محملة بالمساعدات الإنسانية الدولية، أمس، إلى انديجان شرق أوزبكستان، وكانت تقل 800 خيمة قدمتها المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في وزارة الأوضاع الطارئة الأوزبكستانية. ودعا رئيس المفوضية العليا للاجئين، أنطونيو غوتيريس، لتقديم المساعدة الدولية من أجل تفادي أن تتحول «مأساة» المواجهات العرقية إلى «كارثة»، مشددا على ضرورة «إيجاد حل سياسي».

من جهتها، أرسلت وزارة الأوضاع الطارئة الروسية، أمس، ثلاث طائرات شحن محملة بالمواد الغذائية والأغطية إلى قرغيزستان، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الروسية. بدورها خصصت الولايات المتحدة 10.3 مليون دولار لتقديم أدوية ومساعدة غذائية وزراعية بحسب سفارتها في قرغيزستان.

وعرضت «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي تضم دولا سوفياتية سابقة، إرسال مروحيات ومعدات لمساعدة الحكومة القرغيزية المؤقتة على وقف العنف، ولمحت إلى أنها قد ترسل قوات بعد ذلك. ويشكل خطر نشوب حرب أهلية في قرغيزستان اختبارا لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تهيمن عليها روسيا في التعامل مع صراع يجري في دولة عضو فيها.

إلى ذلك، قررت الولايات المتحدة، التي تملك قاعدة عسكرية في قرغيزستان تعد مهمة لعملياتها في أفغانستان، إيفاد مبعوث إلى المنطقة. وكان مقررا أن يزور المبعوث روبرت بليك، المكلف شؤون آسيا الوسطى والجنوبية في الخارجية الأميركية، طشقند عاصمة أوزبكستان ووادي فرغانا قرب الحدود مع قرغيزستان، أمس، قبل التوجه يوم غد، الجمعة، إلى بشكيك، «حيث سيجري مشاورات مباشرة مع الحكومة السبت»، بحسب وزارة الخارجية الأميركية. وأضاف متحدث باسم الخارجية الأميركية أن «الأزمة الإنسانية تتفاقم ونحن مستعدون لمواجهتها». واعتبر محللون والحكومة الانتقالية في قرغيزستان أن العامل العرقي ليس الوحيد المسؤول عن أعمال العنف.

واتهمت الحكومة مرة أخرى، أمس، جماعة الرئيس كرمان بك باقييف الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في أبريل (نيسان) الماضي، بالوقوف وراء الاضطرابات العرقية. أما في بشكيك العاصمة فقد أعلنت الشرطة توقيف 111 شخصا «متهمين بمحاولة زعزعة الاستقرار».